عاصفة الحزم .. الأسباب والمسوغات القانونية 

د. عبدالكريم سلام
الأحد ، ٢٤ مارس ٢٠١٩ الساعة ٠٨:٢٣ مساءً


أدى اجتياح  المحافظات اليمنية والسيطرة على  العاصمة من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران إلى فرض أوضاع جديدة،خاصة بعد سيطرتها  على المؤسسات والهيئات  العامة ومحاصرة  مؤسسات الرئاسة والحكومة والوزارات الشرعية باستخدام القوة ودخول إيران بشكل صريح  كطرف  داعم ومساند للانقلاب  .


ولأن استخدام القوة تجاه أراضي واستقلال الدول الأخرى محظور بموجب ميثاق الأمم المتحدة ،إذ جاء في الفقرة الرابعة من المادة الثانية في (( ميثاق الأمم المتحدة 
يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد "الأمم المتحدة )) وبالنظر إلى طبيعة الانقلاب على السلطة الشرعية  والدستورية التي قام بها الحوثيون وسيطرتهم على مؤسسات الدولة وعلى  السلطة بالقوة  وتنصيب أنفسهم بديلا عن المؤسسات الشرعية  بدعم ايراني  فإن واقع الحال فرض على المجتمع الدولي  التدخل للحفاظ على السلام والأمن الدوليين الذي نشأت من أجله ولأجله الأمم المتحدة وفق ما نصت عليه المادة الأولى من مياه الأمم المتحدة (( حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها ))
وبناء عليه فإن الانقلاب على السلطات الدستورية الشرعية وما ترتب عليه من  من خطورة تمس استقلال وسيادة الدولة اليمنية،  فضلا ،عما حملته من تداعيات وتأثيرات إقليمية تهدد دول المنطقة  والإقليم  وتزعزع استقراره وتعرض الامن  والسلم الدوليين  لمخاطر حقيقية .
أمام واقع الال أصبح  الدفاع  النفس ورد العدوان على الدولة اليمنية أمرا ملحا يستوجب استخدام كافة التدابير والإجراءات التي من شأنها حماية استقلال واستقرار الدولة اليمنية وإعادة السلطة  الشرعية المنتخبة لممارسة مهامها الدستورية .
 على هذا الاساس ونتيجة للسيطرة غير المشروعة على السلطة  باستخدام القوة واحتكار مصادر العنف غير المشروع من قبل مدبري ومنفذي  الانقلاب التام على كل مؤسسات ومرافق ظهر واقع ظهر واقع جديد هو الاستيلاء على الحكم بقوة السلاح. من جهة  وأمام حتمية مواجهة الأمر الواقع وهو سلوك الطريق القانونية التي يضمنها القانون الدولي لردع هذه المغامرة غير محسوبة النتائج من جهة أخرى وهو  المرتكز الأساسي والسند القانوني  الذي استندت عليه السلطة الشرعية والدستورية والتحالف المساند للشرعية بمقتضى المواثيق الدولية ،ولاسيما المادتين سالفتي الذكر،والمادة ( 51 ) من ميثاق الأمم المتحدة التي اجازت استخدام القوة للدفاع عن النفس ورد العدوان  الذي أضحى واقعا فرضه  الانقلابيون الحوثيون  .

   فالضرورة الواقعية  اوجبت طلب العون والمساعدة من مجلس الامن ومن المجتمع الدولي و من الدول الإقليمية وهي أن المليشيات ذراع إيران الرئيسي أصبحت المسيطر الفعلي على السلطة وعلى جغرافية سياسية تضم أهم ممر استراتيجي  مضيق باب المندب الذي يمر عبره أكثر من 30 % من موارد الطاقة .
وهذا التحول بات له تداعياته وارتداداته، لاسيما بعد أن بدا واضحا ومؤكدا مدى حضور إيران في اللعبة التي ينفذها الحوثيون وتدبرها وتتحكم بها طهران  والتي عبر عنها اكثر من مسؤول ايراني فمندوب مدينة طهران  في البرلمان الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي أعلن عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعا : أن  العاصمة اليمينة صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، مبيناً أن ثورة الحوثية في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية وهو ما كرره لاحقا وزير الاستخبارات السابق في حكومة محمود نجاد حيدر مصلحي:  " إن إيران تسيطر فعلا على أربع عواصم عربية ...وثورة إيران لاتعرف الحدود وعي لكل الشيعة "مؤكدا أن جماعات الحوثي هي إحدى نتاجات الثورة .
وفي السياق ذاته وإلى جانب تصريحات المسؤولين أطلق رجال دين إيرانيين تصميم تصريحات مشابه وأشد لهجة منها.

ومن اجل تعزيز الحضور الإيراني في اليمن  وأحكام سيطرته على العاصمة صنعاء  عمل الحوثيون على تدشين جسر جوي بين طهران وصنعاء بتوقيع مذكرة لتسيير 28 رحلة بين صنعاء وطهران أسبوعياً تمنح بموجبها شركتي الخطوط الجوية اليمنية، و”ما هان إير” الإيرانية، حق تسيير رحلات مباشرة بين البلدين.
ونصت مذكرة التفاهم، على تسيير 14 رحلة أسبوعياً في كل اتجاه لكل شركة.
تسارعت كل تلك التطورات والتحديات التي فرضها الحوثيون  الذين نصبوا انفسهم بديلا للسلطة الشرعية والدستورية غير مبالين  بالدعوات التي اطلقها المجتمع الدولي والإقليمي وسفراء الدول الراعية للسلام ولا بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأعمال العدائية التي يمارسها الانقلابيون 
وبلغت ذروتها بحصار الرئيسي الشرعي المنتخب وفرض الإقامة الجبرية عليه وعلى حكومته في تحد يخالف كل الأعراف والمواثيق والعهود الدولية .
أمام هذا التحدي وما يمثله من تدخل سافر من إيران بدعمها لجماعة انقلابية ضد السلطة الشرعية وماترب عليه من مخاطر على طرق التجارة الدولية تنادى المجتمع الدولي عامة والإقليمي على وجه الخصوص الى مساندة ودعم  السلطة الشرعية لاسيما بعد طلب المساعدة الذي قدمته السلطة  الشرعية ممثلة برئيسها الشرعي المنتخب والمعترف به دوليا عبدربه منصور هادي الذي يخوله القانون الدولي وحده استخدام القوة للدفاع عن النفس ورد العدوان الحوثي الذي انقلب على السلطة باستخدام لقوة ،إذ جاء في رسالته الموجهة إلى قادة دول مجلس التعاون  :   ....إنني أتوجه إليكم أيها الأخوة، مناشداً دولكم الشقيقة للوقوف - وكما عهدناكم دائماً - إلى جانب الشعب اليمني لحماية اليمن، وأطلب منكم استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، واستناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، تقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة، بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المستمر وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن وبقية مناطق الجنوب، ومساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش.

إن الشعب اليمني لن ينسى وقوف أشقائه إلى جانبه في هذه الظروف العصيبة والأخطار المحدقة به.

وفي الختام، أؤكد أن ثقة الشعب اليمني بالله سبحانه لم ولن تتزعزع، وسيظل متمسكاً بثوابته الوطنية التي تفرض عليه بذل الغالي والنفيس من أجل المحافظة على عزة الوطن وكرامته وسيادته.

وبناء على ذلك وبوقوع العدوان الذي بات أمرا واقعا وإصرار الانقلابيين الحوثيين على رفض كل دعوات السلام ووعدم تجاوبهم مع طلب التراجع عن  مغامرتهم وسيطرتهم على المؤسسات الدستورية   الشرعية بادرت السلطة المخولة  إلى اللجوء إلى التدابير والإجراءات الكفيلة باستعادة الدولة ومنها  استخدام حقها في الدفاع عن مؤسسات وكيان الدولة اليمنية بطلب المساعدة للدفاع ووقف عدوان الانقلابيين .
الخلاصة  أن طلب المساعدة والتدخل   جاء متوافقا مع مقتضيات القانون الدولي ومع ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك  ويستند إلى الحق في الدفاع عن النفس ورد العدوان الحوثي ووضع حد لتحديه للمجتمع الدولي معبر عنه بعاصفة الحزم  بمقتضى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ولاسيما منه المادة (51)
التي نصت على : "
ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء "الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس - بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق - من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه  "
وعليه فالمجتمع الدولي  أيد كل التدابير  الإجرائية والزجرية ضد الانقلابيين  لإعادة السلطة الشرعية والدستورية المعترف بها دوليا  والانسحاب من المؤسسات الرسمية ومن المدن وتسليم السلاح وفق ما شدد  عليه لاحقا قرارا مجلس الامن 2216 
ليتضح جليا أن الأوضاع التي فرضها الانقلابيون  بالقوة  فرضت حتمية مواجهتها  بالفوة بمقتضى القانون الدولي  .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي