خير الله: بديهياتك للواقع اليمني مفخخة!!

د. عبدالحي علي قاسم
الجمعة ، ٠٣ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٠٥:٢٤ مساءً
طالعنا الكاتب خير الله خير الله ببديهيات الحل في اليمن، حاول فيها اقتراح مقاربة للخروج من مأزق الأزمة، التي يمر بها اليمن، وتداعياتها الإنسانية في أوساط الطفولة التي لا  ينتهكها سوى الانقلاب، وأن ما لا بد منه وفق تأملاته البديهية،  هو الإذعان لمنطق العصابات الانقلابية كونها قدرا محتوما، ومعطيات قوتها يصعب تجاوزها في أي منطق حل مستقبلي، كما وصف واقع المعركة بأنه يرجح كفتها. بيد أن هكذا توصيف يجانب حقيقة السجال ومعطياته، وما أورده من حقائق حول ميزان المعركة، ومتغيراتها الجغرافية والعسكرية، ومؤشرات النصر والهزيمة فيها نوعا من تشويه الحقيقة، ولا تخدم سوى الطرف الانقلابي.
 
 
   قد يبدو من قراءة غير متفحصة وعميقة بأن الكاتب يسوق بديلا تفاوضيا يجب أخذه بعين الاهتمام، تجنبا لمزيد من الخسائر، لكن عند التدقيق في متغيرات التوصيف والمغالطات التي استشهد بها الكاتب، تتضح أن لعبة الكاتب مكشوفة تماما، فحتى يكون لطرحه المفخخ ذلك القبول والأستماع، لا بد من قول بعض الحقائق من قبيل أن أنصار الله لا يمتلكون مشروع دولة، ولا حتى حديقة أو بيت، لكنهم والمؤتمر الشعبي العام الذي يقوده المخلوع صالح، واقعا عسكريا قويا لا مناص من الجلوس معهم، والإيمان بمنطق الشراكة معهم.
 
 
   جميل، خير الله وما ذا بعد؟ هل تدرك حضرتك وبعض الكتبة في لبنان حزب الله وبعض الكتاب من ذوي الأقلام المسمومة في الخليج بأن صالح والحوثي كلاهما لا يؤمنان بأي ضربا من الشراكة ولو كانت شكلية؟ وسبق أن قدمت القوى السياسية لهما تنازلات أليمة أفضت بقوة سلطة البلاد إليهما، وأصرا على احتلال اليمن وتدميره لقاء نزوة التفرد، وقطعية عدم الإيمان بأي شراكة.  
 
 
   هل يدري السيد خير الله ومن على شاكلته؟ أن الرئيس هادي الذي تجنب الخوض في صراع مباشر مع الغول الانقلابي، وآثر تقديم تنازلات أليمة لهما لم يسلم من قتل كثيرا من رفاقه، ووصل وقاحة هذا الانقلاب أن أودع الرئيس في سجن قسري من قبل تلك المليشيات المجنونة.
 
 
   خير الله، بإمكانك أن تضع بديهيات، ولكن سميها باسمها الحقيقي بدون تشويه صورة الوضع العسكري الميداني والسياسي لصالح الطرف الانقلابي، وقل بلسان حزب الله وإيران ومن منطق متغيرات الهزيمة التي تتلقاها عصابة الانقلاب، أن هذه الأخيرة مستعدة أن تفاوض بما تبقى لها من بقعة جغرافية محاصرة تختطف فيها المواطنين على شراكة هي أصلا لا تؤمن بها إلا تحت وقع الهزائم المتوالية، والحصار الخانق، لتنقلب عليها مع أي تحسن في ظروف الواقع السياسي والعسكري.
 
 
   خير الله! بديهياتك وصلت، لكنك تجهل الكثير لمفردات الواقع، والثقافة الكهنوتية العفاشية المخيفة، والتي قرر الشعب الثورة عليها، وعدم الرضوخ لمنطقها العبودي مهما كانت تضحياته.  
   التلاعب اللفظي لا يسعف أحيانا في تغيير حقائق التجربة والواقع. فإذا كنت تؤمن بحقيقة النفوذ الإيراني، وخطره على الخليج إذا كان الشعب اليمني وحريته لا تعني شيئا لك، فمن باب أولى أن لا ينام أي خليجي وخطوط ملاحته، وقدراته العسكرية تستهدف، بلغة تهديد إستراتيجي، ونكبة الفرقاطة أنموذجا، فهل تهديد الانقلاب المدعوم إيرانيا بهذا المستوى يكافأ بمقاربة حل تزيد من نذر هذه المخاطر؟
 
 
   الخليج والشرعية في غنى عن بديهيات مفخخة، ومسمومة في قراءات مقولبة للواقع العسكري تستهدف اليمن، وتشكك في القوى الوطنية، التي تخوض معركة أسترداد الحرية والكرامة، ووهج الثورة التي خرج الشعب وضحى بدمائهم من أجلها. 
 
 
   خير الله! تعلم جيدا بأن الانقلاب يحتضر، وأنت بدورك في مهمة للأسف مكشوفة ويائسة. عاصفة الحزم والمقاومة والقوات المسلحة بدأت تحرير اليمن من الصفر، وهي تتقدم كل ساعدة، وفي طريقها إلى النصر. المهمة ليست باليسيرة بلا شك لكنها خيار لا يمكن تجنبه من واقع معرفة الانقلاب، وتفاصيل مكره، وخطورة الأطماع الإقليمية التي تغذيه.
   بديهياتك يمكن أن تجد من يستمع إلى مفرداتها التحليلية في لبنان أو مسقط لأنها ببساطة في صف التعاطف مع الانقلاب، بمعنى أكثر وضوح روح التقارب مع طهران.
 
  وحتى إذا افترضنا سلامة نواياك التوصيفية، مع أني متشكك في مسار تحليلك، وأهداف طرحك، فبإمكانك أن تعيد قراءة الخطاب الانهزامي الأخير لصالح وشريكه الانقلابي، لتكتشف أن تقديراتك العسكرية، ليست صحيحة وغير واقعية البتة، ومضللة بقصد أو بغير قصد، ولست أكثر معرفة بالواقع العسكري والميداني من الماكر عفاش.
 
 خير الله! الانقلاب منكوب تماما، يلفظ أنفاس نهايته بفعل متغيرات خارجية وداخلية لم تحسن قراءتها، أو أنك تعمدت نزقا لفضيا بقولبة مفرداتها لخدمت مهمتك المكلف بها. الانقلاب فاشل ومفلس دبلوماسيا حتى مع روسيا التي حاول أن يغطي عورة فشله، متشبثا بنوع من قشة تنقضاتها في المنطقة. داخليا: الهزائم تسير بالانقلاب نحو حصار خانق  يفضي به لا محالة للسقوط المخزي، بعد اقتراب قوات الشرعية والمقاومة من مدينة الحديدة. وبشأن معلوماتك حول جبهة صنعاء يبدو أنك بحاجة ماسة لتحديثها، فصنعاء ومطارها المشلول تحت رحمة ضربات المدفعية الوطنية، ناهيك عن نجاح الشرعية في لملمة صفوف معركتها الاقتصادية في الوفاء بجزء كبيرا من التزاماتها المالية والإغاثية.
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي