احتياجات الضرورة

أسعد عمر
السبت ، ١٧ فبراير ٢٠١٨ الساعة ١١:١٨ صباحاً

جاء تقرير الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني باليمن والمكلف بموجب قرار مجلس الامن رقم 2342 لسنة 2017 م صادما بما تعنيه الكلمة بما تضمنه من تفاصيل خطيرة وتقييم مرعب بما حمل في طياته من النُذر الكثيرة .


وبرغم اهمية ما جاء به التقرير فيما يخص الانقلابين الا ان ذلك لن يكون محور حديثنا الان باعتبار ان ما وصل اليه وضعهم اليوم وغدا يعد امر طبيعي لمجموعة انقلابية تعيش اصعب اللحظات جراء حالة الضغط الداخلي والخارجي التي تعيشها .
ولان ما يعنينا في صف الشرعية هوالحديث عن الإشارات والدلالات التي تضمنها تجاه وضع شرعيتنا والعلاقة غير الطبيعية التي تعيشها مكوناتها وتأثيرات ذلك على مستقبل الشرعية واليمن وسلامة اطرافها.


فالتقرير احتوى في الجوانب المختلفة التي شملها عمل الفريق على إشارات بالغة الدلالة بوقوع جميع مكونات الشرعية في الاخلال بمسؤولياتها تجاه الهدف الرئيسي في استعادة الشرعية وعودة مؤسسات الدولة لأداء مهامها وأكد بوضوح مدى تجاوز الجميع في صف الشرعية للمرجعيات الناظمة للمرحلة خاصة قرارات مجلس الامن الخاصة باليمن وبالذات القرار 2216 .
ولم يستثني التقرير من المسؤلية بموجب ذلك اي من المكونات الوطنية في التشكيلات الرئيسيّة او المقاومة الشعبية ولا الدول الخليجية الاساسية الفاعلة على الارض من التحالف الداعم للشرعية .
ولعل النظرة التشاؤمية التي حملها التقرير قد بنيت بناء على تحليل واقعي لما يدور في الساحة اليمنية بمختلف مستوياتها وفق منهجية عمل دقيقة لا تقبل التأويل او الاتهام للعاملين عليه الامر الذي يجعل من الوقوف عليه من قبل الجهات المعنية في قيادة الشرعية ومكوناتها والتحالف الداعم لها أمرا ضروريا وبأقصى سرعه .


على يتبع ذلك بشكل فوري العمل على تدارك الفجوات التي دبت في مفاصل منظومة الشرعية والتحالف القابلة للتوسع السريع مالم يتم تلافيها بمسؤولية وفق رؤية واضحة المعالم من منطلق المصلحة المشتركة في تجنب تبعات الانهيار الكبير الذي ستمتد اثاره السلبية وأخطاؤه لتشمل الجميع على مستوى المنطقة متجاوزا لكل الحواجز أمامه و الحدود خاصة ما يتعلق منها بالتوسع الإيراني واتساع حجم القوى التابعة له اضافة الى انتشار الارهاب والمجاعة والامراض الوبائية .
وامام ما نشهده من تطورات وبناء على أورده التقرير فإننا نكون امام احتياجات الضرورة التي يقع لازما على الجميع العمل عليها لتلافي الاخطار وسد منافذ الشر والهزيمة في منظومة الشرعية بمكوناتها المختلفة والتحالف الداعم لها وتتمثل ابرز هذة الاحتياجات من وجهة نظري في الآتي :
• نحن بحاجة اليوم لخطاب سياسي وإعلامي واجتماعي من شأنه ان يعزز التلاحم ويفوت الفرص على اصحاب الشقاق ويراجع المندفعين خطاب يلم ولا يفرق ، خطاب يطفي الحرائق لا يزيدها اشتعالا . 


• نحتاج لافكار تعين القيادة وتدفعها للعمل لمصلحة الوطن وأولوياته في مهام استعادة الدولة وتفعيل مؤسساتها وانهاء الانقلاب من منطلق التعامل مع الواقع يراعى فيها طبيعة الوضع الداخلي ومتغيرات ميزان القوى وحجم المصالح الخارجية ومستوى حضور أقطابها في اليمن والمنطقة ومطامعها ومناقشة الاخيرة بوضوح في اطار مؤسسات الشرعية العليا والتحالف وبقية الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن والهيئات الدولية المعنية . 
• نحتاج لأسلوب قيادة جماعية تتحمل فيه مختلف القوى السياسية الوطنية للمسؤولية في القرار والتنفيذ الى جانب الاخ الرئيس ويكون من أولويات هذة القيادة ان تعي اهمية ايجاد التوازن بين مصالحنا الوطنية ومصالح شركائنا والأقطاب الدولية الطامحة بما يحفظ سيادتنا الوطنية واستقلالية القرار . 


• نحتاج لإطار سياسي وطني جامع لكل القوى الفاعلة في اليمن يعمل وفق رؤية تتناسب مع طبيعة المرحلة ومتطلباتها وجعل التحالف السياسي الذي تعمل عليه الاحزاب والقوى السياسية الداعمة للشرعية أساسا له خاصة وانه قد تم قطع شوطا كبيرا في الإعداد له و لم يتبقى أمام المكونات التي بادرت للعمل عليه برعاية وإشراف مباشر من رئيس الجمهورية سواء إشهاره من داخل الاراضي الوطنية . 
•    نحتاج لجمع شتات كل مكونات الشرعية عبر عقد لقاءات مباشرة بين اطرافها دون استثناء ومناقشة كل القضايا العالقة بدعم وإشراف ومشاركة من دول التحالف وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تطرح فيها كل الامور بوضح وشفافية وتناقش بمسؤلية والوصول من خلالها لتسوية شاملة بين مكونات الشرعية ودول التحالف الداعم لها وبالذات الخلافات القائمة بين قيادة الشرعية والإمارات والمجلس الانتقالي وموقف الامارات من الاصلاح والانشقاقات القائمة بين المكونات السلفية وداعميها .. الخ وضبط توجهات الجميع والتزامهم بالوجهة الصحيحة في مهمتنا الحالية وادراك مخاطر انقسام اليمن وتشظيه على المستوى الوطني والاقليمي والدولي . 
•   نحتاج الى مراجعة وتقييم الجبهات ودور وفاعلية القوى المشاركة فيها وكشف مكامن الضعف والفساد داخلها والحد من هيمنة تجار الحروب وإعداد خطة مزمنة لتحرير باقي المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابين وانهاء جبهات الاستنزاف للجيش الوطني والتحالف خاصة في المناطق المتبقية من المحافظات المحررة خاصة منها في مارب والجوف . 
• نحتاج لادارة ازمة بتعديل حكومي يضمن فيه الشراكة المتوازنة لكافة القوى بما فيها المجلس الانتقالي وتقليص من حالة الترهل السائد في الحكومة وتقسيم المهام على عدد محدود من اصحاب الخبرة والكفاءة المرتبطين بالميدان وفق خطة زمنية وبموازنة مالية تصرف عبر الأوعية المالية القانونية المعنية وانهاء مظاهر الفوضى في صرف وادارة موارد الدولة بتفعيل المؤسسات المالية المناط بها هذا الدور بحكم الدستور والقانون .


• نحتاج الى سرعة استعادة الدور الرقابي للبرلمان والجهات القضائية واجهزة الرقابة لممارسة مهامها جنبا الى جنب مع الرئاسة والحكومة .
 
• نحتاج لإجراءات عاجلة تحل اشكالات المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية واستدراك تبعات اعادة مئات الآلاف منهم منكسرين وحاسرين على أرزاقهم الى متاهة البطالة ومخاطر ان تزج بهم الحاجة بسبب الفاقة والجوع التي تهددهم ومن يعولون ليكونوا أدوات طبعة بيد قوى الارهاب والجريمة والانقلاب . 
• نحتاج لإنهاء ظاهرة التوريث والاستئثار العائلي والمناطقي و الحزبي على المناصب والوظائف وانهاء الفساد وعزل الفاسدين ومحاسبتهم . 


• نحتاج لان نتعامل جميعا بمسؤولية امام الله والشعب والوطن وبالذات منا اصحاب مواقع القرار وان يعي الجميع بأن قضيتنا الاساسية اليوم هي استعادة الدولة في كامل اليمن والا ننشغل عنها بالترهات والتفاصيل وان نخلق بداخلنا لأجل هذه المهمة إرادة صادقة للخروج باليمن وأبنائه والمنطقة من مأزق الحرب وتبعاتها التي أوقعنا بها الانقلاب وقواه المدعومة ايرانيا ولنتحول بعدها لاستكمال ما تبقى من مهام في تحديد مستقبل اليمن وشكل دولته وفقا لما تضمنته مخرجات الحوار الوطني وبالخيار الذي يرتضيه الشعب .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي