هجوم الشعيرات: رسالة أمريكية لإيران وأذرعها

د. عبدالحي علي قاسم
الجمعة ، ٠٧ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٢:٥٩ مساءً
 
   من طالع إدارة ترامب تبدوا مهمة طهران معقدة، وأن صيفا حارقا ينتظر جيوبها وأذرعها.  هاجمت الولايات المتحدة مطار الشعيرات لوقف جرائم السلاح الكيماوي لنظام الأسد لتصل رسالتها شديدة اللهجة والامتعاض من تهديد إيران لحلفائها الخليجيين في اليمن.
 
 
   على الحوثي المدثر زورا وكذبا بشعارات الموت لأمريكا، أن يستعد للمغادرة بأقل خسائر ممكنة، إذ ليس بوسع ملالي طهران أن تستمر في دس أنف دعمها له في اليمن وترامب قد فتح عين غضبه على طهران.
 
 
   إن قراءة بسيطة للضربة الأمريكية، ومؤشرات التفاعل الأمريكي مع حليفها السعودي في اليمن ينبئ أن لا مستقبل للقوى الانقلابية في مواصلة الاستماتة المرهقة لمليشياتهم وعصاباتهم.  وأن صيفا ملتهبا سوف يتغذى ماتبقى لهم من مغررين في المواجهة مع الشرعية المدعومة عربيا ودوليا. وأن غض واشنطن عينها عن دعم طهران المطلق للانقلابيين لم يعد قائما في حسابات إدارة ترامب التي ترغب في عودة دفئ علاقاتها الاقتصادية والعسكرية بحلفائها التقليديين في الخليج، وتحديدا السعودية. 
 
 
   لقد أدركت إدارة ترامب أن الولايات المتحدة لم تحصد من تقاربها مع طهران سوى مزيدا من انحسار نفوذها، ومصالحها، وهيبتها مقابل مكاسب وحضور دول لا تضاهي وزنها وقوتها الشاملة كروسيا.
 
 
   تقاربها مع طهران كان مكلفا بكل المقاييس، وليس أقلها أنها فقدت جزء كبيرا من مصداقيتها في اعتمادها شريكا مهما في معادلة الأمن والحماية الخليجية، ووضعت تركيا أمام خيارات تقارب على مضض مع روسيا. فسياسة الانكماش الأمريكية مع إدارة أوباما في شئون المنطقة مهد وبقوة لاختراقات روسية أكبر من حجمها استطاعت طهران أن تنفذ بقوة، وتستغلها بطريقة أستفزت أمن المنطقة برمتها.
 
 
   لا يوجد لاعب دولي بمقدوره أن يغير لعبة النفوذ والتغطرس الروسي مثل الولايات المتحدة، فالعالم وقف بين صامت ومؤيد للضربة الأمريكية لحليف روسيا في مطار الشعيرات، الذي يعكف صباحا ومساء على نهش حياة السوريين.
 
  بريطانيا تؤيد وبقوة، فرنسا وألمانيا ترى في الضربة الحدود الدنيا من الانتصار للكرامة الإنسانية السورية المهدورة، بفعل آلة الدمار والإجرام لنظام الأسد المبارك والمدعوم روسيا.
 
 
  تركيا تؤيد، ومستعدة حتى للمشاركة، ولا يختلف الموقف الخليجي عن ذلك. والآخرين المتعاطفين مع روسيا وطهران صامتين، إلا من بعض رغاء التخوفات من مآلات الضربة على مستقبل العلاقات الدولية بين أكبر الفاعلين.
 
 
      لم يعد أمام طهران في صيف 2017 سوى انسحاب هادئ من ثورة وزخم دعمها، وإعادت ترتيب أوراقها بما لا يؤجج غضب الولايات المتحدة وجيرانها الخليجيين، فروسيا غير مستعدة لتغطية مراهقة نفوذها الأكبر من حجمها.
 
 
   الحوثيون، وحليفهم صالح باي باي الموت لأمريكا ترامب، هذا اللهو المبالغ فيه سمحت فقط فيه إدارة أوباما، وغير مسموح الارتزاق به، ونهب حياة الشعب ومقدراته بتلك المشروخة الكاذبة.   
 
 
    هذه الضربة أثبتت أن لعبة تقاسم التدخل بين ترامب وبوتين في ملفات المنطقة غير واردة وثابتة، وأن حتى لعبة التقاسم المشترك في النفوذ والمصالح غير مؤكدة، كأن تستمر  الولايات المتحدة في غض طرف تدخلها في سوريا لتترك بوتين يمارس منفردا بطشه العسكري، ويجهز مع نظام الأسد على حياة السوريين. من منطلق أن لا سبيل أمام روسيا أن تتنازل عن حليفها، وموقع نفوذها الحيوي، وقواعد هيمنتها ولو اقتضى ذلك مغامرات إستراتيجية.
 
 
   الضربة الأمريكية سوف تعيد موضعت القراءات والاصطفافات في المنطقة بطريقة لم تكن في حسبان إيران وحلفائها .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي