الخضر سالم بن حليس | 21 سبتمبر .. موعد مع النكبة

كتب
الاربعاء ، ٢١ سبتمبر ٢٠١٦ الساعة ١١:١٥ صباحاً

على هتافات (الصرخة) وأغاريد الزوامل الحربية تجمع الحوثيون على أبواب صنعاء، وجدوا الفرصة مواتية على أعقاب دولة هشة تعيش أضعف لحظاتها، وتئن من تركات الماضي العفاشي الأليم، دولة لا تملك من القوة ريحها، ولا من الجيش زهوته ، بعد أن تنحى قسراً رئيس تأبط شرا بشعبه، فكان يحوم في الأرجاء بانتظار فرصة سانحة تمنحه التحالف مع الشيطان ضد أبناء بلده، فكأنما تجمع الانتقام في زجاحة واحدة ليتجرعه تلك اللحظات.

 

استلم علي عبد الله صالح الحكم عام 78م وهو نفس العام الذي استلم فيه مهاتير محمد ماليزيا، فأحالها الأول إلى صحراء مقفرة، وأحالها الثاني إلى جنات مبهرة.

 

ودقت ساعة الصفر فأوحت إيران لأتباعها في اليمن أن الفرصة مواتية الآن ، فأطلق الحوثيون شارة البدء بالتهام عمران وقتل حارسها البطل على أبواب مدينتها اللواء حميد القشيبي رحمه الله وتمزيق جثته والتمثيل به، ثم إرساله إلى صنعاء رسالة سياسية خلاصتها (إن هي إلا البداية وذاك مصير منتظر).

 

خرج الحوثيون يقودون مسيرات كاذبة خاطئة، تطالب بإسقاط الجرعة السعرية التي أقرتها حكومة باسندوه والتي عرف الجميع فيما بعد أنها إنما كانت ديكورا سياسيا لتسويق الجريمة المنتظرة فلم تسقط الجرعة إذ ذاك وإنما سقطت اليمن بكاملها.

 

في ليلة 21 من سبتمبر حشد الحوثيون حشودهم بعد أن تبخروا برائحة البارود الخانق، والتحفوا فوهات البندقية المسكونة بأصابع الموت، اجتمعت تلك المجاميع الزاحفة من أروقة الجبال لا تعرف ثورة القلم ولا رفوف المكتبات ، ولا تهتم للعالم كيف يصنع الحياة، سوى أصوات (الرصاص) الزاجل يمطر الجنبات.

 

مجاميع لا يحملون لليمن نهضة يابانية مشهودة وإنما مشهدا عراقيا أليما ، ينسخون منه نسخة دموية تناسب اليمن، فرسموا صورهم بالدم المسال في الطرقات ، وتفننوا في القتل ليجعلوا من حروفه (اللغة الرسمية) الناطقة هناك.

 

اقتحم الحوثيون جامعة الايمان الإسلامية في الساعات الأولى ليقدموه تطمينا للعالم بتفوقهم في مكافحة الإرهاب، وتجاهلوا أنهم النسخة الأصلية له.

 

وسقطت صنعاء خلال ساعات لتعلن الحوزات العلمية سقوط رابع دولة عربية ونجاح سوق تصدير الثورة الإيرانية.

 

لم يكن يوم 21 سبتمبر سوى تخبط قاده مراهقون لا يعرفون كيف تدار البلاد إلا بمئات النقاط الأمنية التي نشروها في الشوارع تقول للشعب: [ التراتيب الأمنية لكم وليست عليكم].

 

حوصر الرئيس في منزله وطاردته الطائرات إلى عدن وكان ذلك أول تدشين ولاية أنصار الشيطان لليمن.

 

هدم الحوثيون في طريقهم إلى صنعاء 182 مسجدا، و42 دارا للقرآن الكريم، وتم تصفية عشرات العلماء ورجال الأعمال والاعلام قتلا بالرصاص.

 

كانت لغة الرد الحوثية لكل من ينتقد تصرفاتهم الصبيانية هدم منزله بما فيه ليصبح اليمن على أكثر من 218 منزلا مهدوما بالمفخخات وتطويق تلك المنازل بالكامل دون سابق إنذار ولا حتى إمهال النساء لملمة أغراضهم من داخله كما حدث لأخت الشيخ عبد الرحمن العماد بمحافظة إب.

 

وبحسب التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان إبان انقلاب الحوثيين على صنعاء فقد سقط ما يقرب من (8202) قتيل مدني بينهم (476) امرأةً و(508) أطفال، كان لتعز وعدن النصيب الأكبر بسبب أعمال القصف العشوائي والقنص والاشتباكات والألغام التي فرشت رخاما على الأرض، وضحايا التفجيرات والمفخخات.

 

وبلغ عدد الانتهاكات بحق المؤسسات الإعلامية (257) انتهاكًا، ولايزال أكثر من (86) موقعًا إلكترونيًا أو أكثر محجوبًا من قِبل وزارة الإعلام المغتصبة.

 

كانت تلك هي الإحصائيات الأولية فقط أما الباقي فستكشفه الأيام القادمة وتلاحقه كاميرات التأريخ.

 

أعلنت إحصائيات أُخر أن هناك 199 إعلاميا محتجزا يتعرضون لأنواع جديدة من التعذيب البشع الذي لم يعرفه أهاليهم إلا في ساعات استدعائهم ليدركوهم على أسرة المستشفيات لا ينطقون ولا يتحركون كما حدث للصحفي محمد الظاهري.

 

لم يقف شره الحوثيون الجامح عند تلك الأشياء فقد امتدت سلسة جرائمهم إلى مساحات شاسعة وتفننوا في التدمير فاستولوا على منازل المواطنين وأسكنوها قناديلهم كغنائم حرب  واقتطعوا رواتب النازحين هربا من ملاحقاتهم ومنحوها للمجهود الحربي الذي لم يكن سوى ساحة لتجنيد الصغار والدفع بهم إلى فوهات الموت، وتغذية الجبهات بإولئك الأطفال.

 

كانت إيران تقود المعركة عبر الأقمار الصناعية وبمساعدة باقة من خبرائها في شمال الشمال وتوحي لمراهقيها بمزيد من الاثخان، فبالغ الحوثيون في القتل بصورة لم يشهد لها تأريخ اليمن المعاصر مثيل، فبحسب المحامي والخبير القانوني اللبناني طارق شندب، فإن جرائم الحوثي والمخلوع هي جرائم إبادة وحرب ضد الإنسانية.

 

باختصار: لقد قاد الحوثيون جرائم عملاقة، وأشعلوا حربا ضروسا على كل من يخالف سياساتهم الرعناء، وكانت اليمن منذ ذلك التأريخ تعيش حربا عالمية لكن بلباس محلي.

 

وقد حانت ساعة السقوط واقتربت لحظات الحسم واستعادة رقم (6)الذي استبدله الحوثيون برقم(1).

 

وهاهي الفقاعة بتعبير محمد قحطان فك الله أسره والتي حملت سراب الحوثيين وصالح أوشكت على الانفجار ، فلم تكن سوى ورم سرطاني يحتاج إلى استئصال.

 

حدث في مثل هذا اليوم

الحجر الصحفي في زمن الحوثي