الذباب القطري الإلكتروني.. كفاكم طنيناً!

أحمد علي الحمادي
الثلاثاء ، ٢٢ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ٠٣:٥١ مساءً
 
علمتنا الحياة قيمة الهدف وضرورة وضوحه ناصعاً جلياً في الفكر والمخيلة لنصل إليه بكل سهولة متجاوزين العقبات والتحديات.
الإماراتيون والمقيمون على أرضها الطيبة يستطيعون أن يروا جلياً ماهية الهدف الذي تسير نحوه قيادتنا وتتجه إليه بكل شرف وقوة في أزمتها مع قيادة قطر وهو التصدي لكل ما من شأنه زعزعة الأمن واستقرار الوطن والأمان الذي منَّ به الله علينا، ما يجعلنا مدركين ومقدرين كل التقدير سمو الهدف ونُبل الوسيلة التي تنتهجها قيادتنا في مسعاها وزيادة إحساسنا جميعاً بالمسؤولية تجاه هذا الهدف والتكاتف الوطني لأجل أمن بلادنا ومحيطنا والجوار والأمن العربي كله..
 
 
لكن الهدف الذي تسعى إليه القيادة القطرية عبر أذرعها الإعلامية المختلفة لا وضوح فيه وأضاع البوصلة تماماً وتجده متخبطاً في كل خبر أو مناسبة تخص الأزمة الحالية، ويبدو أن التركيز القطري ينصب حالياً على وسائل التواصل الاجتماعي التي بات مفعولها ذا تأثير واسع وقوي في الشعوب باعتبارها سلطة خامسة ومنصة عابرة للحدود، فحكومتهم تحشد قواها للسيطرة على هذا الفضاء مقدمة الدعم الكامل لذبابها الإلكتروني الأرعن الذي يقوده بعدوانية سافرة «الإسرائيلي» عزمي بشارة مستخدمين في تحقيق أهدافهم لغة الإسفاف والابتذال والإساءة وسلاحهم المال والنفوس الضعيفة المأجورة.
 
 
عزمي إذاً يقود جحافل إلكترونية كبيرة تفوق عدد سكان قطر الذي بلغ حتى نهاية إبريل/نيسان من عام 2017 نحو 2.700.539 نسمة ،والقطريون منهم لا يتجاوز عددهم نصف المليون، فذبابهم أو جيشهم الإلكتروني يقدر بالملايين وينتشرون شرقاً وغرباً وفي كل قارات العالم حتى إن عددهم يفوق عدد أفراد الجيش القطري بمئات المرات والذي يقدر بنحو 11.800 فرد!
 
 
إذاً نحن أمام لعبة إلكترونية شريرة مُقنّعة بأسماء وهمية وشخصيات عبثية ليس لها أي هدف إنساني سامٍ وشريف، كل دورها التطبيل والتمجيد للقيادة القطرية والإساءة للإمارات ودول المقاطعة إساءةً توضح سوء النوايا والفجور بالخصومة وضحالة الفكر وتشتيت للقضايا الأساسية وتركيز على سفاسف الأمور بحماقة أعيت من يداويها!
 
 
فهؤلاء مثلاً لم نسمع لهم صوتاً رشيداً أو رداً صادقاً على التسريبات الصوتية التي بثها مؤخراً تلفزيون البحرين لحمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس وزرائهم ووزير خارجيتهم الأسبق وهو يتآمر على الشقيقة البحرين في حديثه مع الإرهابي علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق البحرينية الإرهابية المدعومة من إيران لشق الصف البحريني!
 
 
هل يكفي أن يكون المال هدفاً لأجله يهون كل شيء؟ تهون الأنفس والإنسانية والأوطان والأمن والأمان والدين والجيرة والدم والحرمات!
وإلاّ فماذا غير المال يجعلني أقف إلى جانب الظلم والعدوان وأمجّد في ضلاله واستباحته لأبسط حقوق الإنسان بأن يعيش حراً كريماً آمناً قادراً على العمل والعطاء والإنجاز؟
المؤسف أن هذا النشاز الإلكتروني يعمل بحماقة بالغة لإثارة الفتن والشقاق وتعميق الخلاف كما يعمل بخبث لاستعطاف الشارع العربي وخداعه بأن قطر تعيش حصاراً وليس مقاطعة وأنها هي (كعبة المضيوم) كما يدّعون، ونصيرة الحق والإسلام والمستضعفين.
ندرك جميعاً أن الفئة الكبرى من أهل قطر هم أهل وعي وخُلق وتحضر وإنسانية يجعلهم أسمى وأكبر مما يمارس من ابتذال وإسفاف إلكتروني وإعلامي باسم بلادهم،إلا أنّ ما تقوم به القيادة القطرية وجهازها الأمني من تشجيع لمثل هذا الطنين الإلكتروني الفاحش خُلُقاً وفاجر الخصومة سيعمق الخلاف ويشتت المساعي الرامية لرأب الصدع بين أبناء الخليج الواحد.
 
 
وهذا هو ما نرجو أن ينتبه إليه الشعب القطري، فالإساءة المستمرة والعنف اللفظي والتعنت في الرأي والصلابة على الباطل لا يمكن أن يعود ذلك بالخير على أهل قطر.
 
نعلم أنه من الطبيعي أن تدافع عن وطنك وتفتديه بكل ما تملك، ومن الطبيعي أيضاً أن تدافع عن الحق والخير والسلام، والحقيقة أننا لا ننكر أن هناك أقلاماً قطرية تحاول حل هذه المعادلة الصعبة، ساعيةً بأسلوب راقٍ للتهدئة بعرض يخلو من السباب والابتذال لكن الهجوم الشرس من هذه الخلايا الإلكترونية تُضيِّع مساعي الخير والسلام، يحاربون كل بادرة طيبة ويقلبون الحقائق ويشوهون الجميل كله، وليس أبين من مبادرة خادم الحرمين الشريفين الخاصة بالحجاج القطريين واستضافتهم بالكامل على نفقته الخاصة وكيف قوبلت إعلامياً وإلكترونياً بهجوم شرس وتشويه صورة المملكة في خدمة الحجاج.
 
 
يبدو أن تأثير المال القطري يظهر جلياً في استخدامه وهدره على مرتزقة متخفية بأسماءٍ وهمية تصور للقطريين مدى الظلم الذي يقع عليهم وأنهم في حرب عالمية جديدة تستهدف الدين والعقيدة وهو ذاته أسلوب الإخوان والجماعات المضللة باسم الدين، جماعات تعرف جيداً الهدف الذي تسعى إليه وهو السيطرة التامة على المنطقة العربية لإقامة حكومتها المتطرفة وإلغاء كل حرية وكرامة إنسانية باسم الدين!
 
 
في الوقت الذي يبدو فيه أن القيادة القطرية لا تدرك هدفها بشكل جلي وواضح، إلاّ إذا كان هدفها الأوحد هو إثارة الفتن والخوف وزعزعة الأمن والاستقرار لتفتح المجال كاملاً للجماعات الإرهابية التي لن تترك وقتها لقطر أي دور وستزيحها من طريقها بكل قوة، يومها فقط ستقول القيادة القطرية (أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض)...
 
 
لذا نأمل ألا يجيء هذا اليوم أبداً وأن تكف القيادة القطرية عن عنادها الذي لا ينم عن إحساس بالمسؤولية ولا بعد نظر، وأن يتوقف هذا الطنين القطري الإلكتروني عن هياجه الأحمق الذي لا هدف له ولا غاية نبيلة يسعى إليها إلا التشتيت عن أفعال القيادة القطرية المتعنتة واللامبالية بشعبها وشعوب المنطقة والتي لا تعترف أصلاً بلغة المنطق والعقل والحكمة، والتغطية على كل أخطائها بالصراخ والعويل والسباب والاستهزاء والإساءة لجميع من لا يوافق هواها.
 
 
*إعلامي إماراتي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي