«معارض كبير» لـ «معارضين سابقين»

كتب
الجمعة ، ١٥ يونيو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٠٠ مساءً
عبدالعزيزالهياجم منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني في ديسمبر من العام الماضي , لم يتضح شيء من معالم التغيير سوى أنها تعمل في ظل رئيس جمهورية جديد وهو ما لم يألفه اليمنيون طيلة 34عاماً . وربما التغيير الملموس بصورة كبيرة هو أنه أصبح لدينا «قيادي معارض» بدرجة رئيس جمهورية سابق يتناول في تصريحات صحفية إخفاقات الحكومة وما يعتبره «فشلها» متناولاً بالنقد مسؤولين مدنيين وعسكريين عملوا في عهده دون أن يتعرضوا حينها لانتقاداته وتوبيخه. الرئيس السابق أو القيادي المعارض الحالي علي عبد الله صالح قال مؤخراً ان وزير الكهرباء هو فاسد كبير مع أنه عمل وزيراً للمغتربين وعمل محافظاً لمحافظة مأرب وشغل منصب وكيل وزارة الداخلية وكل ذلك في عهد الرئيس السابق. وكان لافتاً أيضاً تأكيد الرئيس السابق أنه لم يسمح للطائرات الأمريكية أن تخترق الأجواء اليمنية , وهو ما اعتبره مراقبون اتهاماً للرئيس الجديد بأنه سمح للأمريكان باختراق الأجواء اليمنية وضرب عناصر القاعدة بطائرات من دون طيار , وكلامه يعني أن الأمريكان لم يحصلوا في عهده على أي تسهيلات ولم يخترقوا سماء اليمن عبر طائرات من دون طيار. وقبل ذلك قال الرئيس السابق إن اللواء علي محسن متورط بنهب الأراضي وتهريب الديزل في معرض تأكيده على أن اللواء محسن ليس هو رجل التغيير الذي ينشده الشباب وأنه انشق عن صالح وهو غارق في الفساد , وهذا الكلام يدين الاثنين معاً لأنه يعني وجود مسئول فاسد ومسئول أكبر منه صامت وساكت على فساده طيلة عقود. أمام كل ذلك نخشى أن نجد أنفسنا أمام طرفين لا يتغيران ولا يحدثان تغييراً إلا في خطابهما الإعلامي تبعاً للموقع الذي باتوا فيه ..خصوم صالح الذين كانوا معارضين واتهموه في السابق بالتفريط في سيادة اليمن وبجرائم إنسانية مثل حادثة «المعجلة» التي سقط فيها ضحايا أبرياء بدلاً من عناصر قاعدة مفترضين ..باتوا حكاماً ينتقدون الرئيس السابق في كل شيء باستثناء الحديث عن تعاونه مع الأمريكان. وفي المقابل هناك قيادي معارض جديد ينتقد حكومة الوفاق والعهد الجديد مستهجناً أي تفريط بالسيادة اليمنية أو بالأراضي اليمنية , ومنتقداً أي حالة فساد أو ما يعتبره عمالة أوارتهاناً للخارج القريب أو الخارج البعيد , ومستنكراً تلقي شخصيات يمنية إعانات أو مكرمات من جهات خارجية تحت أي مسمى , حتى ولو أنهم كانوا يستلمون ذلك طيلة سنوات حكمه. ..وبالتالي فإن مشكلتنا الحقيقية أن نجد أنفسنا بين فكي حكام جدد لم يكونوا بمنأى عن الشبهات حين كانوا معارضين سابقين , ومعارض جديد بات يفتش في الملفات السابقة ويعمل جرد حساب لأخطاء وخطايا خصومه وكأن مسؤوليته حين كان على رأس الهرم , ليس ردعهم .. وإنما تركهم يغرقون في الفساد حتى يكون عهده حجة عليهم وليس حجة عليه. وفي كل الأحوال نحن نعلم بأن هناك تبعات كبيرة لكل عملية تغيير وأن هناك مخاضات لكل ولادة جديدة, لكن ذلك لا يعفي الحكام الجدد من مسؤولية تحقيق إنجازات يلمسها الناس وينعمون بثمارها. ما لمسناه خلال أكثر من ستة أشهر على تشكيل حكومة الوفاق الوطني هو أن الوزراء يسافرون كثيراً ويحضرون في ندوات ومؤتمرات خارجية كما كان يفعل الوزراء السابقون ..لاشيء تغير ..مع أن هذا الأمر كان ينبغي أن يتم الحد منه وإيكال أمر تمثيل اليمن في تلك المؤتمرات والندوات وخصوصاً غير الضروري منها الى سفراء اليمن في تلك البلدان كما يفعل آخرون في إطار ترشيد الإنفاق وخصوصاً أن وضعنا الاقتصادي والمالي منهار جدا ونبحث عن مساعدات ودعم من الأشقاء والأصدقاء. نريد من الحكومة الجديدة أن تتعاطى بشفافية مطلقة وتطلع الناس على أسباب ومعيقات إنجاز أي تغيير أو إصلاح وكشف المعوقات ..إذا لم تكن ذاتية فإن القول بذلك ليس كافياً لتبرئة ساحتهم وإنما تحديد من هو السبب. وأكثر ما نخشاه أن التسوية السياسية القائمة - كما نلحظ - تتجه إلى الابقاء على واقع قائم على أطراف وأقطاب عدة متخاصمة لكن لا أحد منها منتصر ..وعندما لا يكون هناك طرف منتصر فإن الحقيقة المرة تعني أن هناك على الأقل طرفاً خاسراً هو الشعب اليمني الذي يدفع فاتورة باهظة لصراعات الأضداد . الأطراف المتصارعة وغير المنتصرة تحصل على الأقل على تعويضات وترضيات من رعاة التسوية السياسية , لكن هذا الشعب لا يحصل على تعويض من أحد ..لاشيء تغير سوى أن رئيساً سابقاً تحول الى معارض كبير , ومعارضين سابقين تحولوا إلى حكام جدد.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي