«الانفصال أو الموت»

كتب
الاثنين ، ٢١ مايو ٢٠١٢ الساعة ١٠:٠٩ مساءً
  محمد الشلفي يشكل الخطاب الذي يتم توجيهه حول قضية ما نصف المسافة التي يجب قطعها للوصول بنجاح إلى الهدف فيها، وفي تحقيق الوحدة اليمنية بين الجنوب والشمال في 1990 كنا نتكئ على تاريخ طويل من المحاولات الجادة تنطلق من التاريخ إلى الثقافة إلى السياسة، ما هيأ للحلم أن يتحول إلى حقيقة. وبعد 22 عاماً من الوحدة وحوالي 17 عاماً من الحرب على الوحدة وصلنا إلى حافة الهاوية، ولم نعد نتكئ إلا على قدَر جميل هو الثورة والقليل من السياسة والكثير من التجربة المريرة. سندخل مجدداً التحدي في إثبات أنفسنا كيمنيين قادرين على تقديم النموذج بين شعوب العالم، فالوحدة كانت رغبة شعبية قبل أن تتحول إلى خطأ بحد ذاتها على يد النظام السابق. ينقسم اليوم اليمن إلى قسمين في التعامل مع الوحدة؛ أحدهما من يدعو إلى الانفصال والعودة إلى الماضي، والآخر يدعو إلى الحوار وإيجاد حل مرض مبني على العدل. وللأسف لن يكون علي سالم البيض ومن يؤيده هو الذي يرفع شعار “الانفصال أو الموت” ملوحاً بحمل السلاح فيما يبدو، تماهياً مع “المستبد” كما يسميه علم النفس، لكن العديد يتبنون خطاباً يظهر الوحدة، لكنه يؤدي إلى الانفصال! قبل أشهر امتثل ضباط الحرس الجمهوري أثناء كلمة ألقاها أحمد علي عبدالله صالح لقائدهم، فهتفوا وهم يرفعون سواعدهم وأياديهم المقبوضة بحماس: “الوحدة أو الموت - الوحدة أو الموت”. في المقابل يرفض الشيخ صادق الأحمر في حوار معه منذ أسابيع خيار “الفيدرالية”، مؤكداً ما معناه أننا سنبقى على ما وجدنا عليه آباءنا، صحيح أنه يحق له الرفض، لكن السبب لا يكفي لإقناعنا، فالبقاء على الماضي والتمسك به يعني عدم استيعاب سنة الكون في التغيير، كما قد يعني رفع شعار لا يمت إلى قيم الثورة بصلة “الوحدة أو الموت”. ويظهر خطاب “الوحدة أو الموت” معنىً إما أنا وإما أنا، ولا يعترف بمبدأ القبول والشراكة، كما يبدو ممتلئاً بالجهل السياسي، ففي وضع دولة موحدة بها نظام سياسي واحد يسيطر بشكل وآخر على كل البلاد، وانقسام حول مطلب الانفصال حتى داخل الجنوب وواقع سياسي يدعم مطلب الوحدة، لا مكان إلا لكل ما يعزز موقفنا في الاستفادة من نقاط قوتنا في الحفاظ على إنجازنا العظيم في الوحدة والثورة ضد نظام صالح. من المهم اليوم أن يتم تكريس خطاب يمثل الجوهر الحقيقي للوحدة وللثورة، وتبنى الشعب والحكومة خطاب رئيس الوزراء الذي استنكرته صحيفة (الميثاق) حين قال: حتى الانفصال سيكون مطروحاً على طاولة الحوار؛ لأن قبولي واعترافي بك يؤدي حتماً إلى الوحدة، بعيداً عن الإقصاء والرفض والموت. لنبدأ خطاباً جديداً نسمعه ونراه اليوم في وسائل الإعلام وعلى اللوحات المنتصبة في شوارع اليمن، والتي تفيد: “الوحدة يجب أن تتضمن المواطنة المتساوية”. سيكون أمامنا المزيد من السياسة، وإذا ما كانت السياسة هي فن الممكن، لماذا إذن نتحدث عن المستحيل؟! وكل عام وأنت بخير..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي