قراءة نقدية في "أوراق من ذكرياتي"

كتب
الخميس ، ٢٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٠٢ مساءً
    محمد ناجي احمد ستقرؤن في هذا الجزء من المقالة : *البحث عن جذور نشأة المسوري ... *دور المسوري في إطلاق سراح الجنود الملكيين ،وتسليمهم السلاح والمصروف! دور المسوري في التواصل مع بعض الملكيين ... *استلامه لرشوة "ساعة يد والف ريال "من راجح أبو لحوم ،حين كان الألف الريال مبلغا كبيرا في بداية الستينات . *وصفه لقوات الصاعقة والمظلات والمشاة والمدفعية ،وعبد الرقيب عبد الوهاب وحمود ناجي ومحمد صالح فرحان ،وعلي مثنى جبران ،وإبراهيم الحمدي...بأنهم غوغائيون وجهلة ،ولا يفهون في السياسة ! * بحثه عن مبررات واهية ،ليفسر من خلاله سبب هروبه إلى سوريا ،هو ومجموعة من القادة العسكريين ،حين شعروا أن صنعاء ستسقط ! *اتهامه للمظلات بأنهم حولوا مسجد المعسكر إلى مصنع لعصر الخمور! قراءة نقدية في "أوراق من ذكرياتي" 1-2 "أوراق من ذكرياتي "للواء "حسين محمد المسوري ،الصادر عن دار الفكر ،بطبعته الأولى عام 1429ه-2008م ... لقد كان اللواء حسين محمد المسوري على يقين من أن "الخيال والمبالغة "لن ينطلي على القارئ "فالتاريخ يسجل في وطنه وفي مكانه وفي موقع الحدث ،وليس من خلال الادعاءات والمغالاة الاعلامية والخطابات والشعارات التي لا تلامس الواقع ولا تعتمد على حقائق ووقائع والمشاركة الفعلية في مكانها وزمانها "10ص.وعلى اساس هذا لفهم الذي ذكره المسوري في تو طئته لكتابه سنقرأ الأحداث والوقائع التي يوردها ،موضحين الحقيقة من الادعاءات الموجودة في هذا الكتاب . الكاتب من مواليد 12-9-1942م حسب قوله ،وقد درس الابتدائية في مدرسة نصير ،والذين يتخرجون من هذه المدرسة ،كانوا ينخرطون في المهن التي يعمل بها آباؤهم ،والمسوري بعد تخرجه من مدرسة نصير كان يجلس بالدكان مع والده ،بانتظار الموافقة على دخول المدرسة المتوسطة ،لكن اللواء حسين المسوري لا يذكر لنا طبيعة المهنة التي كان يزاولها مع أبيه في الدكان ،خاصة وان الدكان يقع في اطار التقسيم المهني لصنعاء القديمة ،هل كان دكان حداده أم نجاره أم حلاقة ..الخ ،لقد قال إنه يجلس في الدكان دون أن يكلف نفسه توضيح المهنة التي يزاولها الأب ويعاونه فيها الابن ،ذلك يساعد القارئ في معرفة طبيعة النشأة التي عاشها الابن . موقف الامام أحمد من مشروع سد الفراغ : في عام 1958م أرسل الرئيس الامريكي "إدوارايزنهاور ""مبعوثه الخاص السيد ريتشارد نيكسون حاملا معه رسالة إلى الامام أحمد حول هذا الموضوع ،تتضمن رسم دور اليمن بموقعه الجغرافي الهام في تنفيذه ،لقد رفض الامام أحمد هذا المشروع جملة وتفصيلا"35ص.ولأن الامام أحمد كان يعي أهمية المسرح في توضيح سياساته ،كما كان يصنع في تعز حين ذهب إلى جبل حبشي ليهدم ضريح أحمد بن علوان ،وقت أن كان وليا للعهد ،وكان قبل ذهابه قد كلف رائد المسرح والتربية والتعليم الحديث "محمد أحمد حيدرة "بعمل مسرحية عن "احمد بن علوان "ليسقط هيبته من النفوس معنويا ،قبل ان يهدمه فعليا .فالمسرح ساعد الامام أحمد في توضيح ضرورة هدم الضريح باعتباره مرتبط بمجموعة سلوكيات ،وخرافات حسب رؤية الامام أحمد ...كذلك بعد رفضه لمشروع"ايزنهاور ""كلفت المدرسة بإعداد تمثيلية مسرحية مفتوحة في ميدان شرارة "ميدان التحرير اليوم "وقمنا بتمثيلية توضح الغرض من المشروع الأمريكي ،اعدها الاساتذة المصريون واليمنيون "وقد مثل المسوري دور المبعوث الامريكي" نيكسون "والملاحظ ان المسرح في عهد الامام أحمد ،سواء في تعز أو في صنعاء كان مسرحا مفتوحا ،في ميادين عامة ،ودون خشبة مسرح ،ففي تعز كانت العروض المسرحية تقام إما عند شجرة الطولقة في المدينة القديمة ،أو في العرضي ،وكان مسرحا مفتوحا ،بدون خشبة عرض ،ولعلّ الاستاذ محمد أحمد حيدرة هو مؤسس المسرح في اليمن شمالا وجنوبا ،منذ عودته إلى عدن بداية عشرينات القرن العشرين ،بعد أن درس الثانوية العامة في مصر ،ليتخرج منها عام 1920تقريبا ،ثم يبدأ مشواره مع المسرح في أندية عدن ثم في التربة ثم في تعز ،في المدينة القديمة وفي العرضي ب"الجحملية ". عن اللواء عبد الله جزيلان : ينصف المسوري دور اللواء عبد الله جزيلان ،ردا على من غمطه دوره م .يقول "وكان الأخ البطل اللواء عبد اله جزيلان هو الذي أعطى أمر التحرك "يقصد يوم الثورة "فكيف يصدق القارئ والباحث أن هذا الضابط المميز في عمله لم يكن مطلعا ومشاركا في الاعداد للثورة ؟هل كان قيام الثورة بهذه البساطة ؟لقد كنّا لمدة أسبوع بعد وفاة الامام أحمد في مدرسة الاسلحة نجهز الاسلحة للقيام بثورة ،وهو كان قائدها ،ونجهز الاسلحة بوجوده وبأوامره وهو قريب من البدر ،وهو لم يكن كل الثورة كما قال في كتابه متجاهلا أدوار الآخرين ،ومع ذلك لا بد من إنصاف دور الرجل العظيم دون رد فعل لما قاله ...فاللواء عبد الله جزيلان من أعمدة تنظيم الضباط الاحرار وأركانه ،ويستحق التقدير من كل اليمنيين ،لأنه صاحب أمر التحرك ليلة 26 سبتمبر"78ص . عن المسوري والأسرى الملكيين: كان المسوري في موقع "بيت الولي في كحلان" إذا علم بوجود أسرى لدى المصريين ،يذهب اليهم ويطلق سراحهم ،ويسلمهم السلاح والمصروف ! وهو يبرر تصرفه بقوله "وحينما كنت أعلم بوجود أسرى يمنيين ،وأسألهم عن مناطقهم ،وأوفر لهم لحماية ،وأعطيهم أسلحتهم ومصاريف ،وأنصحهم "عودوا إلى أهلكم ولا تكرروا الخطأ ،الجمهورية هي التي ستحافظ عليكم وتحقق لكم الخير والازدهار "وكانت تصلني منهم رسائل وبعضهم كان يزورني فيما بعد ،ولاسيما بعد الاستقرار والسلام "هذا يعني أنهم كانوا يعودون إلى جبهة الملكيين بسلاحهم ،إضافة إلى مصروف ! في حين أن خلاف المسوري وعلي سيف الخولاني ،ومحمد عبد الخالق بقيادة العمري ضد الحركيين ،والمقامة الشعبية ،وزملائهم في المظلات والصاعقة والمدفعية والمشاة –لم يكن يحظى بمثل هذا التسامح الذي حظي به الملكيون ! عن تقاضي المسوري لأول هدية : يبرر حسين المسوري تقاضيه ساعة والف ريال من عامل "مدير ناحية مسور ""راجح أبو لحوم "نظير تسليم المسوري لميزانية الناحية كاملة ،لعامل المديرية نوقد كان مندوب العامل السابق حسب تبرير المسوري ،يخصم منها خمسة الف ريال ،لكن المسوري أصر أن تكون المرتبات عن طريقه "وطلبت من القيادة العربية أن تكون المرتبات عن طريقي "116ص.يقول المسوري "وبعد مدة زارني الشيخ راجح في مقر القيادةفي ثلا ،وسبق أن زرته في عذاقة قبل زيارته بعدة أشهر ،وخلال زيارته قال "يا سيدي أنا قد اشتريت لك ساعة ،هدية "فقلت :لماذا يا عم راجح ؟قال "ماكنت أتصور أني استلم تسعة وعشرين الف مرة واحدة ،الاّ من يدك ،فقلت له :هذا واجبي وكثر الله خيرك .وهذه الهدية مقبولة ،وأرجو أن تتوقف عند هذا الحد ،قال :والله لا ،عاد به حاجة ما عذر ما أديها لك "قلت ما هي ؟"هذه الف ريال هدية مني "فقلت له :يا عم راجح تدي لي رشوة ؟"قال "والله علي الطلاق ثلاث ،وان الألف الريال ما عذر ما أديه لك من طيبة نفس ،احنا زملاء واحنا أخوة ،ولا تعد رشوة "هو لأنه مسؤول إداري معين من الدولة لا يحتاج أن يرشيني ومسؤول كبير من بيت أبو لحوم "116ص.منطق المسوري في تبرير أخذه للساعة وللألف الريال وهو مبلغ كبير آنذاك –منطق ضعيف ويبرر للرشوة بحجة المكانة الاجتماعية للشيخ راجح !لكن المسوري لم يقل لنا لماذا أصر على القيادة العربية ، أن تكون مرتبات المديرية "الناحية " عن طريقه ! غياب اليقين الثوري: عندما سأل المسوري القاضي" محمد عبد الله الشامي ""نائب الامام في صنعاء قبل الثورة –والذي عاش بعد الثورة في كوكبان ،وكان أيضا محافظا للواء البيضاء ،وله مواقفه ضد الوجود البريطاني في الجنوب –سأله "ما الحل لقضية الحرب يا قاضي محمد ؟أجاب بكلمتين بحكمة وحنكة الرجل المجرب الوطني الغيور على وطنه :السعوديون يسحبون بيت حميد الدين ويقطعون الفلوس عنهم ،وعلى المشايخ والمصريين يروحون لهم واحنا عنسد اليمنيين "يعني نحن اليمنيين سنسد ،ونتفق ...لكنني اتساءل :كيف لقائد عسكري في جبهة مواجهة مع الملكيين أن يتشكك من صدق القضية التي يقاتل من أجلها ،ثم يسأل من كان نائبا للامام ،عن الحل لقضيةالحرب! عودة بعض الشخصيات الاجتماعية : تحت عنوان "عودة بعض الشخصيات، الاجتماعية يتحدث المسوري عن تواصله مع بعض الشخصيات الملكية التي كانت خارج الوطن ،وكيف استطاع "بالتعاون مع المرحوم ابراهيم الحمدي بحكم علاقته بهم ،وبموافقة الفريق العمري ،ومن القيادة ،بإعطائهم المكانة اللائقة بهم بعد عودتهم "119ص...لكن علاقة الحمدي بالملكيين والهاشميين ،التي لولاها ما نجح المسوري بالتواصل معهم وإعادتهم إلى أرض الوطن –هذه العلاقة كانت بحاجة إلى الكثير من التفاصيل ،حتى نتفق مع صحتها أو نختلف مع ما هو مزيف فيها ،أوفي تفسيرها ! رؤيته للدور المصري : يتبنى حسين المسوري رؤية موضوعية إزاء الدور المصري في اليمن ،وهي رؤية تبناها بعد أن عركته السنون ،يقول "كنّا نرى أن الجيش المصري شريك معنا بالدم والمال والسلاح فكيف نبعده عن القرار السيادي والقرار السياسي ؟وهذا أمر غير منطقي وغير معمول به في العلاقات الثنائية بين دول العالم .وكان من الحكمة أن يكون هناك نوع من الشراكة في تعاملنا الخارجي وفي قرارنا الداخلي ،ولأننا شركاء مع دولة عربية بدماء أبنائها التي تسيل من أجل اليمن وتساعد بالأموال والاعلام ،وفي المحافل الدولية تتكلم وتدافع عن اليمن ،وعن قضايا السيادة الوطنية .هذا الموقف استوعبته متأخر ،وكنا نريد من المصريين أن يقاتلوا ويضحوا بابنائهم والاّ يتدخلوا في القرار السياسي أو المشاركة فيه ..وهذا الموقف غير منطقي وغير سياسي ،بل وغير أخلاقي "226ص. عن حرب السبعين يوما : يدافع المسوري عن علي سيف الخولاني ،ويقول بأنه لم يفر إلى القاهرة ،وإنما كان مريضا بها بل ولا يجد أكثر من العاتاب للعقيد حمود بيدر الذي كان قد عين خلفا لعلي سيف الخولاني في قيادة الاركان ،ورفض استلام المنصب والمسؤلية ،وفي نفس الوقت لا يشير حسين المسوري إلى منصب رئيس هيئة الاركان ونوابه ناثناء حصار السبعين يوما ،بل غنه يرى أن عبد الرقيب عبد الوهاب لم يتول رئاسة هيئة الاركان الاّ بضغط من المقاومة الشعبية والحركيين على الفريق حسن العمري ،ولم يتولها سوى بضعة أيام!-فرئيس هيئة الاركان بالنسبة للمسوري هو علي سيف الخولاني حتى لو تخلى عن دوره ومسؤوليته ! عن الصراع بين الرئيس الارياني والفريق العمري : اثناء الصمود في حرب السبعين يوما ،يرى الواء حسين المسوري أن "الجهلة "أرادوا أن يشقوا العصا بين الرئيس الارياني والفريق العمري ،لأنهم حسب زعمه حرضوا الفريق ليكون هو رئيس الجمهورية نفهو بطل النصر والصمود ،والجهلة الذين قصدهم المسوري هم الذين ذكرهم بعد ذلك بقوله "كان يتبنى محاولة الخلاف بين الزعيمين عدد من الاخوان الحركيين المدنيين في المقاومة الشعبية ومعهم من العسكريين المرحوم عبد الرقيب عبد الوهاب قائد الصاعقة ،وحمود ناجي قائد المظلات وبعض الضباط الذين حاولوا أن يثيروا الفريق العمري ضد الرئيس القاضي عبد الرحمن الارياني ،ولم يكن الفريق حسن العمري في الواقع يطمح إلى ان يحتل منصب الرئاسة ،لكن بعض الاخوان الحركيين حاولوا استغلال النصر لكي يحققوا مصالحهم الحزبية الضيقة بشق الصف الوطني اعتقادا منهم بأنهم سيحققون طموحهم بالا ستيلاء على السلطة "184ص.لكن المعروف عن الفريق حسن العمري أنه كان طامحا للرئاسة منذ ايام الرئيس عبد الله السلال ،اثناء احتجاز اسلال لمدة عام في مصر عام 1966م وهذا يفي اتهام المسوري للحركيين ولعبد الرقيب عبد الوهاب ولحمود ناجي ،مما يجعل اتهامات المسوري ليست أكثر من تعبير عن عدائه للحركيين والمقاومة الشعبية ،وابطال حرب السبعين يوما ! سفر المسوري وبعض القادة العسكريين إلى سوريا : اثناء الحصار على صنعاء ،غادر المسوري ومحمد الخاوي وعبد الله الراعي والأخ حمود بيدر إلى سوريا ،ودون أن يكون هناك مبررلسفرهم ،وهم قادة ميدانيين ،وعليهم مسؤوليات نوصنعاء تكاد أن تسقط بيد الملكيين ،وعيبان قد سقط فعلا في ايديهم،مع ذلك نجده يبرر السفر بحجة واهية ،وهي أنهم ذهبوا على سوريا بتكليف رسمي من الرئيس الارياني ،حاملين رسالة لوزير الدفاع السوري حافظ الاسد نبحكم صداقته لحسن العمري ،كي ينصحه بعدم تصديق تحريض الحركيين ضد الرئيس الارياني !التبرير الذي يقدمه المسوري واهيا ،خاصة أن عودتهم إلى صنعاء لم تتم الاّ بطلب من الفريق العمري ،الذي زار مصر بعد اسبوعين من الانتصار على حصار السبعين يوما ،وطلب من الفريق حافظ السد باتصال تلفوني وقال له "أرجو أن ترسلوا الاخوان الذين لديكم إلى القاهرة "186ص.والدليل على هشاشة التبرير الذي أورده المسوري هو ما قاله في كتابه من أنهم غادروا الحديدة متجهين إلى سوريا في 4 شباط-فبراير 1968م وسقط عيبان في 6 شباط –فبراير .186ص.بسبب الفراغ الذي تركوه عند اشتداد الحصار ،وتيقنهم أن صنعاء ستسقط لا محالة ،لذلك ولوا الدبرإلى سوريا ، حين التقى الجمعان ! والمسوري يرد على من استنكر سفرهم قائلا "وقد استغل سفرنا بعض الضباط الحركيين ،واثاروا اشاعات بأننا تركنا الواجب أو هربنا ،وربما علموا بأهمية الذهاب إلى دمشق ،فحاولوا تشويه سمعتنا بما لا يصدقه أحد "186ص.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي