محمد بن مسفر: ظاهرة قطرية أصيلة!!

د. عبدالحي علي قاسم
الثلاثاء ، ١٦ مايو ٢٠١٧ الساعة ٠١:٥١ مساءً
  الدكتور بن مسفر ظاهرة عربية قطرية أصيلة، وفريدة بامتياز! تخاطب الروح اليمنية بكل معاني الأخوة العظيمة، والاخلاص، والحرص على بلد الإيمان، والحضارة بعيدا عن شماتة الجهال، واحتقار الجعلان. وذلك بما تحمله من مفردات الهم اليمني بكل معاني الأخوة، التي تفيض بمداد قلمه، وتجلو بحكمة طرحه العقلاني العميق في الشأن اليمني بمختلف المؤتمرات، والمقابلات المتلفزة،  والاحتفالات، وكتاباته شبه اليومية.
 
 
   في طرحه يوحد ولا يشتت ويقسم كما هو شأن الآخرين، يبني ولا يهدم، يوصي الأخوة الأشقاء، ويحبب لهم سياسة النفع والخير. في مقال سابق رسالة مفتوحة للملك سلمان، وقف بمثابة الناصح الأمين بنوع من اللفتات البناءة، وبأسلوب أثار فيه المشاعر الجياشة لملك الخير والحزم، وابتعد ما أمكن عن هفوات الساسة، وسوء التقديرات التي تلم أحيانا بحسابات صناع القرار، وتداعياتها على الأمن والسياسة.
 
 
  هذا هو السياسي الذي تحتاج له الأمه، وسواه ملهاة وعبث يغلب عليه حب الظهور، وانتظار أجر قلمه ومد صوته. حقيقة، دكتور محمد الرجال من أمثالك قليل.
 
 
  بانصاف الدكتور بن مسفر، يجيد لغة التحليل العقلانية وفق مرجعية عربية سليمة التفكير والمنهج، عميقة الدلالات وبعد النظر، لا تغلب عليها الأحكام المسبقة، ولا المزايدات الهدامة، ولا حتى الأهواء الخاصة. يتغاضى عن الهفوات، ويجتهد في لم الصف، والتعريض لبعض النجاحات بانصاف.  وهذه عين مهمة من يحرص على البناء لا الهدم.
 
ينظر بعين ثاقبة في فهمه لمدخلات صنع السياسة القائمة في الخليج، وحيثياتها على نخبة تحيط بصانع القرار، وتحدد طبيعة السياسات وفقا لتقديراتها، وفي ضوء هذا المساق الممكن يخاطب، ويناشد بلغة محببة أخوية لطرح أفكاره الطموحة بوطن عربي متماسك وقوي لا تفرقه الأهواء الهامشية الضيقة، ولا يطمع فيه الأعداء، أو يصبح محل وصاية، وتندر بعد أن تدك عرى وروافع بنيانه  من القوى الإقليمية والدولية المتربصة.
 ليس غريبا على قطر أن تنجب رجال أفذاذ من ذوي القامات والهامات كالدكتور محمد بن مسفر، فبلد جادت بأمير كحمد بن خليفة لن تعجزها أن تقدم للأمة سياسي رصين، وصاحب ضمير عربي مثل محمد بن مسفر. 
 
 
  وهذا حال بلداننا العربية بعضها تخلف رجال، وأخرى تنتج أقزاما حثالة، ونعامات رضيت أن تدفن رؤوسها في وادي العمالة، وتجندت كأبواق لبث سموم الكراهية، وبث روح الفرقة والانقسامات، حتى بين أبناء الوطن الواحد. 
 
 
   قبل أشهر سطر كتابا مفتوحا لسلمان جمع بين أسطره لغة حسن التخاطب، وإنزال الناس منازلهم، وذكرهم بأحسن مافيهم ومكانتهم، وآمال الأمة المعقودة بنواصي خيرهم وصلاحهم، بلغة سياسي مفوه يجيد لغة الخطاب ومستواه، وفي نفس الوقت لا يستحي أن يشير بباع ذراعه السياسي إلى مكامن الخلل والخطر، التي يمكن أن ينفذ من خلالها أعداء الأمة ومآلاتها بالغة الضرر والخطورة.
 
 
   في صحيفة الشرق القطرية الموافق 16 / 5/ 2017 وضع نقاط الحكمة على جدول حروف الساسة، في مقال بعنوان "انقذوا اليمن العزيز قبل فوات الأوان"، دعى فيه دول الخليج وقوى الداخل إلى توحيد الرؤية والهدف في وجه المخاطر المهولة، التي تنتظر المنطقة حال عادت إيران إلى الجنوب تحت أي مسمى، أو ذريعة مكافحة الإرهاب.
 
 
 مناشدا في الوقت ذاته القوى الجنوبية، وخص بالذكر عيدرس الزبيدي وأعضاء مجلسه تغليب روح المصلحة على طفرة الأنانية، ومآلات الانشقاقات والانشقاقات المضادة على اليمن واليمنيين، وأن يستغل الإنسان حضوره وخبرته لما يخدم البناء وليس الهدم، كما هو شأن المخلوع وعصابته، الذي استنزف ذكائه في نهب وسرقة شعبه، مخلفا التنمية في طي الإهمال والنسيان.
 
 
مذكرا الداخل والخارج بأن الحكومة اليمنية والرئيس عبدربه، يعملون بإمكانات ضئيلة، ومتواضعة، بالكاد تغطي الرواتب، وبعض استحقاقات المعركة، كونها دولة تعيش وضعا غير طبيعي لا تتوفر لديها إيرادات  حالية تفي ولو بالجزء اليسير مما تحتاجه، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات والمنح الخارجية، التي غالبا لا تصل ولا يفي بها المانحين.
 
 
   مذكرا، أن خير اليمن يكمن في وحدته وأخوة أبنائه، وليس في مشاريع التفتيت والتقسيم وركوب أمواجها السياسية المتلاطمة. وإذا كان أبناء الجنوب قد تعرضوا لمظالم كبيرة من قبل صالح وعائلته، فالشماليين إلا القليل أخذوا قسطهم الوافر من المعاناة.
 
 
    كما ذكر الدكتور بن مسفر بأهمية تحرير ميناء الحديدة وبقية السواحل، لما لها من أهمية كبيرة في معادلة إسقاط الانقلاب.
   أخيرا، أذكر بفكاهة سياسية للدكتور محمد بن مسفر، جمعتنا به مائدة غداء في الموفمبيك صنعاء في اجتماع للجمعية العربية للعلوم السياسية في العام 2008 إن لم تخني الذاكرة، وجبة الغداء حضرها أحمد علي المخلوع، فكنت والدكتور محمد بن مسفر وثلاثة أكاديميين عراقي ومصري وسوري على مائدة واحدة. وبجوارنا مائدة التم حولها الدكتور أحمد الكبسي وخالد  الطميم رئيس جامعة صنعاء، وأحمد علي نجل المخلوع صالح والدكتور علي الدين هلال رئيس السياسات بالحزب الوطني المصري.
 
فكانت الوجبات الدسمة والذبائح قبل أن توزع تمر بمائدة أحمد علي لتسلم عليه، وتستأذن الانتقال إلى مائدة أخرى،  فلفتت هذه المحاباة والتمييز المبالغ فيه على غداء انتباه الدكتور بن مسفر، فابتسم نحوي لأني كنت الأقرب إليه وابن عفاش، فتحدث ساخرا من الموقف مافيش توزيع عادل للأكل، فرديت عليه بصوت مرتفع لا تستغرب دكتور في بلادنا لا توزيع عادل لا للثروة ولا حتى للأكل. فالتفت ابن الرئيس المخلوع نحونا، فلطف الجو الدكتور الكبسي قائلا ياضالعي ما تترك المزاح حتى فوق الأكل. 
 
 
     لك يادكتور محمد وأمير قطر تميم بن حمد، ووالد الأمير الأب والأمير الإنسان حمد بن خليفة، وشعب قطر العظيم مني ومن كل يمني محب لبلده، خالص الحب والوفاء والعرفان وآيات الشكر، فنعم الأخوة في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي