مستقبلنا إنسان!

أسماء الشيباني
الأحد ، ٢٩ مايو ٢٠١٦ الساعة ٠٥:١٤ مساءً

حينما تشبعت الأرض بدماء الشهداء والأبرياء عادت برحمة العزيز المنان وارتوت بدموع السماء في ابتهالات لوقف لهيب النار الذي يتصاعد فيحرق الأخضر واليابس.. ارتجت الأرض لظلم وجهل وجرائم لا تعرف رحمةً ولا شفقة..

 

 وبينما مهازل الساسة وتجار الحروب مستمرة في ذر الرماد على أعينٍ نزع غشاؤها فصارت مبصرةً لما بين السطور ووراء وعودٍ ومعاهداتٍ واتفاقاتٍ لا تستحق حتى ذرة من الحبر الذي كتبت به...  في هذا الوقت.. تتفانى أرواح قلةٍ.. تحمل رسائل إنسانية سامية...  تحلم بوطن..  تجاهد في صمتٍ لإنقاذ ثروة ومستقبل لم يعبأ بهما الساسة..

مستقبلٌ سيكون مليئاً بذكريات مريرة لجاهلية تجاوزت في همجيتها عهد الإمامة لتعود إلى مجاهل بغيضة تستعبد الإنسان وتلغي كرامته وكيانه ومكتسباته.

 

وتساؤل موجع يملأ صدري: ترى هل سيكون للجيل القادم القدرة على العطاء والبناء حين يكون مستنزف المشاعر منذ طفولته ومراهقته ؟!..

 جيلٌ اعتاد تعابير الموت والدمار كمفردات يومية ..  تبلدت مواجعه بمناظر الأشلاء والجثث والأسلحة لأقرب الناس إليه..  جيلٌ طفله يصرخ( #لا_تقبروناش ) ورجاله تنازع بوصية (  #انا_مديون )!!

أي جيلٍ سيعيد بناء الوطن وهو يرى الكل داخلياً وخارجياً..  أبناؤه وأعداؤه يتاجرون باسمه؟

فالمعونات للمناطق المتضررة تصل المناطق الأقل تضرراً.. !! ..  وآباء يقتلون أمام أبناءهم..  ومنازل تفجر دون ذنب...وآمنون يرحلون قسراً من وطنهم إلى وطنهم دون حق..  وفوق كل هذا إعلامٌ مقيتٌ يدعي نقل الحقيقة التي تلائم هواه!!

أي جيلٍ نسي معنى اللعب والضحك.. والمرح والدراسة.. وغدا حديثه طابور الماء وقصف الصواريخ وجنازة فلان وإصابة علان..وصار بلا أمل!

أي جيل ننتظره...  إن لم نتداركهم ونحتوي مشاعرهم قبل تفاقمها وتحولها إلى حقدٍ دفين ينتقم من مجتمعه ووطنه فيضيع المستقبل والوطن..؟!

نقول عنهم " صغارٌ لا يدركون"  ونتجاهل أننا هرمنا وأصابنا الشيب في ساعات فكيف نريد منهم ألا يكبروا ويدركوا ؟؟  ننشغل عنهم وهم في مرحلتهم الأخطر حيث تتكون مبادئهم وقناعاتهم وشخصياتهم.. ونقول عنهم"  لا يفهمون " والحقيقة تختصر نفسها في أحرفهم العذراء ونظراتهم البريئة..  فتأتي كشعاع نورٍ يخترق الظُلم يحتاج من يلتفت إليه ويتتبع خطاه..

وتلك الثلة الباقية ممن حملوا رسالة الإنسانية التي تحاول ترميم تشوهات الروح في أجسادهم الصغيرة..  هي قطراتٌ تتوه في زحام اللامبالاة المحكومة بمخططات الساسة في جهات تدعي زوراً وبهاتاً أنها محايدة..

 

في الأفق القريب..

هلا أعدنا ترتيب الأولويات وبجدية للنظر فيما يقدم من جهود للدعم النفسي لمتضرري الحروب..  فلا جدوى من إعادة رفع العمران..  دون أن نمتلك الإنسان!..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي