لماذا اليمن في عين إدارة ترامب الإستراتيجية؟

د. عبدالحي علي قاسم
الأحد ، ٠٥ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
 
   من لا يدرك أهمية وعمق الموقع الإستراتيجي لليمن إقليميا ودوليا، فعليه أن يراجع عقله السياسي، ويعيد إعمال عقله وملكاته التحليلية في دائرة أبعاد الاهتمام الدولي. اليمن عبثت به العصابات، ودمرت الجزء الأكبر من مقومات بنيته العسكرية والاقتصادية، لكنه وبدون منافس "الأهم إستراتيجيا" في رقعة الجغرافيا السياسية، وليس من وارد الصدفة أن تحط إدارة ترامب عينها على اليمن، وتدشن برنامج سياستها الخارجية منذ خطوتها الأولى في البيت الأبيض. 
 
 
  الفورن بوليسي، وعلى صدر صفحتها الأولى، عينا على بكين وأخرى على اليمن العضمى.
 
 
    مالذي بحوزة اليمن في منطق القوة الشاملة؟ لا استقرار مع وجود عصابات الانقلاب، لا صناعة، لا ميزان تجاري منافس ليس لأمريكا بل لأبسط دولة نامية، تردي حتى في الخدمات الأساسية في ضوء معطيات الصراع. إذا لما كل هذه الجلبة والصخب في أكثر الصحف الأمريكية قراءة حول أهمية اليمن؟ والعين التي يجب أن تسلط عدستها الجيوبلوتكية بقوة عليها؟
 
 
   ليس فقط الأمر متعلق بخطب ود العلاقات الخليجية وترميمها، بعد أن شهدت تصدع وبرودة أقرب إلى العداوة منذ مجيء إدارة الملك سلمان في يناير 2015، واختلاف وجهات النظر مع الخليج وتحديدا المملكة السعودية في كثير من ملفات المنطقة الأكثر سخونة وخطرا، وتحديدا سوريا واليمن. بل الأمر أهم من ذلك بكثير، وحساباته المعقدة إقليميا ودوليا تفوق تقديرات قصر النضر لدى الكثيرين.
 
 
   تطويق إيران، وحلفائها الإقليميين والدوليين تبدأ من منافذ اليمن، وشواطئة الأكثر أهمية في حسابات العمق الحيوي لأهم منطقة مصالح عالمية. فوق أن وضع نهاية للنفوذ الإيراني في اليمن هو المدخل الأمثل لإعادة الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في الخليج  والسعودية أولا. كما أن من شأن تأمين السواحل اليمنية وعودة الاستقرار يصب في عصب المصالح الإستراتيجية العالمية، وتأمين تدفق التجارة العالمية التي هي أكثر الرابحين فيها.
 
  اليمن أولا: لأن إدارة ترامب تعلق في ملفها لأكثر من مهمة، فهي وفاء الإدارة في وعودها الانتخابية التي قطعتها بهزيمة الإرهاب الداعشي، الذي يتقاطع ومصالح وأمن حلفائها في المنطقة والعالم، ناهيك عن وضع نهاية للقرصنة بمفهومها الحوثي الانقلابي الجديد في السواحل اليمنية وأعالي البحار.
    واشنطن ترامب لن تخرج من معادلة البحر الأحمر، وتتركها لقوى إقليمية معادية، لأن غيابها عن تلك المعادلة الإستراتيجية، يعني تفريط في مصالحها الإسترتيجية، وهو ما وقعت في فخه إدارة أوباما عندما رفعت يدها عن استحقاقات أمن الحلفاء، ومعه غاب تأثيرها وحضورها الفاعل في المنطقة، مقابل تقارب وتماهي مع طهران لم تجني منه مكاسب حيوية، بقدر ما خسرت ثقة الحلفاء، وتراجع دورها في أهم منطقة إستراتيجية عالميا. 
 
  على القيادة اليمنية ممثلة بإدارة الرئيس هادي أن تعيد قراءة أهتمامات القوى الدولية ومصالحها، وأن توجد صيغة معادلة متوازنة في العلاقات مع الفاعلين الدوليين والإقليميين، وتفهم مصالحهم وأمنهم على أن تحضى الشرعية بدعم دبلوماسي وعسكري من أصدقائها وأشقائها، لتثبيت دعائم الأستقرار والأمن، والقضاء على عصابات العبث والإرهاب وعلى رأسها عصابة الانقلاب.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي