مكتسبات القضية الجنوبية (٢)

طارق نجيب باشا
الاثنين ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٠٨:٠٨ مساءً


كما كانت القضية الجنوبية هي المرتكز الأساسي لنقاشات جميع فرق عمل مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فقد كانت أيضا التعويذة الضامنة لتقويم مسار النقاشات بشكل يضمن رسم مستقبل سليم لليمن بمشاركة جميع القوى المدنية والسياسية في الحوار،


وهكذا كان إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية أثناء إنعقاد مؤتمر الحوار هي قاعدة الإنطلاق لكل قرار يتخذ، فيتساءل أعضاء الحوار - الصادقون منهم - عند طرحهم أية رؤية أو إتخاذهم لأي قرار عن مدى تواكب طرحهم مع تطلعات أبناء الجنوب بالدرجة الأولى وأبناء اليمن كافة حول المستقبل المنشود وحرصهم على ارتباط ذلك بالمعالجة العادلة لإنتهاكات وإختلالات الماضي،


لذلك وبعد نقاش جذور ومحتوى القضية الجنوبية التي توصف الإنتهاكات التي مورست ضد أبناء الجنوب من قبل النظام السابق وتوضح الإختلالات التي أدت لحدوث هذه الممارسات ضدهم، تم إقرارها جذوراً للقضية الجنوبية بشكل رسمي بصفتها جزء أساسي من وثيقة مخرجات الحوار الوطني، 


وتقديراً لمساهمة وتضحيات الحراك الجنوبي السلمي الهادف للتغيير وتأكيداً على أحقيتهم في تقرير مصير مستقبلهم، فقد أتفق أعضاء فريق القضية الجنوبية في الحوار على عدد من المبادئ التي إعتبروها مظلة عامة لإيجاد معالجات عادلة لآثار الماضي -وهي بالمجمل خلاصة نقاشات فريق القضية الجنوبية في الحوار- ويناهز عددها الاربعة عشر مبدأ ويتفرع عن بعضها عدد من المواد، ومن أهم هذه المبادئ هو المبدأ الثاني في التقرير النهائي لفريق القضية الجنوبية والمضمن في وثيقة مخرجات الحوار والذي ينص على أن: 


(الشعب حر ّ في تقرير مكانته السياسية وحر ّ في السعي السلمي إلى تحقيق نموه الإقتصادي والإجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كل مستوى، وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية اللذين ّوقعهما اليمن وصادق عليهما.) 


كما أن هذه المبادئ فصلت الأطر العامة لتوزيع السلطات والثروة، وأعادت رسم محددات السلطات الإدارية والتشريعية في المستقبل، وعالجت مكامن عدم المساواة في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن، وغيرها من الإختلالات الكثيرة.


ثم ختمت هذه المبادئ في التقرير النهائي لفريق القضية الجنوبية في الحوار بإلتزام رسمي من قبل جميع القوى السياسية والذي جاء نصه كالتالي :


(يعلن الموقعون أدناه إيمانهم وثقتهم الكاملين في أن هذا الإتفاق يتضمن تسوية عادلة وانعكاساً دقيقاً لفهمنا المشترك ونعتقد أن هذا الإتفاق يصب في مصلحة الشعب وعليه، نلتزم باحترام ودعم هذا الإتفاق بحسن نية ونظرة مستقبلية، بهدف بناء دولة اليمن الإتحادية والديموقراطية الجديدة...)


وعليه فإن أهم ما في هذه المبادئ أنها تعطي أبناء الجنوب خاصة وأبناء اليمن عامة الصيغ التي تمكنهم من تمييز التحركات السياسية للقوى الفاعلة في مثل هذه الأوضاع، وتساعدهم في تقييم نهجهم لبناء المستقبل والمبني على وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، كما تعطينا الأساس القانوني الصلب للمضي قدما في إحقاق تطلعاتنا ببناء دولة القانون والمؤسسات وطي صفحات الماضي وفق معايير العدالة والإنصاف والوصول إلى الدولة الجديدة المنشودة لنا جميعا. 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي