شارك الفنان اليمني المتميز عمار العزكي في برنامج عرب ايدل (Arab idol) وهو النسخة العربية من برنامج المسابقات الغنائي العالمي "Pop Idol" الذي اخترعه سيمون فيلر وطورته شركة فريمانتل البريطانية ، وتقدم شبكة MBCالنسخة العربية منه .
مشاركة العزكي اثارت ردود افعال متباينة بين اليمنيين ، وخاصة فئة الشباب ، باعتبار العزكي نجم سابق لبرنامج منشد الشارقة في نسخته الاولى 2006 ، وبعد عشر سنوات يحط رحاله كمنافس قوي في عرب ايدل ، وهذا باعتبار البعض يعده انتقالا لامنطقياً من اكثر البرامج الانشادية التزاما في منشد الشارقة ، الى اكثر البرامج انفتاحا (وقد يسميه البعض ابتذالاً) في عرب ايدل فيما يراه صنف اخر تطوير فني لازم لشخصية طامحة كالعزكي ، وخاصة في ظل غياب المؤسسات الانشادية الحاضنة والمحتوية لموهبة في مستواه ، ويذهب اصحاب الراي الثالث وهم في الغالب جمهور العزكي وجمهور MBCانه نموذج فني لا تحتكره فئة ، ولاحدود لموهبته ، مادام يمثل بلده تمثيلا راقياً في البرنامج الفني الاكثر شعبية لدى العرب .
في المجمل اثار هذا الاختلاف في النظر لمشاركة العزكي الحديث عن اشكالية لازالت حاضرة في العقل اليمني الملتزم ، وخاصة في جمهور الفن الاسلامي المتمثل بالأناشيد ، وتتمثل هذه الإشكالية في مدى الحكم على أي عمل فني بالصلاح من عدمه ، واعتباره نافعا أو خلاف ذلك .
ما لايمكن إنكاره أن توقيت مشاركة العزكي في عرب ايدل جاء في وقت ينشغل اليمنيون مكرهين بما هو أكبر وأعظم ، لكن هذا كله لم يمنع الكثير من الحديث عن الأمر ، ودارت نقاشات مقتضبة وسُجلت بعضها على استحياء في وسائل التواصل الاجتماعي واظهرت لدي امرين هامين :
الاول : ان هناك تطور هائل في نظرة شباب الصحوة الإسلامية للفن كإبداع ، والتعامل معه كموهبة ، وليس كتهمة في المطلق ، بعيدا عن الوعاء أو الحاضن الذي يظهر عبره هذا الفن ، وباعتبار عرب ايدل في نظر الكثير يتنافى مع بعض قيم وأخلاق المجتمع التي يجب التحلي بها ، لكنه في المجمل لا يمثل شراً محضا ، أو بلاءً مستطيرا ، بقدر ما يمثل فرصة للابداع وتنمية المواهب الشابة .
الثاني : أن موهبة كعمار العزكي كان يجب أن تأخذ حيزها اللازم وفرصتها في النجومية دون ان تحتاج لعرب ايدل ، وعدم حصول ذلك يمثل خللا في أداء العاملين والداعمين للفن الاسلامي الملتزم افراداَ ومؤسسات ، وقد تكون لديهم اسبابهم المقنعة، لكن تخيلوا لو كان لدينا مؤسسات تحتضن هذه الموهبة وامثالها ، وتصل بها للنجومية ، لما احتاج العزكي او سواه لعرب ايدل ، ولو كان ابو راتب وموسى مصطفى وميس شلش يوفرون الفرصة للنجومية ، لما احتجنا لنانسي واحلام لفعل ذلك .
في المُجمل وكرأي شخصي أعتقد أن مشاركة العزكي في عرب ايدل هي إضافة لرصيده الفني والنجومي ، ولا يطعن في أيٍ من القيم التي يجب ان يتحلى بها المنشد الملتزم (في راي من يفرق بين الفن والانشاد) فيما أعتبر أنا أن لافرق فكلاهما واحد ، ويجب تقييم أي أداء أو عمل فني وفق ما يحمله من قيم ، او رسائل ايجابية يقدمها لخدمة المجتمع ، بعيداً عن المسميات الجوفاء ، وخاصة في ظل اتحاد أو تماهي في استخدام الموسيقى بين النوعين إذا افترضنا التفريق بينهما .
وبحسب اعتقادي فإن النظرة السلبية التي تكونت حول الغناء في مثل هذه البرامج او الحفلات مردها ليس للفن ذاته ، لكن للجو المصاحب للفن ، والذي بالفعل قد يصادم ما ينبغي أن تسود المجتمع من قيم واخلاق ، كالتعري والرقص الفاضح والاختلاط غير المقيد بالحياء والأداب الشرعية والاجتماعية ، وهذا كله جعل الفئة الملتزمة تصدر حكماً قاسياً بحق هذه المحاضن ، ولها بعض الحق في ذلك ، وتنسحب الاحكام في الغالب على من يشاركون فيها دون تفريق ، وارى ذلك فيه بعض الاجحاف