عُمان ارض الحُب والأمان

محمد بالفخر
الجمعة ، ٠٦ اكتوبر ٢٠١٧ الساعة ٠٦:١٢ مساءً

منذ صغري وفي مطلع سبعينيات القرن الماضي ومع بداية رحلة الاغتراب كنت اجلس مع والدي رحمه الله في دكانه الصغير بمدينة جده وكان المذياع هو الوسيلة الوحيدة التي نتعرف من خلالها على العالم وما يجري فيه وقد كانت إذاعة لندن وفي نشراتها الإخبارية المتعددة هي الخيار الأول وإذاعة عدن هي الخيار الثاني لمعرفة ما يجري في ارض الوطن وقد كانت الأغاني الثورية تصدح بين الحين والآخر ولها برامجها المتعددة ومن تلك البرامج برنامج يتحدث عن عمان وجبهتها الشعبية التي تنادي بتحرير عمان والخليج العربي  ولم أكن اعلم او يخطر في بالي حينها ان هذا تدخل سافر من دولة الرفاق في عدن في الشئون الداخلية لدول شقيقة ومجاورة وقد كانت اغنية للفنان محمد محسن عطروش تتكرر كل يوم في ذلك البرنامج اذكر منها مقدمتها التي تقول : 


الشتاء لو طال ليله أو كثر فيه الصقيع 
نحتمل برده وصقيعه طالما بعده ربيع 
وربيعي انتصارك يا عمان ...


وشاءت الأقدار ان اعود الى حضرموت بعد عدة سنوات عبر عدن المطار الوحيد الذي يسافر من خلاله معظم أبناء حضرموت ومن عدن لابد من رحلة برية حيث لم يفتتح مطار المكلا في ذلك الوقت فقد كانت المكلا هي وجهتي الأولى وفي الباص تعرفت على شابين يكبرانني سنا لفت انتباهي حديثهما فيما بينهما بلغة غير مفهومة بالنسبة لي مما دعاني ان اتعرف عليهما فقالا انهما من ظفار وينتميان للجبهة الشعبية وكان هذا الجواب كافيا ليجعلني اتوقف عن أي استفسارات أخرى فالجبهة الشعبية تذكرنا بالجبهة القومية  . وعند وصولي المكلا حاضرة حضرموت لفت انتباهي أحد المباني في الشارع الرئيسي للمكلا تعتليه لوحة باسم الجبهة الشعبية لتحرير عمان. 


وبعد سنوات تم الغاء هذا البرنامج في إذاعة عدن 


بعد ان تحقق لعمان انتصارها وتحقق لها ربيعها الدائم بحكمة قيادتها الرشيدة التي استوعبت المعارضين لها وانصهروا جميعا في عملية البناء والتنمية التي شهدتها عمان والتي سمعنا عنها من خلال وسائل الاعلام المختلفة ومن خلال من نقابلهم من أبناء عمان سواء في مواسم الحج والعمرة او من تعرفت عليهم خلال زيارتي لبعض البلدان وقد اهداني احدهم كتاب الامام  إبراهيم بن قيس بن سليمان الحضرمي رحمه الله ( السيف النقاد )  والذي فتح لي بابا للاطلاع على بعض من تاريخ حضرموت والذي طُمِسَ منه الكثير والعلاقة الوثيقة في ذلك الزمن بين أبناء حضرموت وأبناء عمان وخاصة في زمن الامام طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي رحمه الله قبل ان ينزح الى حضرموت اقوام شتى طاب لهم المقام فيها .


نعم انطلقت عُمان في العصر الحديث الى التنمية والى السلام والى الرقي بالإنسان العماني بحكمة قيادته والتي جعلت من عُمان ربيعا دائما سُعِدَ به أهلها .


بينما من كانوا يطنطنون بالشعارات الثورية احالوا بلادهم الى ٍشتاء دائم وادخلوها في دهاليز الانفاق المظلمة وعندما ادلهمت عليهم الخطوب واحاطت بهم سوء افعالهم لم يجد معظم القادة على وجه الخصوص غير عمان حضنا دافئا وملاذا آمنا ففتحت لهم أبوابها رغم تاريخهم السيئ تجاه  قيادتها التي اعطتهم درسا ونموذجا راقيا في التعامل الاخوي وحقوق الجوار والعفو عند المقدرة سجله التاريخ لتستفيد منه الأجيال القادمة ، الكتابة عن عمان شيقة وآمل ان تتاح لي فرصة زيارتها في قادم الأيام ،
لكن ما دعاني ان اكتب موضوعي هذا اليوم عن عمان امران فقط قبل شهرين سألت عن احد الأحبة لم اجده في حضرموت فجاءني الرد منه برسالة قصيرة

 

(( انا في عمان ارض الحُبٍّ والسلام والأمان ))


فقلت له طاب مقامك وهنيئا لك الاستقرار في تلك الديار  فنعم الاختيار ونعم القرار .
الامر الثاني ما اخبرني به ابني حمزه قبل 8 اشهر عندما سافر الى ماليزيا للدراسة وقد حصل على تأشيرة مرور للأراضي العمانية  من خلال احدى الوكالات في المكلا قال وصلنا المنفذ العماني ليلا وكان الجو باردا وهو قادم من بلد طقسها حار فقال بينما كنت واقفا في الطابور مرتجفا من البرد واذا بأحد رجال الامن في الجوازات العمانية يدعوني  لأجلس عندهم في المكتب حتى انهوا لي إجراءات الدخول كان التعامل راقيا جدا 


امس الأول كان ابني م. احمد والذي يدرس الماجستير في ماليزيا في الاجازة الصيفية قدم الى حضرموت عبر عمان وبتأشيرة من السفارة العمانية في ماليزيا 
وعندما أراد العودة بعد انتهاء الإجازة عانى الأمرين 


عاد من المنفذ العماني اكثر من مره ومثله كان الكثير اكثر من 220 شخصا من الطلاب والمرضى والذين كانت لديهم اقامات في البلدان التي سيسافرون اليها وتذاكر سفر مؤكدة الحجز والمنفذ العماني هو المنفذ الوحيد ليصلوا الى وجهتهم وخاصة بعد اغلاق المطارات في بلدهم امر في غاية الصعوبة وبعد عدة أيام سُمِحَ لهم بالدخول الى عمان وغادر ولدي في نفس اليوم عبر مطار صلاله .

 

املنا في الله وفي حكومة السلطان قابوس ان تكون عونا لمن تضطرهم الظروف للمرور عبر أراضيهم بان تفتح لهم أبواب المنفذ الوحيد ضمن ضوابط معينة لا تخل بأمن البلد وخاصة اننا نعيش في حالة حرب اضرت بالجميع فهل نجد مكرمة سلطانية تخفف عن الكثير هذه المعاناة؟ وانا لمنتظرون ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي