ذكرى محرقة 29 مايو في ساحة الحرية

كتب
الجمعة ، ٢٥ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٣ مساءً


محمد سعيد الشرعبي
ايام معدودة وتحل ذكرى المحرقة الأليمة ،مشعلة في ارواحنا ليالي للمواجع والآلام المتفاقمة يشتد جحيمها في الذكرى الأولى لاقتحام وإحراق أولى ساحات الثورة السلمية بمدينة تعز من قبل قوات النظام السابق الذي جثم على روح البلد مُتحينا الفرص للإجهاز على الجميع ..
كلما حاولنا نسيان الماضي ، تعيدنا محرقة ساحة الحرية كجريمة لم يسبق لها مثيل في البلاد ،نتذكر بشاعة جرائم النظام السابق التي اكد فيها للقريب والبعيد مدى حقده على تعز وأبنائها ،وهذا ما تجسد بوضوح في محرقة الحقد الأسود من همجية اقتحام ساحة الحرية وإحراقها بمن فيها مساء 29 مايو 2011 م ..
جريمة مروعة هُندست بعانية في مطابخ القتلة قبل تنفيذيها في تلك الليلة الموحشة في عدوان همجي شاركت فيه قوات امنية وعسكرية وبلاطجة بكامل عتادهم ، اسفر عن استشهاد اكثر من 50 من الشباب المعتصمين وقرابة 150 مصابا بالرصاص الحي ، وأكثر من 1200 مصاب بالغازات ..
بلا شك تجاوزت تعز وأبناؤها وفي مقدمتهم شباب الثورة اهوال المحرقة التي عاشوا فظاعتها لحظة بلحظة  ،وأبرز من شهدوا المحرقة اعتبروها جريمة فظيعة بحق تعز وشبابها من قبل نظام استبدادي ادمن جرائمه ضد محافظة خصها دون سواها بسياسات الانتقام المتعدد من الأيام الأولى لاغتصابه السلطة قبل 33 عاما ،وليس آخر جرائمه محرقة ساحة الحرية ...
طيلة ثلاثة عقود كانت تعز وأبناؤها هدفاً استراتيجياً لحروب وجرائم وتصفيات ،مضافا عليه ما تعرض له الشباب من اعتداءات وما تعرضت له المدينة والساحة من حرب وتدمير خلال الثورة السلمية المستمرة ،وهذه السياسيات تزيد من ايمان ابناء تعز بضرورة اسقاط نظام الحروب والمحارق ومحاكمة القتلة والمجرمين في تعز وقيادتهم في صنعاء..
وعلى عكس ما اراد مُهندسو المحرقة وما سبقها من جرائم وما تلاها من حرب وتدمير بالمحافظة ،اشتد اضطرام نار الثورة في قلوب ابناء المحافظة بدون استثناء ،ولا زالت نارها لم تنطفىء حد اللحظة ، وكلما حلت ذكرى لجريمة او مذبحة وآخرها محرقة ساحة الحرية ،تواصل تعز ومعها كل اليمن _ بلا شك _ الفعل الثوري لتخليص الشعب من القتلة والمجرمين والمفسدين بشتى اشكالهم ومحاكمتهم مهما كانت ترتيباتهم للخلاص  ...
وحتما ستنتصر الثورة السلمية مهما طال الزمن وتشعبت الدروب على جيلنا الأخصب حلما بالحرية والحياة والأعتى ارادة في مواجهة _ نظام المحارق _ وما زرعوا في طريق الثورة من عبوات ناسفة في ارجاء البلاد ،متوهمين بأن ما هددونا به من “ قنابل موقوتة”ستحيلنا وأحلامنا الثورية بالدولة المدنية والعدالة والمواطنة المتساوية رمادا ،تبدده مكائدهم ومؤامراتهم ادراج الريح ...
كأي يمني يعيش ثورته ويتفهم ضبابية واقع بلاده ،اصدقكم بأن مخاوفي كثيرة بفعل محاولات بقايا النظام السابق الاستمرار في ظل نظام هادي على الرغم من قدرة هادي بوصفه رئيسا شرعيا للبلاد على ممارسة سلطاته على اكمل وجه ولن يحدث ذلك دون تنفيذ خيارات الشعب بتخليص البلاد من نظام سقطت شرعيته في الأيام الأولى للثورة بداية العام الفائت ..
على الرغم من تزامن ذكرى مجازر النظام السابق بحروب وجرائم تشعرنا بفداحة المآل السياسي في البلاد القائم على المبادرة الخليجية التي يتمترس خلفها للإنتقام من الواقع الجديد دون التزام بما عليهم من بنودها ،ولو أنهم ذاهبون الى غير رجعة وفقا للمبادرة او بفعل الضغط الشعبي الهائل والمستمر ..
وبقدر ما يبدو المخرج السياسي لبقايا النظم السابق ورديا لهم ومخيبا لشباب الثورة بالإضافة الى مرحلتها لمسلسل سقوط النظام، اجزم بأن العدالة ستطالهم ،وبإرادة الشعب العازم على بناء الدولة المدنية التي ينشدها الجميع مهما كانت التضحيات ،
وبعد وصول عبدربه هادي الى رئاسة البلاد وتشكيل حكومة وفاق انتقالي ،وإقالة عدد من القيادات الأمنية والعسكرية عملا بآلية التغيير وانتقال السلطة في البلاد ، تزيد الحوادث وآخرها العمل الإرهابي الذي استهدف مئات الجنود في ميدان السبعين بصنعاء وهذا يتطلب ضرورة استمرار الفعل الثوري لإنجاز اهداف الثورة كاملة دون نقصان ،وما عدا ذلك انتحار سياسي وثوري بلا ثمن ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي