الرئيس هادي: مهندس تفكيك الإخطبوط

د. عبدالحي علي قاسم
الأحد ، ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٢:٤٨ مساءً

مع بداية العام 2012 كان الرئيس هادي على موعد لاستلام سلطة جادت بها ثورة فبراير المباركة، ومع شكلية محتوى تلك السلطة وسطحيتها،  كانت مفخخة ومعقدة كتركيبة صالح الاخطبوط، لكن تجربة كافية لهادي الوديع حينها، وعشرته كمراقب لمسلسل لعبة عفاش العبثية الطويلة أسعفته في فهم سياسة زرع، وتلغيم، وتفخيخ، وتفريخ الواقع السياسي الحزبي، والقبلي، وحتى التجاري. وأكسبته دراية بمخاطر الأخطبوط، وصعوبة الإفلات من مصيدة أطرافه مهما كانت أدوات القوة التي بحوزته. وقد تجلى رأس ذلك الأخطبوط بتلك المهزلة الانقلابية العفاشية الحوثية على شرعية هادي في 20 يناير 2015.

 

   ومع فداحة وكارثية الانقلاب واحباطاته، تمكن هادي الرئيس بأنآته المعهودة، ورويته العسكرية النافذة  في غضون فترة وجيزة من عزل صالح سياسيا، وأظهر كيد مكره، وجرائمه داخليا وخارجيا، وكشف تفاصيل اخطبوطه، وضرب عليه سياجا قانونيا أمميا زادت من عزلته وحصاره، الذي مازال يناور في محيط مركزه الرهينة. وأكثر أنه بنوع من البصيرة نجح إلى حد ما في نزع فتيل مفخخاته الأكثر فتكا بالمجتمع اليمني السياسي.

 

   فعقدة السحر السياسي المركبة، والمتداخلة التي لايجيدها مثل صالح، كصناعة الدواعش والقاعدة من أوساط ثكنة الجيش لتوزيع ثقافة الموت والرعب لجعل فساد حكمه واقعا لا مناص منه، وتحديدا في المناطق الجنوبية كانت هي الوصفة التي عجز العقل العسكري، والأمني أن يدرك خيوط فتلها لسنوات.  وبمهارة سياسية وأمنية فائقة تمكن هادي وبعض القادة من حوله من تعقب وإدراك بعد التفاصيل العميقة التي نسجتها أيادي عفاش الخبيثة.

 

  إن وضع أمني وسياسي بهذا التعقيد والتداخل في ضوء معطيات سياسية تتجاذب أطرافها قوى إقليمية ودولية، لم يكن حلها بالأمر الهين لولا التعامل معها بنفس البصيرة والحكمة، لتجنب انفجاراتها المدمرة، وفرقعة شضاياها المناطقية والطائفية في الجسم السياسي الهش.

 

   حريا بنا أن نقف للتأمل بعد أن نجحت القيادة السياسية في تخطي جل العقبات التي صنعتها أيادي المكر العفاشية، والصعوبات التي أحدثتها أيادي إيران، ناهيك عن أخطاء الأشقاء.

 

   نجح هادي بنسبة كبيرة في فك معظم الألغام المناطقية، والأمنية التي يغذيها صالح الانقلابي لتجفيف حضوره الكارثي وتحديدا في المحافظات الجنوبية، وبعض المحافظات الشمالية، وألحق بعفاش وحليفه الحوثي ضربة اقتصادية موجعة بنقل البنك المركزي، لفطم القوى الانقلابية من ضرع اقتصادي حيوي يدر حليب الحياة.

 

   وحده هادي من جديد يعانق ثغر اليمن الباسم عدن، بعد أن تنفست الصعداء من عفاش وذيوله، وانحسر  آثار  مده السرطاني من الجوهرة عدن وأخواتها. تنفست إرادة الشرعية بسمتها وهي تحط رحالها في عدن، ووجهت رسالة الأمل لأبناء الشعب، أننا ورغم عفاش الماكر اجتزنا عتبة المخاطر، وسوف نرسم أحلام شعبنا بتلك الدموع والدماء التي سكبتها معاناة أبناء الشعب، ولتذهب جموع الانقلابيين وخرابهم إلى مزبلة التاريخ.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي