تشكرات تركيا !

صدام الحريبي
الثلاثاء ، ٢٤ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٢:٤٧ مساءً
قبل أسابيع حاولت "موسكو" إيذاء "الرياض" وإرسال رسالة لها بأن "موسكو" ستقف أمامها وبقوة في حال فكرت أن تماشي "أنقرة" وتفكر في الوقوف إلى جانب تشكيل تحالف قوي يرفض سيطرة دول الاستكبار على المنطقة وخاصة تدخلها وتصريحات وزير خارجيتها "عادل الجبير" بخصوص تدخل المملكة في "سوريا" وسرعة حسم الأمر ولو عسكرياً هناك ، وذلك من خلال إرسال طائرة إلى مطار "صنعاء" وإثارة مشكلة وتهديدات ، لكن الرد السعودي أتى مغاير لما كان يتوقعه "الكرملين" الروسي ، فقد خرج ناطق التحالف وصرح بلهجة حادة حيث قال :
 
 
الطائرة الروسية تحاول إثارة المشاكل وهي تعمل على إيجاد بلبلة دولية ، ولن نسمح لها بذلك .. ليكن هذا الرد اللامتوقع هو الباب الذي أغلق في وجه "الكرملين" الذي كان يتوقع أن تخاف منه "السعودية" التي قد ركلت "اسرائيل" من قبله بشكل دبلوماسي أنيق وموجع بنفس الوقت ..
 
عندما تيقنت "موسكو" بأن "الرياض" قد التحقت ب "أنقرة" ورفضت طوع الكل وهي لا تقبل أن تعامل أحد إلا ك (ند)، سرعان ما صمتت وعملت على إعادة ترتيب الأوراق وكأن شيئاً لم يكن بعد أن صرح قادة عسكريون روس بأن الطائرة الروسية المتواجدة في مطار "صنعاء" ستغادر قبل الوقت المحدد لها من قبل التحالف وبالقوة ..
 
ولا أستبعد أن يكون التفجير الإرهابي الذي حدث في شرق "تركيا" هو أحد الترتيبات التي أعادتها دول الاستمعار العالمي والتي تعمل حتى الآن جاهدة على إجبار وتحريض "موسكو" على "أنقرة" مستغلة الأحداث والتطورات ..
 
كان بوسع "موسكو" أن تعمل كثيراً في سبيل توسيع دائرة الخلاف بينها وبين (أنقرة والرياض) بعد أن تم تحريضها من قبل دول الاستعمار العالمي ، لكن حوادث سقوط الطائرات الروسية في مصر وما قبلها جعل "الدب الروسي" يفكر بأنه لابد من أن لا يظل دبا وأنا يكون أكثر خفة وسلاسة في الوزن والتعامل والتفكير ..
 
أما بالنسبة التفجيرات التي قلبت العالم في "باريس" فلها احتمالين الأول : أن هذا الدرس توجهه دول الاستعمار العالمي ل "باريس" بسبب استمرارها في عقد صفقات مشبوهة مع الحليف الجديد ل "أنقرة" واستمرارها في بيعه الأسلحة المتطورة دون الاستئذان من الرب المقدس المجهول الذي يختفي خلف ستار (أمريكا ودول الاستعمار في العالم) والتي هي "فرنسا" إحدى هذه الدول ، إضافة إلى جانب حماسها الكلامي في أهمية سرعة التخلص من الأسد والجماعات الإرهابية التي تعمل لصالحه .. أما الاحتمال الثاني : فهو أن يكون هناك طرف آخر استخباراتي يعمل على تصفية حسابات خاصة مع "فرنسا" التي كان لها كذلك رصيد كبير في استباحة الدماء قديماً وحديثاً ..
 
وبالنسبة لجدية أمريكا في التخلص من نظام "بشار الأسد" الذي تدور مشاكل بين كبرى الدول حوله ، فجديتها كاذبة وواضحة العيان ، وهي لا تريد من خلال تصريحاتها في أهمية رحيل الأسد إلا كسب المزيد من الوقت ﻹيجاد مشكلة جذرية بين "الذئب التركي" و "الدب الروسي" تفضي إلى وقوع حرب طاحنة بين الدولتين ومن يحالفهما حتى تستمتع بالمشاهدة وبيع السلاح واحتلال ما يحلو لها وربتها "اسرائيل" من الأراضي والثروات ، هذا إذا لم تتحيز لطرف "موسكو" لدواع سياسية وحتى دينية وأيدلوجية يجهلها أو يتجاهلها من يدعون علمانية (موسكو ودول الغرب) ..
 
إذاً ما زالت "تركيا" أمام منعطف خطير وها نحن نلاحظ أساليبها في التعامل مع الدول الكبرى من خلال تعامل "أردوغان" الشخصي مع قادة تلكم الدول أثناء حضورهم اجتماع الدول العشرين في "أنطاليا" ب "تركيا" ، فمن شاهد ما خلف كواليس المؤتمر سيتضح له احتفاء قادة "تركيا" بالملك السعودي "سلمان بن عبدالعزيز" ورفع صوره ، وبغضهم لقادة دول الاستعمار وهذا إن دل ، فإنما يدل على وجود خلافات قوية ورسائل أقوى يرسلها "أردوغان" من خلال تصرفاته الشخصية لخصوم "تركيا" والاسلام المعتدل بأن هناك تحالف جديد ستقوده (السعودية وتركيا) ، ومن خلال متابعتي لصورة يظهر فيها "أردوغان" وهو يوقف "أوباما" على التقدم ويمد بيده للملك "سلمان" كي يتقدم هو أولاً ةلسان حال "أردوغان" ل "أوباما" : قف عند حدك !! ، فقد انتهى زمن عنجهيتكم واستعبادكم للمساكين ، وحان الوقت ﻹيقافكم ومحاسبتكم ..
 
ها هي "تركيا" تعمل على إعلاء الإسلام المعتدل الذي كان يشوهه كثيرون ، وهاهي تنتصر له حتى في المواقف الشخصية ، ولذلك نقولها شكراً "تركيا" فأنت تحاولين إعادة مجدا أضعناه بأيدينا (تشكرات تركيا) ..
والنصر للحق بإذن الله ..
الحجر الصحفي في زمن الحوثي