كيف صرت إخوانياً مناصراً لمرسي ؟؟

كتب
الخميس ، ٢٨ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٢٨ مساءً
محمد علي محسن كنت الى قبل إعلان نتائج الجولة الأولى من مؤيدي المرشحين حمدين صباحي والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، لكن وبما أن جولة الإعادة قد تمت بين مرشح الأخوان د محمد مرسي ومرشح النظام السابق الفريق احمد شفيق ؛ فقد كان لزاما علي دعم ونصرة مرشح جماعة الأخوان وحزب العدالة والحرية . فبرغم تحفظي الكبير على هذا الترشح وما قد يترتب عليه من آثار ومخاوف ستنعكس سلباً على قوى الثورة خاصة بعد الخلاف المحتدم بينها ، وقلق هذا القوى الثورية من سيناريو حزب وطني جديد مستأثر بكل السلطات التشريعية والرئاسية والحكومية . لماذا مرشح الأخوان المسلمين ؟ فلأنه المرشح الوحيد الذي يمثل فوزه أو خسارته انتصارا أو فشلا لثورات الربيع العربي عامة وليس فقط للثورة المصرية ، فمصر ليست تونس أو اليمن أو ليبيا أو الجزائر . وعليه فأن نجاح أو أخفاق الثورة المصرية سيكون له تأثيره سلبا على كافة ثورات الربيع العربي سوى في تونس وليبيا اللتين تجاوزتا مسألة إسقاط النظامين الحاكمين أو على ثورتي اليمن وسوريا اللتين مازالتا في منتصف الطريق أو مستهلة ناهيك عن ثورات أخرى مازالت كامنة في أعماق المجتمعات العربية ونخبها وبكل تأكيد سيكون لنجاح الثورة المصرية فرصة كبيرة على هذه الثورات الشعبية والعكس أيضا في حال الإخفاق . شخصيا ليس لدي مشكلة في أن يحكم الأخوان أو غيرهم من الحركات الإسلامية كالجهاد وحزب النور السلفي ، لذا أعجب كيف أن كثير من المتشدقين بشعارات الدولة الديمقراطية المدنية وبالليبرالية والعلمانية بينما فعلهم مستبدا ورافضا لحق الأخر في أن يعبر عن وجوده السياسي والفكري والمجتمعي ؟ . فماذا تعني مطالبة المرشح الفائز بالمرتبة الأولى – محمد مرسي – بالانسحاب للمرشح الثالث أو الرابع ؟ يا لهذه الديمقراطية الليبرالية المهينة لإرادة الشعوب ولحقها في الاختيار ! تصوروا مثلا لو أن صبَّاحي أو أبو الفتوح في المرتبة الأولى ؛ فهل كنا سنسمع – لا أقول سنقبل – بمن يطلب من الاثنين بالانسحاب لمن هما خلفهما ؟ كيف صرت إخوانياً ؛ بل ومن أشد المتحمسين لمرشحهم دكتور هندسة الفلزات وحماية محركات مركبات الفضاء محمد مرسي ؟ فلأنه لواحد مثلي يمثل إكسير نجاة وتعافي للثورة المدنية المصرية خاصة بعد حل البرلمان المنتخب ، وإعادة ثورة مصر الى نقطة الصفر . لا مقارنة بين مرشح جاءت به ثورة 25يناير من معتقله في وادي النطرون وبين مرشح كان رئيسا لحكومة مبارك وجيء به خصيصاً لإعادة النظام السابق وفلوله الفاسدين ولمهمة واحدة هي ضرب الثورة وإعادة عقارب الزمن الى ما قبل 11فبراير 2011م ! ألم يقل الفريق شفيق وفي أول خطاب متلفز عقب حكم المحكمة الدستورية : إننا عائدون .. عائدون .. شاء من شاء و...). المسألة الثانية وتتعلق بانعكاسات الانتخابات الرئاسية المصرية على مجمل الثورات العربية ومنها ثورة اليمن التي رأينا النظام السابق وفلوله وكأنه يقود حملة الفريق شفيق ، ففي حال فاز مرشح الحزب الوطني على مرشح حزب العدالة والحرية فلن تكن هذه النتيجة سوى إرتكاسة كارثية ستلقي بتبعاتها على استقرار المحروسة والمنطقة عامة . فما يحدث في مصر سيكون تأثيره سلباً أو إيجابا على ثورات الربيع العربي التي بلا شك انتخاباتها الرئاسة أو التشريعية لها صلة مباشرة ومؤثرة في المشهد العربي عموماً ، فإذا كانت إسرائيل قد وصفت صحفها – بعيد وصول حركة النهضة في تونس ومن ثم تنظيم الأخوان في مصر الى السلطة والرئاسة – ثورات الربيع العربي ؛ بثورات الشتاء القارس ؛ فإن وصول الفريق شفيق الى قصر القبة سيكون ربيعاً انقلابياً ارتداديا على كل ثورات التغيير في دول المنطقة . المسألة الثالثة التي جعلتني أتحمس لمرسي ؛ فتتمثل بكونه الرئيس المدني الأول الذي يعول عليه تغيير الصورة النمطية السائدة عن الإسلام السياسي وتاليا إفساح المجال أمام جماعة الأخوان المحظورة منذ عقود ثمانية كي تزاول نشاطها السياسي ، وكي تقود وتحكم وتعارض وفقاً والطرق والوسائل الديمقراطية العصرية ؛ لا بناءً وتقاليد التنظيمات السرية التي عُرف بها تنظيم الأخوان المسلمين خلال الحقبة الماضية . المسألة الرابعة وهي أن انتخاب مرشح العدالة والحرية بنزاهة وشفافية سيكون اختراقاً قوياً في جدار تاريخ طويل من حكم القيادات العسكرية أو الدينية ، فلأول مرة يأتي رئيس مصري من خلال صناديق الاقتراع وليس عبر الترسانة الحربية أو رهبان المعبد . ثنائية لطالما فرضت نفسها على الشعب المصري مذ عصر الفراعنة وحتى حسني مبارك وكذا الفريق شفيق ، فمن وجهة نظري المتواضعة يعد انتخاب الدكتور مرسي كسراً لهذه القاعدة التي يمثلها اليوم جنرالات المجلس العسكري . ففي حال فاز الفريق شفيق كان النظام العسكري سيبقي قوة موجهة وراسخة في كيان النظام الذي سيُحكم المحروسة ما بعد سقوط الرئيس مبارك ورموزه الذين يمثلون امتداداً لحكم ضباط ثورة 23يوليو 52م .إما وقد كان الرئيس مدنياً ومنتخباً وليس من المؤسسة العسكرية ؛ فأن مصر ستلج عهد جديد من الديمقراطية والمدنية واحترام الحقوق والحريات وغيرها من القضايا الديمقراطية والوطنية والقومية التي ظلت مؤجلة وعالقة . نعم الرئيس سيجد ذاته في مواجهة حرس الجمهورية العتيد الذي يشبه لحد ما حُرّاس علمانية كمال أتاتورك الى وقت قريب ، وحُرّاس ثورة تحرير الجزائر ، ومع وجود هذا الإرث التاريخ المثبط والمعرقل لحركة ودوران العهد الديمقراطي ؛ سيظل تفاؤلنا وطموحنا كبيرا بالشعب المصري وبثورته ونضاله وإصراره على تحقيق الدولة الديمقراطية العادلة .  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي