دعونا نضيع!

كتب
الجمعة ، ٢٩ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠١:١٤ صباحاً
  عمار الأصبحي لستُ مع من يؤكدون على أهمية بقاء الخيام على الشوارع .. كما أنني لست مع أولئك الذين يفرضون أمر إزالتها كل ما يؤسفني حقيقة ويسعفني قوله في هذا المقام، هو استباحة ساحاتنا بتلك الطريقة المقيتة ؛التي تم تدشينها مؤخراً تحت شعار: "إماطة الأذى من الطريق"!؟. إنه لأمر جارح فعلاً، أن تتحول خيامنا، إلى "أذى" بنظر البعض، بعد إن كانت هي الظلال الآمن ،لكل من أراد ومن لا يريد.. فأعادت للأمل جذوته الضائعة. نعم، لقد كنا نعلم يقيناً أننا سنغادر يوماً ما ..مع ذلك لم يخطر في بالنا _رغم إدراكنا الواقع_ أننا سنغادر مكرهين هكذا.. وقد خيم القهر فينا؛ تد شيناً للمرحلة الأخيرة من البرنامج "الثوري" إجهاض! نعرفُ؛ الثورة ليست خيمة.. ولكن بالمقابل ..الخيمة قد تخلق ثورة !! *** عامٌ ونصف العام ، ومازلنا في نفس المربع أليس من الضروري، إعادة النظر؛ بحثاً عن أفقٍ جديد .. عن فرحٍ أخر.. عن أملٍ .. عن فكرة، تؤجج للريح شهوتها فتعيدُ للوطن المذبوح حلمه المشتت والسلام؟! لماذا نجعل أمر ظهور الفكرة مرهوناً باحتمالات من خارج "دائرة الطموح" والحاجة؟! أوليس من الأهمية اليوم، مع توالى متغيرات الأحداث وتفاعلها في مسار تقلباتها الوعر، كنتيجة حتمية للإرادة الشعبية التي أكدت حاجتها للتغيير، التفاعل والتعاطي قليلاً مع بعض ما تفرزه اللحظة؛ للحد من الآثار السلبية والمخاطر الشاخصة أمامنا؟! ما أقوله هنا، ليس استسلاماً أو تماشياً مع زيف النخبة.. أبداً، إنها دعوة خالصة أوجهها إلى الوعي الشبابي المتفتح ، ليكون فاعلاً يعي "فن الممكن"، لا مفعولاً به لفاعلٍ متغطرس! فالبلد ملكنا جميعاً، ويجب أن نفعل شيئاً؛ لتجاوز دوامة العنف واللآجدوى، والخروج من شرانق التخلف وعدم الاستقرار! يا جماعة، لنستشعر معاً شدة الأزمة المضاعفة، في ظل بقائنا هنا؛ عناصر طيعة في دائرة نشاط قوى انتهازية تستمرئ عبثها واحتلالها مركز الصدارة، على واقعٍ يغرق بالفشل واليأس والتراكمات القبيحة؛ جراء ممارسات "نظام" فاشي عمد لعقود من الزمن على إخضاعه لمفاهيمه وقوانينه الهابطة، فجعل سلطة العقل في يد من يمتلك السلطة كرؤية فوقية تسلط من الأعلى أصبحت ثوابت في المناهج العلمية والتنظيمات الاجتماعية والسياسية والثقافية.. التربوي لم يتجاوز بعد التعريف الضيق للتعليم؛ متحاشياً الخوض في معضلة التعلم كرؤية واسعة تظهر مسؤولية المجتمع كما تطرحها تربية العصر التي تتبنى مفهوم التعلم مدى الحياة.. والاقتصادي معصوب العينين؛ منفصل عن واقعه ويراه احتمالاً .. اختلطت عليه الدوائر لا يأخذ في الحسبان إلا المحسوس فقط من بنود العائد المباشر والكلفة المباشرة ،يتجاهل الكلفة غير المباشرة التي تكون أثارها سلبيه على المكونات الطبيعية وقيم الجماعات ،ويغفل العائد غير المباشر فلا يعطي للتنمية البشرية ما يجب بصفتها استثماراً طويلاً الأجل. فيما السياسي لازال حبيس (حوار) متأزم وعقيم يفتقد روح الإبداع والخيال الخلاق.. الأمر الذي يوقعه في فخ الضحالة والمقايضة دائماً.. .... انظروا.. كم الدرب وعر والشر مطلق وأكثر راديكالية؛ الجميع تشوهت رؤاهم وتهرأت عدتهم تحت نير التبعية بجميع صنوفها؛ غير قادرين على البحث في تفاصيل الواقع ومتاهات الأبعاد الاجتماعية والثقافية والسياسية كعملية تنموية ثقافية في المقام الأول.فحالة الانفصام الحاد تتجلى في كل العلاقات التي تربط بين الكائنات والكيانات والأحداث والمفاهيم .. كحالة واقعية لسيادة تلك العقلية القديمة ذات الماهية الثابتة غير القابلة للتعديل أو التطوير والتوجه المنظومي، وأزمة تتلخص في عدم إعداد العقل للقيام بدوره. بالتالي..في ظل انقلاب المفاهيم وتمدد الاستبداد السياسي هكذا ..تبدو الحاجة ملحة لمأسسة "الفكرة" والأخذ بأسباب المعرفة منطلقاً لتجسيد مفهوم "التغيّر" وإعادة بناء مشترك إنساني بخطط طويلة وقصيرة المدى في حقل الوعي الوليد؛ وذلك حتى لا تتسع الفجوة() فنواجه تحدياً مزدوجاً ينطوي على تناقض جوهري؛ نتيجة لسرعة الاستجابة لهادر المتغيرات والآثار الناجمة عن تراكم هذه المتغيرات وتضاعف الأزمة! بالتأكيد.. فالثورة مسيرة حياة. *** دعونا إذن نضيعُ كثيراً؛ عسانا نرى في الضياع أمل، دعونا ولا بأس؛ لنبحث عنا.. فأحلامنا كلها في ضياعٍ.. ولا بد حتى نجدها نضيع!؟
الحجر الصحفي في زمن الحوثي