ماذا نريد من مؤتمر الحوار الوطني ؟!

كتب
الاربعاء ، ١٣ يونيو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٣٢ مساءً
  محمد عبد الرحمن المجاهد من المؤكد أن الحوار بين الناس مطلوب ومرغوب به أيضاً للوصول لحلول ناجعة وصحيحة للقضايا العالقة فيما بينهم ، خصوصا ذلك الحوار الذي يسوده العقل والمنطق وترافقه الرغبة الأكيدة في فهم الآخر وتقبل طروحاته وقضاياه العادلة، التي لا تكون على حساب مصالح الآخرين، أو على حساب المصالح العامة للبلاد والعباد .. ونحن مقدمون على مؤتمر الحوار الوطني, ومن خلال الطروحات المتعددة للقوى السياسية لا نعرف تحت أية ثوابت أو أسس سينعقد ذلك المؤتمر ؟ فكل يتكلم عن (ليلاه) وكل يريد من المؤتمر بحسب المؤشرات تمرير أجندته وتحقيق مآربه ، التي سبق أن أعلنها واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، فهناك الأجندة الانفصالية الصريحة التي يطرحها (البيض) ومن والاه ويدعمه ، وتطرحها أيضاً جهات حزبية تجدد بها أحلام الماضي في خلق دولة ما يسمى بالجنوب العربي، التي كان يدعمها ويشجع عليها الاحتلال البريطاني سابقاً. وهناك أجندة أخرى مشابهة يطرحها العطاس ومن يسمون بالحراك، إضافة إلى أجندات أخرى مصبوغة بالمذهبية والمناطقية ، ومع ذلك نرى الإلحاح على خطب ود كل ذلك الشتات المأزوم الذي بلا شك أو ريب سيدخل مؤتمر الحوار حاملاً معه عوامل الفرقة والتمزق والعداء للوحدة ولكل ما تحقق عقب إعادة الوحدة من ديمقراطية وتعددية سياسية وحزبية وغيرها ، ولا ندري كيف سيكون الحوار مع هؤلاء؟. إلا إذا كانت لجنة التواصل أو اللجنة التحضيرية لديها عصا موسى ، أو تميمة سحرية تستطيع بها السيطرة على كل أولئك المتناقضين ، وإقناعهم بالعودة إلى جادة الصواب والحرص على مصلحة البلاد والعباد العليا في الوحدة والديمقراطية والعدالة والمساواة ، وقبل كل ذلك التسليم بالنظام الجمهوري، الذي جاءت به ثورتا 26سبتمبر و14أكتوبر واتفاقية الوحدة المباركة في 22مايو 1989م. بحيث يرضى ما يسمَّون بالحوثيين ويتنازلوا عن حلم حكم الأسرة الهاشمية أو المنحدرين من البطنين، ويتنازل دعاة الانفصال ويؤمنون بأهمية الوحدة وحتميتها بديلاً عن الحكم الشمولي الذي يحلمون بعودته، عند ذلك سنقول: لقد تحققت المعجزة وعاد اليمانيون إلى صوابهم وحكمتهم التي وصفهم بها سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم ، وغلبوا مصالح الوطن أرضاً وإنساناً على مصالحهم الذاتية الضيقة، ولن يحصل ذلك إلا إذا كان هناك وضوح ومصداقية في الحوار، وثوابت وطنية لا يحيد عنها أحد أبداً، تتجسد هذه الثوابت في الوحدة سواء كانت اندماجية أو فيدرالية بعدة أقاليم، لا تقل عن خمسة أو ستة أقاليم يخضع جميعها لحكم محلي كامل الصلاحيات ، يدير كل إقليم أبناؤه ومواطنوه عبر انتخابات ديمقراطية شفافة. وفي ديمقراطية وتعددية سياسية وحزبية يحترم فيها حق الآخرين وآراؤهم التي لا تتعارض مع الثوابت الوطنية ، وذلك بعد أن يزال الظلم والإجحاف الذي حصل لأبناء المحافظات الجنوبية وغيرهم في عموم مناطق اليمن الذي تسبب به ليس النظام السابق بمفرده, ولكن نظام ما قبل الوحدة في الشطر الجنوبي سابقاً كان له النصيب الأوفر فيما تعرض له أبناء الجنوب سواء قبل الوحدة أو بعدها. وخلاصة القول أن لا يذهب الجميع إلى مؤتمر الحوار الوطني كالعميان ، كل يحمل (مسبه) واضعاً فيه أجندته ويريد فرضها على الآخرين ، وبذلك سيصبح مؤتمر الحوار الوطني مؤتمر للخوار ومناطحة ثيران ليس إلا ، ولذلك يجب على اللجنة التحضيرية للمؤتمر أو لجنة التواصل أن تضع من الآن ضوابط وأسس صحيحة يسير على ضوئها المؤتمرون ، تكون الثوابت الوطنية هي المظلة التي يجرى تحتها الحوار حتى لا يصبح الحوار خواراً للطرشان .. وحتى لا تضيع مصالح الوطن وثوابته ، وتصبح ثورة الشباب كأن لم تكن ، فتذهب أرواح الشهداء ودماؤهم هباءً منثوراً ، فيفوز المتمصلحون ودعاة الفرقة وأعداء البلاد بما أرادوه ويخسر الوطن بكل شبابه وشرفائه ، فيمثل ذلك نقطة سوداء في تاريخ الشعب اليمني ونضاله حتى أبد الآبدين ، فعلى المتحاورين والعقلاء منهم بالذات أن يعوا أنهم محملون مسئولية وطنية عليهم أن يثبتوا أنهم جديرون بتحملها. هل يصلح (مهاتير محمد) ما أفسده الدهر ؟! في وجود الفساد الطاغي على كل مفاصل الدولة والمجتمع والانفلات الأمني والصراع السياسي وسيطرة القبيلة والوجاهات والعشائر, لا يمكنه أبداً أن يستطيع ولا ألف (مهاتير) أن يغير شيئاً من حال البلاد وواقعه. فمهاتير محمد ذلك الزعيم الماليزي الكبير لم يستطع أن يصنع معجزته في بلاده إلا بعد أن قضى على الفساد أولاً وحقق الأمن والأمان وأزال الفوارق الطبقية بين كل الأثينات في بلاده المتمثلة بالأعراق الماليزية والصينية والهندية وغيرها من الأقليات ، وجعلهم كتلة واحدة صلبة ليس لها هدف إلا تحقيق النماء والتطور لبلادهم ، كلهم في خندق واحد يرمون ويسعون معاً لما فيه مصلحة البلاد أرضا وإنساناً، ولم يكن ذلك المهاتير العظيم يخضع لأحد في الداخل أو الخارج ، يسيره لمصلحه وأجندته.. ولقد كان صادقا في قوله بأن اليمن لا يمكن أن يحقق تنمية أو تطوراً في مناحي الحياة إلا بعد إنهاء الفساد وتحقيق الأمن والتكاتف بين كل القوى السياسية في البلاد وتحقيق العدل والمساواة بين كل المواطنين وتوزيع الثروة الوطنية بالتساوي لتحقيق نماء حقيقي لكل البلاد، والخروج من تحت (عباية) ووصاية من لا يريدون ولا يرون إلا مصالحهم الضيقة فقط ، فبدون ذلك لا يمكن أن تصنع أية معجزة ولو كان بيد مهاتير عصا موسى أو كل معجزات وكرامات كل الأنبياء والأولياء والصالحين. (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم، وربما بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني إن شاء الله تحصل المعجزة وبعدها لن نحتاج لا لمهاتير ولا لغيره، فلدينا العديد من الكفاءات والخبرات في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية إذا أتيحت لهم فرص العمل وأعطوا من التقدير المعنوي المالي ما يستحقونه كل بحسب كفاءته وخبرته وجهده، إلا إذا كان كما يقول المثل: (تيس البلاد ما يحبِّلش) ؟ وشكراً للأخ مهاتير محمد صانع المعجزة الماليزية على تلبيته لزيارة بلادنا وعلى نصائحه القيمة.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي