الجنوب المرغوب وخيار هادي!!

د. عبدالحي علي قاسم
الاثنين ، ٠٥ فبراير ٢٠١٨ الساعة ٠٨:٢٥ مساءً


    على وقع الأحداث الساخنة، والرياح الأمنية والسياسية العاصفة في معترك الساحة الجنوبية، تتوالى الأحداث، وتشتبك استحقاقات التحالفات والمواقف في معطيات مغالبة ثرية بالمزايدات، حد تخطي مربع التسامح، ودخول أوكار الصراع الدموي. الغائب في هذه الجلبة الصراعية هو روح الحوار والشراكة، وتفهم أولويات المرحلة بحساباتها الإستراتيجية. والأهم من ذلك كله مستقبل الحرية والديمقراطية المخيف خصوصا ونحن أمام جموع عصابات مجندة بنفس مصالحي مرتهن لأبشع صور النظم التسلطية في الجوانب السياسية. في الخطاب السياسي "الانتقالي" توزع إشباعات لا حصر لمغانمها التنموية الخادعة تنتظر أبناء المناطق الجنوبية، بيد أن نهم الحرية غير المرغوبة ليس فقط في طي النسيان بل مخذوفة تماما حتى في واقع ومسمى النشاط الحراكي الانفصالي وهوية دولته العصاباتية.


   رعاية التسلط، ودعم روافع ابنيته تجلت في أدوات البناء الأمني " احزمة_ الوية"، الذي تشرف عليه وتديره أيادي غير وطنية تخاطبنا توجيهات وتصرفات بمنطق الوصاية، والاستفراد بخيوط اللعبة بمكاشفة تقرأ بوضوح أننا أمام أدوات فعل انتقالي لا تفقه استحقاقات المرحلة، ولا هوية بناء المفخخات الأمنية متعددة المهام.


   الكارثة التي يعانيها الجنوب واليمن بشكل عام أن ساسة عصابات، ومنظومات مناطقية وطائفية تتسلح فقط بقوة البطش، وتفتقر لبنية نضج سياسي معرفي يسعفها في تحطي شراك الأطماع الخارجية، وطوية الأثرة التي تدفعها باتجاه الانتقام التصادمي مع الشركاء الشرعيين.
   صعوبات تعترض مشروع الشرعية الوطنية أهمها تركة مثقلة باجترار أوبئة الماضي الإقصائي التسلطي بنفسه الإشتراكي السلبي في التعامل مع الرأي الآخر الشريك، ووصفة وصاية مغرمة بالتسلط والطمع. والنتيجة لا شك الفتك ببنية النسيج الوطني المريض،  وإهدار لجهود الشرعية في مواجهة تحديات المرحلة.


   منطق العصابات لا تهمها الخسائر الوطنية، مثلما لا تكترث في لجوئها لأسوء الأدوات المكيافلية في الالتقاء مع أسوء وسائل الاستقواء الحوثية لبلوغ غاية المصالح الفردية التسلطية.
   تتجلى تلك السياسة في مد يد دعمها واحتضانها لطارق عفاش والفارين معه من تنكيل آلة الموت الحوثية. انتهازية هذه العلاقة الانفتاحية لا تمليها رغبة أنصار الانتقالي في الجنوب المكلوم من عفاش والمغبون بقيادته المتخبطة، بقدر ما تصنعها، وتدفعها رغبة السياسة الإماراتية، ومرونة قيادة الانتقالي مسلوب الاستقلال السياسي.
   الحوثي المصدوم بسرعة انقلاب التمرد في عدن عليه، والذي لم تغيب عن آذان الانتقالي بعد صدى الوقوف في صفه في معركته مع الشرعية، لن ينسى الجميل المر الذي جرعته جماعة العيدروس، الذي حل زائرا على الصدرين في مريس لاكتشاف موطئ قدم إستراتيجي لن يجده لطارق عفاش لعنة الوطن ومصيبته. وليس لعيدروس موطئ استجابة واقعية في تحقيقه عدا ان يحل زائر بحكم العرف والقربى الذي تداوله أبناء المنطقة.


    بعض قوى التحالف لا ترى في بن بريك الحزام الرخوة، ولا جموع العيدروسية المضللة سوى قوى مستأجرة تبتضع منها ما يكفي لإشباع حاجة أطماعها، ومتى من انتهت تلك النزوة! سوف تربح صفقة ببيع خردة الانتقالي فاقد البوصلة الوطنية.
    لاخيار استنقاذي أخير، وواقعي أمام الانتقالي في معركة الجنوب الآمن والمزدهر، سوى أن تفتح صفحة وطنية صادقة مع شرعية الرئيس هادي، لتجنب فخ عواقبه مخزية نتيجة لتبعات تحالفاته في سطور القضية الجنوبية.


  مشروع هادي ودعمه هو فقط المخرج الآمن، والديمقراطي للجنوب واليمن بشكل عام، وسواه مشاريع فوضى تسلطية، وبالها سيطال الكل بما فيها قوى العنف المتمردة المعادية لمنطق الشراكة والحوار، ومغرمة بالتسلط حد السكر السياسي.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي