اليمن حاضر مؤلم ومستقبل مجهول

عبدالواسع الفاتكي
الاثنين ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٥:١١ مساءً
دخل اليمن مرحلة معقدة للغاية ، جعلته مسرحا لصراع الإرادات الإقليمية ، وأدخلته في انهيار سياسي شامل ، وارتداد وطني ، يطال جميع نواحي الحياة ، ويلقي بظلاله على حرية المجتمع ، ومؤسساته المدنية الحزبية والأهلية ، وأضحى اليمن تسيطر عليه حالة اللادولة ، من خلالها تنتهك بشكل صارخ ، حقوق الإنسان اليمني ، وتسترخص دماؤه بالقتل خارج القانون ، ويمارس  الارتزاق والإرهاب السياسي ،  ونهب المال العام ،  والفوضى المسلحة ؛ ليتحول اليمن لبلد هش ،  مثقل بالاضطرابات الأمنية والسياسية .
 
 
لقد مارست السلطة الانتقالية في اليمن ، ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي ، سياسة الهروب للأمام ، وتجاهلت أو تعمدت تجاهل التحديات الداخلية ، التي وقفت ومازالت أمام تطلعات الشعب اليمني ، الذي أراد إزاحتها بثورة 11فبراير 2011م الشعبية السلمية ، بل إن تلك السلطة ، حرصت على تجريف القوى الجيوسياسية الثورية ، بين إزاحة واحتواء وتجميد ، وصولا للتفكيك الشامل لها ، مما فتح الباب على مصراعيه ، للدخول في فترة   أبرز سماتها ،  تعاظم دور الوكلاء الإقليميين ، كنتيجة حتمية للفشل الذريع للسلطة الانتقالية اليمنية ، التي افتقرت لبوصلة القراءة الاستراتيجية الصحيحة ، لما يحاك لليمن ، واتسمت تصرفاتها ، بالتخبط وغياب العقيدة السياسية الوطنية ، ووحدة الهدف والمصير ، مما أوجد انفصاما وتناقضا واضحا ، بين ما تعلنه وما تمارسه.
 
 
إذا كانت المبادرة الخليجية ، أنتجت نظاما سياسيا انتقاليا ، اعتمد على المحاصصة والتقاسم ، بين نظام المخلوع صالح ، والقوى التي ساندث ثورة 11فبراير ، فأخشى ما أخشاه ، هو أن ينتهي التدخل العسكري للتحالف العربي في اليمن ، بالتأسيس لنظام سياسي ذي أبعاد طائفية وعرقية ، يفتت ما تبقى من البنى التحتية الاجتماعية للشعب اليمني ، خاصة بعد هذا النهر من الدماء ، التي تمثل منصة متقدمة ؛ لخلق واقع ، من خلاله يجري تمرير مخططات تفكيك اليمن ، وزرع الاحتراب والفتنة فيه ، وإعادة رسم خريطته السياسية عن بعد ، وجعل اليمنيين مشاريعا لحروب عبثية ، ووقودا للعنف ، ناهيك عن تحلل الديموغرافية اليمنية ، إلى هويات فرعية متحاربة متناسلة ، تارة جهوية وأخرى عرقية مذهبية.
 
 
واقع اليمنيين مثقل بتراكمات ومشكلات مزمنة ، فمن أزمة إلى أخرى ، ومن سلطة مستبدة لفوضى عارمة ، سرعان ما فتحت الأبواب ؛ لتصفيات وتطاحنات ، وتطرف عصبوي مناطقي أيدلوجي ، بوسائل دموية غاية في التطرف ، هذا الواقع المأساوي ، ساهم في إنتاجه ، سياسي يمني بشع ، ومتدين متعسف ، وجاهل يملك أداة القتل ، وقاد لتدخل عسكري إقليمي في اليمن ، جعل الشأن اليمني ، عرضة للتجاذبات الإقليمية والدولية ، التي ألقت بظلالها على فرقاء الصراع في الداخل اليمني ، ودفعت نحو مزيد من التخندق والتأزيم ، ولاسبيل للخلاص من هذا المشهد القاتم ، إلا بأن يلقي اليمنيون السلاح ، مؤمنين بأن صندوق الاقتراع ، لا الذخيرة ، هو الوسيلة المثلى والوحيدة للوصول لسدة الحكم ، في كنف دولة مؤسسات ، تضمن الحقوق والحريات والعدالة للجميع ؛  لينطلق اليمنيون ؛ لبناء يمن حر ديمقراطي مسالم ، يعيش كل أبنائه بكرامة وعزة.
 
 
#عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي