الإدارة و القيادة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠١:١٩ صباحاً
درج الكثير من قيادات الدولة على عدم التفريق بين الإدارة و القيادة. و حتى نفهم ماقصد اورد لكم مختصرات مارأيت من مشوار اليمن في حياتي ابدأها في عام ٢٠٠٦ حيث جاءني تكليف بإنشاء كيان اداري و مالي جديد داخل احدى مؤسسات الدولة الكبيرة، يكون بذرة في تغيير المؤسسة بكاملها.
 
طبعا كيفت على ذلك و سافرت و قلت اهى فرصة نساهم بشكل فعال في اصلاح مؤسسة كبيرة و فاشلة بكل المقاييس. مدير المؤسسة و الوزير اطلعوني انهم يريدون افتتاح هذا الكيان في اعياد الثورة و بحضور التلفزيون و عرض المبنى الجديد مع التجهيزات لهذا الكيان، و الذي سوف يكون صرخة و نواة، و استهلكوا كل المصطلحات امامي وقتها. طبعا اخذت المعلومات و التكليف منهما بمحمل الجد و استثمرت ٦ اسابيع هي اجازتي في المخططات و التقسيمات و الادارة و غيرها. قمت بزيارة المبنى من خارجه و بدأت ترتيب الطاقم و البحث على الداعم الخارجي لتجهيزات و تخطيط اعضاء اللجنة الدولية او الخارجية، التى سوف تسهم بذلك و الذين التقيت فيهم فيما بعد.
 
المهم كان لدي شك ان هناك شيء غير واضح في الادارة و القيادة و بالذات عندما تطلب ارقام او احصائيات، و التي كانت مهمة للاطراف الخارجية .و قبل ان اغادر الى المانيا بعد ٦ اسابيع عمل، قلت التقي بالمقاول او اقرأ الاتفاقيات الانشائية المبرمة و كانت المفاجأة. ان مدير المؤسسة كإدارة لم يقرأ الاتفاقيات و لا الوزير كقيادة ولا احد و لم يدركوا محتواها. لم يدركوا وقتها ان وظائفهم تحتوي على تخطيط و تنظيم و توجيه و رقابة، و ليس فقط افتتاح و صحافة.
 
لقد كان اهم بند ان المبنى لن يجهز الا بعد موعد الافتتاح ب ٦ اشهر، هذا اذا كان المقاول ملتزم بالزمن. رجعت الى مدير المؤسسة متسائل كيف نجهز افتتاح كيان اداري جديد في شهر٩ و المبنى لن يجهز الا بعد شهر ٩ ب ٦ اشهر و التسليم و الاستلام غير واضح. كان تقريباً رأيه شوف لنا حل دبر الامر، و لم ينقص الا ان يقول واحنا ليش جبناك!.
لم افهم ذلك، كيف اذا كانت الاعمال الانشائية لن تكمل؟ هل يكفي ان نصور المبنى من خارج للتلفزيون و نجلس في مكان اخر مثلاً ؟ . و هل كل المشاريع يتم كلفتتها في اخر لحظات، كالطرقات التي لاتصمد الا الى موسم الامطار، او المعاهد و التي تظل عالقة و ناقصة برغم الاستلام؟
 
رجعت الى المانيا اكمل مابدأت به و اخطط الباقي لعلهم يؤجلوها الى شهر ٣ بعد استلام المبنى و ارسلت لهم الدراسة و كان فيها ان الكيان الجديد عبارة عن كيان معاق ذهنيً في الوقت الحالى من حيث الكفائات و التجهيزات و الرؤية و لن نستطيع ان نستقطب له دعم و المحاورة مع اطراف خارجية داعمة غير مجدية، لاننا نبحث عن اسماء و ليس عن جوهر مما يجعلنا نستهلك الاسماء فلا يبقي لها رونقها و لا محتواها فيما بعد، لم يقرأو كلامي الا بعد ان اتصلت تلفونيا اخبرهم انني ارسلت التقارير و فوتنا فرصة الدعم الغربي لهذا المشروع، برغم وجود اللجنة وقتها معي، عادو بعد ان استهلكوا الاسماء لعندي، لكن فكرة الدعم اُستهلكت ايضاً. هذه عينة من قيادات الدولة تتسم بالتسيب و انخفاض الأداء و عدم ادراك متطلبات المانحين و الداعمين و لا زالت هي الصبغة العامة. و بسبب عشوائيتها اعادت هولندا مثلاَ وقتها ٨٨ مليون دولار مخصصات دعم كانت لليمن.
 
و نكمل الموضوع ،التقيت بشخصية قيادية بعدها بثلاث سنوات من الصف الاول في النظام السابق، و كان نقاشي معه الم ارسل لكم اسباب الاخفاقات و اين يكمن الخلل في الدولة حتى نتجنب الازمة او الثورة. كان رده يادكتورنا نحن ليس لدينا وقت نقرأ و اكثر وقتنا نعيد كلامنا بيننا و هذه عينة ثانية تسمى القيادة المستنسخة و الذي تتركز بيدهم السلطة و يتحكمون بشكل كامل بالدولة التي يديرونها، و لكن لا يسعون الى التحديث .
 
عينة ثالثة التقت بها، و التي قد لا يوجد لها تعريف واضح في الادارة. عندما تلتقي مع مسؤل من بداية اللقاء الى الاخير و هو يتكلم من دون ان يدرك انك لم تأتي حتى تسمع منه بقدر حتى تٌسمعه ماذا يمكنك ان تقدم و هي فرصة ان يسمع من متخصص، و بالذات اذا كان وقتك محسوب. فان اعطاك فرصة للكلام دخل واحد اخر من جماعته في نقاش لم يكون هو طرف فيه و لم يدرك ما الهدف منه حسب ثقافتنا "النفس في القلوب" مما يميع الامور و تموت الافكار. ثم يقول لك هذا تلفوني و هذا اميلي خلينا نتواصل، و كأنك سوف تعود مرة ثانيه لتسمع له بقية خزعبلاته . هذه اسميها قيادات غير موجهة و يغلب عليها اتخاذ قراراتها من قبل المرؤوسين و يصبح هو من دون ان يشعر في حكم المستشار من كثرة العك.
 
 
عينة رابعة التقت بها بعد ان طلبت ان يكون هناك لقاء عمل لمدة ساعتين و اشخاص معينيين حتى ننجز العمل بسرعة في مشروع، لنا نعد فيه منذ زمن و نستطيع ان نبدأ. و عند الاجتماع اتفاجأت" بامة لا اله الا الله" في القاعة و الكل يريد ان يحكي برغم ان اكثرهم لم يدرك الامر و لم يعرفون ماذا اريد و ليس لهم دخل، المهم الصدفة رمت بهم هنا. و اكثر شيء نرفزني عندما يعطي احدهم رأيه من دون ان يدرك اننا قد تعدينا هذه، و انني اكتب المشاريع اكثر من المحاضرات عندي، و تناسو ان الامر مدروس علميا مع المخاطر و الامكانيات و نحن في عملنا لا نرتجل، المهم النقاش نفس سياق ثقافة الدواوين. و بالأخير تخرج بكروتهم و عزومة و تسلية و لكن لم تنجز شئ، و الكل يريد لقاء اخر. هذه قيادات الصدفة و الضوضاء و يغلب عليها حب الظهور و تميع الامور. عينة خامسة و سادسة التقيت بها و شغلوني بطلباتهم و هذه نفرد لها منشور خاص ان لقيت فرصة.
 
و مختصر الامر ان جميع العينات لم تتعلم بعد العمل المؤسساتي و لم تتدركه. فالدولة و مؤسساتها في زمن السلم و الحرب لا زالت تختزل دائما بأشخاص لم يدركوا مفهوم القيادة و الادارة و التوجيه، و طالما أن وظيفة التوجيه تختص بمرحلة التنفيذ، فتأتي هذه الوظيفة بعد التخطيط و التنظيم في مرحلة القيادة و الادارة ،حيث تتأثر هذه الوظيفة بوظيفتي القيادة و الادارة، فكلما كان التخطيط و التنظيم جيداً كان النجاح هو المحصلة، إذا أدركنا عوامل الزمان و الاستمرار قبلها و التى هي مغيبة اصلاً. لذلك لم ننجح لا في قيادة مرحلة السلم و لا مرحلة الحرب !!!!!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي