إب ....خاصرة الوطن

وفاء واصل
الاثنين ، ٠٢ مايو ٢٠١٦ الساعة ١١:٢٠ صباحاً

مدينة إب الذخيرة التاريخية والحضارية للخاصرة اليمنية، إب التي تتوسط السعيدة فتصدر رجالاتها وأسودها لكل مواقع الشرف والبطولة في الجمهورية اليمنية ويكتب منتسبوها تاريخ الدولة الحميرية من ظفار والصليحية من جبلة والاسماعيلية من مذيخرة!

 

فكيف تنبطح مدينة كانت حضنا لأبناء حمير أولئكم الذين سطروا ملامح الحضارة اليمنية على مدى قرون طويلة وأول من أطلق اسم يمنة أو يمنت إلى ألقاب ملوكهم وذلك بعد توحيدهم اليمن بسلطة مركزية ، ولم يقف مجدهم بل امتد إلى عمق الدولة الإسلامية فسارعوا بإعلان إسلامهم وكان لهم نصيب زاخر من المشاركة في الفتوحات الإسلامية !

 

المدينة التي حباها الله بحلل جمالية ربانية فمن جو معتدل غزير الأمطار إلى مرتفعات جبلية خصبة جعلها ذات كثافة سكانية عالية إذ يمثل سكانها مانسبته 11% من سكان الجمهورية اليمنية ولم تخل هذه المدينة من الحصون والقلاع والآثار كقلعة سمارة وحصن حب وقصر ريدان والحبل على الجرار!

 

هذه المحافظة الحاضنة للمنتج السياحي والبيئي التي أهلتها أن تصبح العاصمة السياحية لليمن

فمدينة جبلة عاصمة الدولة الصليحية التي احتضنت جامع الملكة وقصر دار العز ولم تخل من السدود والصهاريج،

ومتحف ظفار دليل شاهد على تأريخ هذه المحافظة ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل احتوت على العديد من الحمامات المعدنية كحمام القفر وإريان المسورة بروائح البن العديني الفريد من أشجارها المبثوثة على هذه الأرض الكريمة.

لن ننسى أبناء المهجر المنتمين لهذه المحافظة المتواجدين في الولايات المتحدة الأمريكية والتي يمثل أبناء إب الأغلبية الكبرى منهم ومايمثلوه من رافد من روافد الاقتصاد الوطني حيث تبلغ إجمالي حوالات المغتربين اليمنيين 1.4مليار دولار حسب عام 2008 وبالتالي فإنها تفوق قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر!

 

لايقف دور مدينة إب كواحدة من المحافظات الداعمة للاقتصاد الوطني أو الرافدةللتاريخ بكثير من الملهمات بل إن موقعها الاستراتيجي المحاذي لخمس محافظات يمنية منها الضالع المحررة ان صح التعبير و تعز والبيضاء وذمار التي تنتظر التحرير وكذا الموقع المتوسط في الجمهورية اليمنية و موقع الوسط  في العلوم العسكرية هو العامل الأقوى لكسب رحى المعارك وتحقيق النصر في الميدان .

 

وهي المحافظة التي كان يجدر بحكومتنا الشرعية الاهتمام لها باكرا لما تمثله من موقع متوسط وشريان حياة لللإمدادات من صنعاء إلى عدن والعكس .

ان تاريخ المقاومة للأئمة في هذه المدينة قديم جدا إذ أنه بدأضد الحكم الإمامي الكهنوتي للدولة الإمامية الهادوية وهي الثورة التي قادها الفقيه سعيد بن صالح العنسي الهتار (صاحب الدنوة) من مخلاف الشوافي سنة 1256هـ /1840م  ضد الإمام الهادي محمد بن المتوكل وذلك بعد أن أمعن حكم الأئمة في  النهب و السلب و السرقة التي طالت المناطق الوسطى في ذلك التاريخ, واتسعت ثورته حتى وصلت إلى  زبيد غرباً وإلى يافع شرقاً، و إلى يريم شمالاً، وكادت أن تسقط حكم الأئمة لولا حدوث خيانات من الداخل آلت إلى اعتقال  الفقيه سعيد وضرب عنقه وصلبه سنة 1357هـ / 1841م.

 

 ثم بعد خروج  الأتراك عن اليمن في عام 1919 ثار الشيخ محمد عايض العقاب في منطقة حبيش ومعه كافة مشايخ لواء إب وتعز وحاصر  سيف الإسلام (عبدالله بن قاسم حميد الدين)في مركز المديرية (ظلمة حبيش)  ثلاثة أشهر وانتهت ثورة العقاب بمقتله بعد معارك عنيفة  مع جيوش الإمام يحي بقيادة علي بن عبدالله الوزير .

ثم ثار مشايخ آخرين من آل سعد الجماعي (وهي الأسرة التي ينتمي الشهيد نايف الجماعي ) عام 1921 فاعتقلهم الإمام وأعدم أكثرهم على المشانق .

وفي ديسمبر 1922م أتفق كل من الشيخ حمود عبدالرب والشيخ عبدالوهاب النعمان والشيخ حميد بن علي باشا على قتل علي بن عبدالله الوزير في تعز ومن ثم الاستقلال بهذه المناطق ولكنهم كشفوا وتم القبض عليهم وإيداعهم سجن غمدان في صنعاء حيث ظل الشيخ حمود عبدالرب مسجون فيه حتى وفاته وتم إعدام عبدالوهاب النعمان إبان الثورة الدستورية 1948م ، وقد كان هذا المسلسل النضالي بالإضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لهذه المناطق من أهم الأسباب التي جعلت الأمام أحمد ينتقل إلى تعز ويقوم بتسيير أمور الدولة منها. إن التطرق لهذه العناوين في حقبة سابقة من الزمن في هذا التوقيت بالذات جاء ردا على ماذكره البعض من انبطاح مدينة كان لها السبق في مقاومة الأئمة !

 

وفي السنوات الأخيرة لم يغفل الحوثيون عن أهمية هذه المحافظة فعملوا على إسقاطها عن طريق دك مفاصل الدولة وتعيين إدارات موالية للمخلوع أو منتمية للأسر الهاشمية مؤمنة بالفكر الحوثي الضال في العديد من الدوائر الحكومية ، وإلا فإن هذه المحافظة في شهر أغسطس / 2015 بعد تحرير  الباسمة عدن انتفضت في مديريات النادرة والعدين والقفر ووصلت إلى حدود الرضمة ولكنها لم تلق الدعم الكافي لمجابهة الحوثيين ومعسكرات الحرس الجمهوري ، هذاو لقد  تقدمت كتائب من اللواء 55 حرس جمهوري  المرابط في يريم بالتعاون مع مرتزقة صالح وتمكنوا من إسقاط الرضمة وبعدان مجدداً، مما سبب انتكاسة حقيقة للمقاومة  التي كانت قد تمكنت من التمركز في قمم عالية مثل جبل بعدان وحصن المنار وحصن حب وجبال العدين ، ومن ثم أحكم الحوثيون القبضة عليها مجدداً . فخفت صوت مقاومتها تدريجيا ولكنها لم تخل من عمليات نوعية تحت مايسمى بحرب الكمائن التي تدل على رفض شعبي لسيطرة الفكرة الحوثية لهذه المدينة!

 

 

وقبل أن نلوم أبناء محافظة إب العزل علينا أن نوجه اللوم للقيادة الشرعية التي لم تدرك أهمية المحافظة حيث كان بإمكانها أن تشكل محوراً عسكرياً يضم محافظات تعز والضالع و إب وتجعل من إب مركز لقيادة هذا المحور ومن خلاله يتم  دعم المقاومة في محافظة تعز، ويتم استقبال الدعم من  الضالع وبذلك نتمكن من إعاقة الميليشيات وقطع امداداتها، ونرفد  تعز بما تحتاجه من  الامداد البشري والعتادي وبذلك نصنع تلاحماً مشتركاً يمد بعضه بعضاً وننشأ جبهة موحدة قوية نضمن استمرار إمدادها من الخلف ونتمكن من فتح الجبهات الامامية وهذا يعتبر من أهم عوامل تحقيق النصر في المعركة على الأرض وهذا لن يقتصر أثره على المحافظات المذكورة بل سيكون له أثره  في تحقيق النصر  على مستوى اليمن .

 

وكنا سنلقي اللوم – أيضاً - على محافظة إب في حال وجدت  مقاومة من محافظة ذمار  تضمن على الأقل إعاقة تقدم قوات الحوثي إليها مجدداً ، حيث أن المقاومة في إب لن تواجه الحوثيين  من أبناء إب فقط ولكنها ستواجه الحوثيين والمتحوثين  من إب وذمار وصنعاء وعمران وحجة بالإضافة إلى  الجيش الموالي للحوثي من الحرس والقوات المسلحة والأمن المركزي وغيرهم .

ولاننسى في  هذا المقام أن  محافظة إب استوعبت  الآلاف  من الأسر النازحة من المحافظات الأخرى وأن القيام بأي عمل غير مدروس فيها سيعرض سكان المحافظة ونزلائها للخطر مجدداً .

ولايغيب عن ذاكرتنا كذلك حرب الجبهة التي ناضل فيها أبناء المناطق الوسطى وقدموا خيرة رجالها نضالا من أجل مبادئ الجمهورية والدستور

فهل يعقل المتهمون لهذه المحافظة وأبنائها بالانبطاح مدى الجور الذي وقعوا فيه ، وأن مدينة إب تبقى عاصمة للدولة الحميرية التي ذاع صيتها في كل الجزيرة العربية !

الحجر الصحفي في زمن الحوثي