ذكرى محرقة صالح في تعز

كتب
الاثنين ، ٢٨ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٥ مساءً
  د.عبد الله ناشر لم تكن محرقة ساحة الحرية بتعز سوى تعبيراً سلوكياً عن مخزون الحقد والغدر والجبن الذي تميز به نظام صالح، وخاصة تجاه الحالمة تعز. كما لم يكن الحدث عابراً، بل مخططاً مدروساً تم اختباره في ساحة الحرية بتعز، وفشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه، لأن المحرقة لم تزد شباب الثورة إلا إصراراً وثقةً. لقد شكلت محرقة ساحة تعز منعطفاً هاماً في مسار الثورة يكاد يكون مشابهاً لجمعة الكرامة، ذلك أننا كثيراً ما واجهنا في الساحات – لاسيما في الأشهر الأولى للثورة – تهديدات متواصلة بإحراق الساحات بمن فيها، ولم يكن التصور واضحاً بما ستؤول إليه الأمور لو أقدم النظام على حماقة مثل تلك، ليس من باب استمرار الثورة فذاك أمر لانقاش فيه، بل من باب كم سيكون حجم الكارثة. وبإقدام النظام على إحراق ساحة تعز سقط ذلك الخيار كفزاعة للنظام تماماً، عملاً بالمثل القائل من تعود السم أكله. لذلك كانت ردت فعل الثوار على إحراق الساحة إصراراً كبيراً على مواصلة الثورة والانتصار لأهدافها النبيلة، إلا أن رد الفعل كان أكبر في تعز، ذلك أن الحدث دفع ببعض أبنائها - المدنيين ثقافةً وسلوكاً - إلى إعادة التفكير في وسائلهم الثورية، ونتج عنه خروج مجموعة منهم من الساحة ليعودوا من جديد ولكن حول الساحة وليس داخلها، حاملين أسلحتهم الشخصية وعاقدين العزم على تحمل مسؤولية حماية الثورة وسلميتها، وهو سلوك مبرر للدفاع عن النفس ولايستطيع أحد أن يقول أن ذلك خروج عن سلمية الثورة - برغم مساوئ ذلك الخيار - إلا إذا كان مزايداً وممن يدافعون عن النظام الإجرامي البشع. من الصعب أن يصف المرء بشاعة الحدث فهو فوق القدرة على الوصف. فكيف لإنسان أن يحرق إنسان مثله، وستكون الإجابة على درجة من الصعوبة لو علمنا أن من بين المستهدفين بالحرق عاجزون عن الحركة ولايملكون وسيلة للنجاة بأنفسهم، في الوقت الذي يحمل فيه الأخر كل وسائل القتل والتدمير، التي استخدمها لمحاصرة الساحة والحيلولة دون نجاة من فيها. إنه سلوك حتى الصهاينة لم يُعرف أنهم استخدموه بتلك البشاعة، بل هو هولوكُست بكل ما تعني الكلمة من معنى. الآن وبعد مضي سنة كاملة على المحرقة، ما الذي يمكن أن نعمله ؟ أعتقد أن أهناك الكثير مما يمكن عمله في هذا الصدد، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: 1. السعي لتخليد الذكرى كي تصبح تذكاراً لمن قضوا فيها، وشاهداً حياً على سلمية ثورة 11 فبراير، كما ستكون دليلاً على بشاعة النظام الذي قامت الثورة عليه. 2. التحرك لملاحقة من ارتكبوا المحرقة وعلى رأسهم صالح وانتهاءً بقيران ومن نفذ أوامره، وليكن البناء على ما أقدمت عليه أسرة الدرويش من ملاحقة قضائية لقيران في مصر، وليكن التحرك رديفاً قوياً وفعالاً له، وهذا يمكن تحقيقه من خلال إنشاء منظمة مجتمع مدني تختص فقط بموضوع المحرقة وملاحقة مرتكبيها، ومن المؤكد أن مثل هذه المنظمة ستحصل على دعم مادي ومعنوي غير عادي، سواءً على المستوى المحلي أو الدولي، إذا حضيت بقيادة محنكة تديرها.  
الحجر الصحفي في زمن الحوثي