المقاومة اليمنية تحديات الداخل وحسابات الخارج

عبدالواسع الفاتكي
الثلاثاء ، ١٠ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٢:٠٩ مساءً
ثمة صراع دائر اليوم في اليمن وحول اليمن ، يتطلب الكثير من اليقظة والحذر وبعد النظر ، ويحتم على المقاومة اليمنية لانقلاب 21سبتمبر 2014 م ، في جناحيها العسكري والسياسي ، التحليل العميق للوضع الداخلي والإقليمي والدولي بالغ التعقيد ، وإدراك أن من يخوض الصراع على الأرض اليمنية ، هو الذي يملك زمامه وإدارته ووضع الاستراتيجيات الملائمة له ، وأن علاقة مقاومة الانقلاب بالخارج إشكالية ، لا تكمن في تقاسم مهام المقاومة بين الداخل والخارج ، وإنما في انقسام الداخل والخارج حول المقاومة ، من حيث طبيعتها وأهدافها وتكتيكاتها وتحالفاتها ، مما له الأثر الكبير ، في تشتت أو تباين أو تعطيل مسار المقاومة ، طبقا للقرب أو البعد من الموجهات الخارجية .
 
مع عدم تبلور أفق قريب للحسم ، يمكن استشرافه من مؤشرات ملموسة ، ظهرت كحاجة ميدانية لتنظيم المقاومة ، مجالس تنسيقية كمبادرات محلية ، ضمن إطار حراك شعبي مقاوم ، وفي ظل هذا الوضع فالمقاومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى ، بتقديم أجوبة واضحة وصريحة ، في شأن منهج استمرارها وأدواتها ، خاصة في ظل افتقارها لقيادة مركزية سياسية ، منبثقة منها ومن بيئتها ، تقود دفة المقاومة نحو مزيد من المكاسب ، فالمقاومة تعاني من اقتصار تأثيرها السياسي ، على الفضائيات ووسائط العالم الافتراضي ، دون الانغراس في العمل السياسي المباشر ، الذي اختزل في شرعية وإدارة عبد ربه منصور هادي ، الذي يدير الشؤون اليمنية ، لحسابات خاصة به أو بالإقليم ، بعيدا عن حساب خسائر أو أرباح اليمنيين .
 
الضعف الذي تعاني منه المقاومة ، يعود إلى عدم وجود قيادة عامة لها ، تنظم وتدير وتشرف على عملياتها، في كل المحافظات اليمنية ؛ ولذلك صارت تشكيلات المقاومة في عموم أنحاء اليمن ، منعزلة عن بعضها البعض ، مما أهدر كثيرا من جهودها ، وفرط ببعض مكتسباتها ، وأفقدها القدرات التنظيمية ، وجعل الفردية في القرار والتحرك هي السمة الغالبة ، ومن الأهمية بمكان لتحرك المقاومة ، احتياجها لمجموعة من المبادئ الأساسية ، التي تشكل الإطار الذي يتم من خلاله وحوله ، الدخول في معترك المقاومة ، مع مختلف الأطراف والقوى المعنية ، مع التذكير بأن المقاومة تضارع السياسة ، فهي في جوهرها فن الممكن ، الذي يقتضي المرونة في القرار ؛ لاستيعاب المتغيرات دون تفريط بما للمقاومة من مكتسبات .
 
في المناطق المحررة تواجه المقاومة تحديات جمة منها إعادة المؤسسات الخدمية للعمل على النحو المطلوب وعدم تشكيل بنية قانونية وإدارية لفرض الأمن المجتمعي ما أنتج حالة الفوضى وغياب القانون وحاجة المقاومة الماسة لإدارة العمل الإغاثي وتوزيع مواد الإغاثة بعدالة على الحاضنة الشعبية التي يلاحظ بدء تملمها من الوضع القائم مغبة نقص مقومات الحياة الإنسانية ومتطلباتها كافة .
ثمة معطيات أصبحت جلية ، مفادها أن القوى الإقليمية المناهضة لانقلاب مليشيات الحوثيين وحليفها المخلوع صالح ، لا ترغب في التحرك خارج المظلة الدولية ، ومن هنا فإن اعتراضات المجتمع الدولي على أي تحرك للمقاومة ، سيلقى صدى إقليميا ، ومما يؤثر في موقف الإقليم تجاه المقاومة ، ثلاثة محددات غربية هي : رفض أي مساحات سيادية للمقاومة مباينة لأهدافهم ، وعلاقتها بالأمن الدولي ، والحرب على الإرهاب والقاعدة ، ويبدو أن هناك تحفظات كثيرة حول موقف المقاومة من تلك المحددات .
 
ينبغي أن يدرك اليمنيون ، أنهم يمرون بلحظة نادرة للتغيير ، يصعب تكرارها ، وأن أمامهم فرصة ثمينة ؛ للتخلص من السيادة المزمنة لمنطق المنطقة والطائفة والغلبة والتمييز ، وأن أي توقف أو عودة للوراء ، هو طامة كبرى ، تضع البلاد والعباد والأجيال القادمة ، في شروط أسوأ بكثير مما هو قائم الآن ، وهذا الإدراك يدفع الحراك الشعبي المقاوم ، نحو مزيد من التلاحم ، ويحفزه لكثير من البذل والعطاء ، على طريق الحرية والعيش الكريم.
 
ورغم التحديات التي تقف أمام المقاومة ، إلا أنها تملك زخما روحيا ونفسيا هائلا ، وإرادة فولاذية تزداد صلابة مع ازدياد التضحيات ؛ لتحقيق الانتصار ، ولعل في مقدمة المسؤوليات ، الملقاة على عاتق أحرار اليمن المقاومين للانقلاب ، وحدة الصف ، ومنع أي توظيف للمقاومة ؛ لتحقيق مصالح خارجية ، تتعارض مع مصلحة اليمن .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي