إلى أين تتجه الدولة اليمنية؟!

عرفات مدابش
الأحد ، ١٣ نوفمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٨:٥٤ مساءً
المشهد في اليمن غاية في الضبابية وعدم وضوح الرؤية، خاصة بعد الخريطة سيئة الصيت، التي تقدم بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ احمد، والتي تنص صراحة على إقصاء قيادة الشرعية، وإفساح المجال للانقلابيين للسيطرة على ما تبقى من الدولة اليمنية!
 
سوف استعرض بعض النقاط بشكل موجز في السيناريوهات المتعددة والمتداخلة في الحالة اليمنية الراهنة..
 
لو افترضنا جدلا أنه تم الأخذ بخريطة ولد الشيخ من جانب الشرعية تحت ضغوط دولية، فإن ذلك، حتما، سيؤدي إلى أن تتشظى الشرعية من داخلها، فهناك الكثير ممن سيتمرد عليها وسيرفض ما وافقت عليه مرغمة، وليت الأمر سيتوقف عند حد تمرد كيانات سياسية مؤيدة للشرعية، وإنما سيمتد إلى التمرد المناطق المؤيدة بشكل مباشر أو غير مباشر. مثلا، مأرب والجوف، لن تقبلا على الإطلاق وستقوم دولة هناك، لا محالة!
 
الحال ذاته مع الجنوب، ففي هذه الرقعة من الأرض تتشكل أوضاع مختلفة عما كانت عليه قبل الحرب التي أعلنها الحوثيون وصالح على اليمن، وعلى الجنوب بوجه خاص. فقد مثلت هذه الحرب إشارة البدء والانطلاق نحو التمرد أو البحث عن الذات أو تحقيق المطالب المطلبية التي تحولت إلى سياسية، لتكن التسمية مهما كانت، فإن الخيط الرفيع الذي يربط الشرعية بالجنوب، سوف يقطع وسوف يسارع الجنوبيون إلى إعلان كيانهم الذي يطمحون اليه، ومعهم حق في ذلك، كغيرهم، وربما لن يقتصر الأمر على الجنوب بحدود الجغرافية المعروفة قبل عام 1990، فإن الأمر قد يعود إلى ما قبل 1967!
 
لا ارغب في التطرق إلى سيناريوهات المناطق، باستثناء الحالات الماثلة أمامنا الآن.. لكن هناك سيناريوهات لا تقل خطورة، فالجماعات الإرهابية كالقاعدة وداعش، سوف تنشط، بشكل متواتر، وممولوها موجودون ومعروفون وستجد مساحة أوسع مع غياب الدولة التام للنشاط والعمل بكل أريحية والطريق إلى صنعاء مفتوح، طبعا!
 
وفوق ذلك سوف توجد ميليشيات متعددة المذاهب والألوان والأفكار والتمويلات، فإن انتشار وسيطرت الحوثيين كجماعة شيعية متطرفة، سيؤدي – بلا شك – إلى انتشار جماعات إسلامية مضادة في الفكر والمذهب، وسيتحول اليمن إلى فوضى عارمة، ولن يكون النموذج الليبي شيئا مقارنة بما ستكون عليه الحالة في اليمن، المشبع بالسلاح وبثقافة الكراهية والمناطقية والمذهبية والقروية، والتي تشبعت منذ الانقلاب على الشرعية حتى اليوم وتغذيها الميليشيات ومن يقف ورائها جهار نهارا!
 
وفي مسار آخر يعد القبول بهذه الخريطة إعلان هزيمة للتحالف، وبغض النظر عن التعالي والاستكبار والضغط على النفس من اجل مصلحة اليمن، فهل لدى السعودية ودول الخليج الاستعداد لترى اليمن يتشظى كما العراق وسوريا وليبيا؟ لا أظن ذلك، ولكن إذا ما أغفلت القوى الكبرى ما يمكن أن يحدث على الأرض أو اعتبرته أمرا عاديا سيعيد تشكيل اليمن والمنطقة، فإن الاحتمال المتوقع هو أن تغلق السعودية حدودها مع اليمن، وان توفر الأموال التي تنفق حاليا في حماية حدودها فقط، رغم أن هذا خيار مر وعواقبه خطيرة على المملكة التي ستصبح في كماشة إيران!
أما بالنسبة للقوى الكبرى، وفي المقدمة الولايات المتحدة، وهي، حاليا، في مرمى اتهامات الكثير من الأطراف بالتراخي مع الانقلابيين، فإنها ستكون من أكبر المتضررين مستقبلا من الوضع العبثي الذي ستعيشه اليمن والمنطقة، ودون تفاصيل!
 
هذه ليست نظرة تشاؤمية أو نوعا من التنجيم، إنما هي قراءة واقعية في ضوء معطيات الواقع الذي نعيشه، وفي ضوء ما تطلع اليه بعض الأطراف في الساحة اليمنية وأطراف دولية أخرى!، لذلك لا ضير في أن ترفض القيادة الشرعية هذه الخريطة بكل ما تحمله من مآس محتملة بدرجة كبيرة لليمن، فالأمر الطبيعي هو أن ترفض الشرعية هذه الخزعبلات التي احتوتها الخريطة، ليس لأنها تمس بالقيادة الشرعية، فحسب، ولكنها تدخل اليمن في نفق مظلم، لا قدر الله!
 
هناك قطاع واسع وكبير جدا من اليمنيين، باتوا يدركون ويعلمون أن مصير ومستقبل بلدهم يتمثل في التمسك بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، والوقوف إلى جانبه، وتجنيب البلاد الانزلاق نحو هاوية الصراعات السحيقة، بغض النظر عن بعض القوى والكيانات التي تسعى إلى تحقيق مطالبها بصورة فورية وعلى الطريقة الثورية، التي لم تعد مجدية، دون أن تواصل نضالها حتى تحصل على ما تريد بالطريقة المثلى التي تضمن اندمال الجروح وطيب الخاطر!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي