المملكة والإجرام الدولي ...

محمد قشمر
الاربعاء ، ٢٤ اكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٠٤:٤٧ مساءً

 
عندما نتحدث نحن القانونيون عن الجريمة الجنائية فإنا نتحدث عن توافر أركان الجريمة، فإذا توافرت تلك الأركان كانت الجريمة قائمة مكتملة الأركان ينظر فيها القضاء وتأخذ القضية مجراها الطبيعي، انا الان اتحدث عن جريمةٍ جنائيةٍ حدثت في السفارة السعودية في إسطنبول حدث فيها تجاوز وتعسف في استخدام السلطة، وتجاوز الصلاحيات الممنوحة لمن تصرفوا وقاموا بتلك الجريمة، وهذا الأمر لا يخرج القضية عن مجراها الرئيسي الذي يجب أن تكون فيها. 
حاول الإعلام وبشكل مخيف أن يصور لنا جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي (رحمه الله) على انها أهم جريمةٍ حدثت في القرن الواحد والعشرين، وأنها عملية انتهكت فيها كل الحقوق والحريات المدونة والموثقة في كافة المعاهدات الدولية التي تهتم بشأن الإنسان وحياته وكرامته. وانا أقول بأن قتل الصحفي السعودي جريمة يستحق القائمين والمنفذين لها العقاب الصارم، وهذا ما تسعى له المملكة العربية السعودية وبالتعاون الدولي والإقليمي الموجود. 
إن تسليط الضوء وبذلك الأسلوب الإعلامي الاستخباراتي الهدف منه هو تشويه صورة السعودية التي لم تبني مجدها الحاضر الا بالعدل والإنصاف بين الناس ، ومعلوم لكل العاملين في المجال القانوني الذين كانوا قريباً من القضاء السعودي من كل الجنسيات أن القضاء في المملكة العربية السعودية يتمتع باستقلالية ونزاهة على مساوى رفيع، ولهذا وجدنا أن الأحكام لا يستثنى منها اياً كان صغيراً أو كبيراً أميراً أو مواطنا عادياً من البسطاء ، بمعنى أكثر وضوح فإن قضية مقتل خاشقجي الصحفي السعودي الذي لم يكن من المعارضين للنظام كانت جريمة جنائية ، وكما صرح السفير السعودي في الولايات المتحدة الأمريكية صاحب السمو الملكي الأمير/ خالد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأن الصحفي كان صديقاً له ، مما يؤكد أن العملية كانت ارتجال شخصي من القائمين عليها . وتم توقيف شخصيات استخباراتية من الطراز الرفيع جداً وشخصيات دبلوماسية ايضاَ من الطراز الرفيع جداً (وهذا ما لا يحدث غالباً في دول العالم الثالث) على ذمة القضية وهذا ايضاً يبين أن إجراءات القضاء السعودي تمضي في الطريق الصحيح.
ما أريد قوله إن الجرائم القائمة على مستوى العالم في الوقت الراهن أصبحت تصيب الباحثين والحقوقيين والقانونين بالخوف الشديد، ولكن للأسف الشديد نرى أن ردود الأفعال الدولية لا ترقى إلى مستوى تلك الجرائم وفيها أرواح تزهق بالآلاف، ولم نسمع الا شجباً او تنديداً على خجل من تلك الدول التي جعلت من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي (رحمه الله) قضية يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين. الكل يعلم أن جرائم الدول التي تتغنى بالحقوق والحريات يشيب لها الولدان وليس ببعيد منا ما جرى من الاستعمار الأوروبي في بلداننا العربية وما أوقعته الحرب الأوروبية الأمريكية من مجازر تخطت كل الأعراف والمواثيق الدولية منها ما حدث في العراق وفي سجن أبو غريب على وجه التحديد على سبيل المثال لا الحصر. كل هذه الجرائم مرت على تلك المواقع الإخبارية مروراً خجلا وأقفلت بالأمر ملفاتها لأن هناك من يوجه بفتح هذا الملف أو ذاك ليس من أجل الإنسانية ولكن من أجل تحقيق مصالح اقتصادية ضيقة او من أجل المناكفات التي لن تخدم سوى الأعداء.
تبقى المملكة بلدٌ قام على العدل والإنصاف، وتبقى السعودية من أنزه الدول التي لا ولم تتعامل بأسلوب الاستخبارات الغبي في تحقيق أهداف لا ترقى إلى المستوى الإنساني المطلوب.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي