نعم .. نحن قحطانيون

سام الغباري
الثلاثاء ، ٢٨ أغسطس ٢٠١٨ الساعة ١٠:٤٥ صباحاً

على شاطئ الجميرا ، حيث يتقد الغسق نارًا ، والضحى يفر الى الجانب الآخر من الأرض ، كُنّا جلوسًا مع الوزير عثمان مجلي بعد جولة مشاورات مضنية في خيمة الديوان الاميري بالكويت الشقيق قبل عامين ، وعلى بعد امتار جلس عارف الزوكا ومهدي المشاط وياسر العواضي على طاولة واحدة يتهامسون في حالهم ويتحدثون عن شؤونهم ، بعد نصف ساعة تقدم عارف الزوكا بإتجاهنا ورمى معطفه الى صُرة الوزير عثمان ، راجيًا منه أن يتحلى بنوع من السماحة ويقبل طلبه بمصافحة "مهدي المشاط" ، أجابه عثمان وأجلسه وقال : ليس الأمر متعلقًا بالمصافحة من عدمها ، ولكني اقسم لك يا عارف أنهم يتآمرون عليك وأنت تأكل معهم ! ، يغدرون ولا يوفون ، يخونون ولا يحترمون عهودهم . ثم استطرد : والله يا أبا عوض أنك لتأكل مع محمد عبدالسلام او المشاط من صحن واحد وهم يفكرون في قتلك ! .

- تعجب الزوكا واستنكر إجابة الوزير عثمان مجلي وكان مصرًا على وصف قوله بالمبالغة المفرطة ، فحسم مجلي الأمر بأنه سيلقى ما حذّر منه حين يستكفون منهم ، ثم اعتذر عن تلبية طلبه بالمصافحة ، وعاد الزوكا الى رفيقيه ، ثم رحلوا جميعًا في سيارة المراسم الأميرية

تذكرت هذا الموقف وأنا استمع الى توضيح اللواء محمد عبدالله القوسي عن فلسفتهم السابقة ومبررهم الوحيد للتحالف مع عبدالملك بدرالدين على قاعدة مايسمى المجلس السياسي الأعلى ، قائلًا في تصريح ناري لتلفزيون اليمن اليوم أنهم "حاولوا الحفاظ على مؤسسات الدولة" ، مضيفًا أن تلك الفلسفة كانت خاطئة وقد ذاقوا وبالها درسًا لهم وعِبرة لغيرهم . داعيًا كل المواطنين إلى ترصد عناصر عبدالملك بدرالدين وإرسالها الى غرف العمليات ، مبشرًا بنصر قادم ومؤزر بإذن الله .

- أهم ما قاله اللواء القوسي أن اليمن قحطانية ، وأن الزيدية نظام قديم وطارئ قضت عليه ثورة 26 سبتمبر العظيمة ، وهذا هو لُبّ المعركة وأساسها وجذرها ، لم تكن سوى انتقامًا هاشميًا على اليمنيين الذين استعادوا حكمهم الطبيعي على بلدهم وهويته التاريخية ، إنها حرب تتكرر ، رأس فتنتها هاشمي يظهر مطالبًا بولايته المزعومة فيأخذ معه موالين حمقى وتتحد في صفوفه أغلبية هاشمية تناصره وتقدسه ، وفي سبيل تحقيق انتصارهم يزرع الهاشميون بذور الخلاف بين التنظيمات والقبائل اليمنية ، كما يفعلون اليوم بالتصنيفات العجيبة عن عفاشية هذا واخوانية ذاك ، ويحشدون للانفصال ، ويشوهون الرموز ، وفي قائمتهم يظل كل اليمنيين أهدافًا لهم ، يؤخرون تصفية هدف ما ، ويقدمون آخر ، حتى ينتهي كل رمز بالاغتيال أو النفي . ورغم جحيم الحرب وانشغالهم فيها ، ينشط كتبتهم ومنظريهم وفلاسفتهم بإصدار الآف الكتب لتغيير هوية الناس ومحو افكارهم وتبرير الحروب والعنصرية ، متكئين على نصوص لاهوتية فاسدة تناقض الحرية وفطرة الشرع الجماعي للأمة ، متعمدين اسكات صوت الناس ونهر كل صوت خارج عن إطارهم الفلسفي والديني .

- أنا سعيد بعودة "العقل" من إجازة استمرت 3 سنوات ، واستيقاظ الرموز من غفلتهم التي يبررونها بقناعات لم تكن مقنعة ، فلم يعتبروا من غيرهم ، حتى صاروا هم العبرة ، فأوجعهم الظلم ، وقهرهم الهاشميون كما قهروا من سبقهم ، لكنها أنارت - رغم وحشة الموت - عقول الكثير ، وصدمتهم واقنعت اليمنيين قاطبة بإستحالة العيش مع قوم لا يقيمون للحياة وزنًا ، ليس في قاموسهم شيء يتعلق بالشهامة والمروءة وأخلاق العرب ، لا يناصرون غير سلالتهم ، ويدفعون لأجلها فلذات أكبادهم ولا يبالون ، يتوهمون النصر بكثرتهم ، وسلاحهم ، واليمنيون أكبر منهم وأكثر وأقدر . 
..
أشد على يد اللواء القوسي ، وأدعوه الى أن يظل هكذا ، فلا يخور عزمه ، أو يغشاه موج آخر ، أو يوسوس له هاشمي يدعي محبته في نفسه فيحرف مساره ويضعف قوته ويمنعه عن الاكثار من قحطانيته واعلانها أمام العالم بأنها هوية يمنية ومن عاش في ظلالها فأهلا به ، ومن استنكف عنها فليأخذ متاعه ويرحل حتى يجد هويته الضالة .
..
اليمن قحطاني .. نعم ، كلنا أولاد عم ، من المهرة الى صعدة ، كلنا عرب وأخوة واصهار وانساب ، على هذه القاعدة يعود اليمني عن غيه وضلاله ، ويستيقظ المُخدّرون بهيروين الهاشمية ويتعافون من مصابهم ، حتى يعود اليمن جميلًا كما كان .. وأفضل.
..
استمر أيها اللواء القوسي قولا وفعلا عاجلا غير آجل ، ولاتركنوا الى القول دونًا عن الفعل .. فأنت من أنت .. وهذا هو درب الفلاح والكرامة والعزة والبطولة المطلقة .. مرحبًا بك أيها البطل .

سام الغباري

الحجر الصحفي في زمن الحوثي