تحويل جريمة حارس باسندوة من قضية جنائية إلى قضية سياسية جريمة سياسية

كتب
الاثنين ، ١٤ مايو ٢٠١٢ الساعة ١١:١٥ مساءً
بقلم / نبيل سبيع
بقلم / نبيل سبيع

مقتل حارس معهد أكسيد على يد أحد حراس رئيس الوزراء أثناء مرافقته ابنة الأخير، هو قضية جنائية صرفة، وتحويلها إلى قضية سياسية جريمة خطيرة وبشعة لا تقل خطورة وبشاعة عن الجريمة نفسها.

الغالبية تحدثت وما تزال عن القضية دون أي تفاصيل حول الحادثة ودون أية مسؤولية أخلاقية أو وطنية، لتنقسم الساحة إلى الجبهتين المعتادتين منذ مطلع 2011: جبهة الستين وجبهة السبعين، وهذا يعني أن المؤيدين لرئيس الوزراء مثل المناوئين له، لا ينوون خيرا به. وفي حال استمرت هذه المهزلة، فإن المستقبل السياسي للسيد محمد سالم باسندوة، سيكون الضحية رقم 2 بعد الحارس الذي قتل السبت.

باسندوة أقدم على الخطوة المطلوبة منه ومن أي مسؤول يمني في مثل هذه الحالات، وهي: إعلان تسليمه القاتل للداخلية، وقد قدم نفسه لليمنيين بخطوته هذه في صورة المسؤول اليمني المحترم. لكن القاتل الذي يعمل في حراسته منذ قرابة عام، فر عقب الجريمة إلى منزل الشيخ حميد الأحمر، بحسب المعلومات التي رشحت إلى الصحافة ومتناولي القضية في موقع "فيسبوك"، عقب الحادثة. وقد ظل مصير القاتل مجهولا حتى عصر أمس الأحد، حين تناقلت بعض وسائل الإعلام الرسمي خبر تسليم نفسه للداخلية.

الخطوة المنتظرة من الشيخ حميد الأحمر في حال صحت المعلومات الخاصة بإيوائه القاتل الذي كان من مرافقيه أصلا قبل أن ينتدبه لحراسة رئيس الوزراء، كانت خطوة باسندوة نفسه: تسليم القاتل للداخلية فورا، وعدم إيوائه لحظة واحدة، وإلا فإنه يصبح بذلك متمردا على الدولة اليمنية.

ما الداعي لتأخير تسليم القاتل يوما كاملا، وخلق تلك الضجة وتلك المخاوف لأكثر من 24 ساعة؟ لا أعتقد أن القاتل كان بحاجة لعملية سمكرة وخراطة وتغيير زيت قبل تسليمه للداخلية. هناك سبب واحد منطقي وقف وراء تأخير تسليمه للعدالة، وهو أن من قام بإيوائه يضع نفسه فوق القانون والدولة، ويريد بوعي أو دون وعي إشعار اليمنيين أنه فوق القانون والدولة.

اليمنيون ليسوا بحاجة إلى أشخاص سوبرمانات يشعرونهم على الدوام أنهم فوق القانون وفوق دولتهم، بل بحاجة ماسة إلى شخصيات مسؤولة تحترم القانون والدولة، وخصوصا حين تكون هذه الشخصيات جزءا من الدولة نفسها. إن أي شيخ أو أية شخصية كانت تحتل موقعا في الدولة اليمنية أو تلعب دورا فيها أو تشكل جزءا منها بأية صورة من الصور، وتسلك في نفس الوقت سلوكيات متعالية على هذه الدولة وقانونها، هي بلا شك شخصية لا تحترم نفسها بتاتاً.

خلال الفترة التي ظل فيها مصير القاتل مجهولا، جرى تحويل الأنظار عن القضية الأساسية المتعلقة بضرورة تسليمه للعدالة، إلى الحديث عن حصار منزل رئيس الوزراء من قبل قبيلة القتيل فقط، والحديث عن أنه في هذا الحصار يدفع ثمن إعلانه إيقاف مخصصات القبائل. هذه واحدة من الأساليب المشينة في حرف القضايا عن مسارها، وغسل الجرائم التي يفترض باليمن التخلص منها بعد الثورة.

هذه ليست قضية سياسية في الواقع، بل قضية قتل جنائية، وينبغي ألا يحدث انقسام حولها بهذا الشكل. وإذا كان هناك من خطوة مسؤولة شهدناها في هذه القصة التي بدأت ظهر أمس الأول السبت، وكان ينبغي أن يحذو الجميع حذوها، وفي مقدمتهم من سعوا إلى مفاقمة المشكلة بعد الحادثة، فهي خطوة باسندوة نفسه: إعلان تسليم القاتل للدولة اليمنية على الفور، وعدم إيواء أي مجرم أو مشتبه به لحظة واحدة.

كل من لا يلتزم بهذه الخطوة هو عدو للدولة اليمنية وليس لأهالي القتيل فقط، هذا ما ينبغي أن ننقسم ونتصارع حوله نحن اليمنيين.

لا ينبغي أن ينقسم اليمنيون على هذا النحو حول جريمة قتل. فجرائم القتل وأية جرائم أخرى ليست برامج سياسية تنقسم حولها الشعوب المحترمة.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي