الإرهاب والمجتمع الدولي ...معايير مزدوجة

محمد قشمر
الثلاثاء ، ١٣ مارس ٢٠١٨ الساعة ٠١:٥٢ مساءً

تعود الى الذاكرة بعض المآسي الإنسانية التي حدثت في بعض الدول الإفريقية والمتعلقة بالانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات ، ثم كيف تم الانتقال الى مكافحة الإرهاب المتعلقة بالجماعات الإسلامية المتشددة التي تمارس نفس الانتهاكات للحقوق والحريات دون المساس بأولئك المنتهكين لنفس الحقوق والحريات من الطوائف والمذاهب والقبائل الإفريقية الأخرى .


اليمن في الوضع الحالي يعيش حالةً إنسانيةً مزرية بسبب الانقلاب الذي تقوده ميليشيا الحوثي والتي ارتكبت خلال الثلاث السنوات من حكمها القهري لأغلب الشعب اليمني الكم المهول من الانتهاكات الجسيمة التي يعترف العالم أجمع أن الأعمال تلك في أي مكان في العالم هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ، ولكنه يبقى جامداً أمام انتهاكات الحوثيين لتلك الحقوق مما أدخل الكثير من الباحثين في الحقوق والحريات في متاهات التأويل والبحث عن الأسباب التي أدت الى هذا (النشاز الإنساني) من قبل المجتمع الدولي في تعاطيه مع انتهاكات الحثوثين للحقوق والحريات في اليمن .


العلاقات السياسية والمصالح الدولية المختلفة القائمة على الأطماع الاقتصادية والسيطرة تحطم آمال الكثير من الذين انتهكت حقوقهم، وتجعل أحلامهم في العدالة المجتمعية والدولية كسراب، خصوصاً وأن القائمين على المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني أصبحوا جزءً من عملية ٍسياسية ٍعالمية تقتل الحق الإنساني أو تساهم في كبته من أجل تحقيق مصالح مختلفة لبعض الدول التي تتدعي أنها راعية للحقوق والحريات، لتتحول الحقوق والحريات الى أداة مساومة وليست حق .


عندما نتحدث عن الإرهاب فإننا غالبا ما نعود الى ما تم طرحه من تعريفات دولية في هذا الشأن ومن أوائل التعريفات ما تم طرحه في مؤتمر توحيد القانون الجنائي في فارسوفيا عام 1927 ومؤتمر بروكسل 1930 وكوبنهاجن 1935 أي قبل نشوء منظمة الأمم المتحدة وحتى أخر المؤتمرات التي تتحدث وتسعى الى تعريف الإرهاب، وتوالت بعد ذلك التعريفات المختلفة للإرهاب وكلها تتضمن ما يمكن أن يشكل خطراً عاماً موجه ضد السلامة الجسدية للأفراد والأموال وخلق حالة من الرعب غيرها من المآسي التي ترتكب من قبل الإرهابين.


 والحقيقة أن كل تلك التعاريف تنطبق وبشكلٍ مباشر على الحوثيين كحركةٍ ميليشياويةٍ طائفية مسلحة قامت بكل تلك الإعمال التي ذكرتها التعاريف الدولية للإرهاب، ولكن المجتمع الدولي ومن أجل تحقيق بعض المكاسب المجنونة تغافلت عن كل تكل الانتهاكات التي تقوم بها الحوثية كحركةٍ إرهابيةٍ ليستمر الإرهاب الحوثي في غيه وقتله وتشريده لليمنيين .
الإرهاب عندما يصبح مجرد ورقة تستخدم من أجل تحقيق مصالح دولاً وأفراداً على حساب شعوب بأكملها فإن المعاني الإنسانية ستندثر ليحط على ركامها الدمار الذي لن يستثني احداً في هذا العالم. 


الميليشيا الحوثية ستظل تنتهك كل الحقوق والحريات وهي مدركة تماماً انها ورقة يميل الى بقائها الكثير من المجتمع الدولي ليس من أجل تحقيق مصالح الحوثيين كحركة طائفية استبدادية ولكن لتحقيق ما هو أبعد من ذلك وهو في الحقيقة ليس من مصلحة أياً من أبناء اليمن سواءً كان حراً أم كان حوثياً، فالجميع سيصبح جزءً من الورقة على طاولة القمار الإنساني.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي