حرب عالمية ثالثة !!

صدام الحريبي
الاثنين ، ١٢ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٣:٤٩ مساءً

بعد التدخل المفاجئ والخاطف ل "روسيا" في "سوريا" برضى "أمريكي" ومباركة إيرانية كان من ضمن أخطائها اختراق المجال الجوي التركي ، ذهب البعض ليتحدث عن توقع حرب عالمية ثالثة ولا نعلم من هي أطراف الحرب العالمية التي يتحدث عنها البعض ..

 

بعد الاختراق الثاني لمجال الجوي التركي من قبل مقاتلات روسية بدأ البعض يشك في أن وراء أكمة "روسيا" ما وراءها وبدأ هؤلاء البعض يتحدثون عن احتمالية وقوع حرب عالمية ثالثة ، لكن الواقع لم يتحدث بذلك بتاتاً ﻷسباب كثيرة ..

 

منها : أنه لا يمكن ل "تركيا" أن تدخل في حرب شاملة لوحدها كونها لا تملك حليف عسكري قوي يمتلك السلاح النووي على الأقل ولا يجب أن نعول على "باكستان" كثيراً جداً كون الأغلبية البرلمانية هناك موالية ل "إيران" ومحتمل بقرار يتم التصويت عليه في البرلمان تتخلى "إسلام أباد" نهائياً عن "أنقرة" وتحتجب حتى عن التصريحات السياسية لدعمها ، إلا إذا حدد الجيش موقفاً لصالح الرئيس الباكستاني..

 

ومنها كذلك :  أن "تركيا" ليست غبية لهذا الحد أن تدخل في صراع هي تعلم نهايته بأنه لن يكون في صالحها ، حتى أن "اسطنبول" تحرص كل الحرص على أن لا تدخل وحدها في صراع حاد مع "موسكو" أو غيرها وهذا ما يؤكده لنا تصريح رئيس الوزراء التركي" داؤود أوغلو" عندما قال : نأمل بأن لا يتكرر اختراق المجال الجوي التركي ﻷننا لا نريد أن تدخل "روسيا" في صراع مع (حلف الناتو) ..

 

 

كان تصريحا موقفاً جداً وهو أن "أوغلو" يريد أن يرسل رسالتين ل"روسيا" و "أمريكا" التي ظلت _أمريكا_ تصرح بأن الاختراق الجوي ل "تركيا" ليس عارضا ، يحذوها الأمل في أن "تركيا" ستكون غبية وستقوم بتصرفات صبيانية كي تضرب "اسطنبول" ب "موسكو" والعكس في رسالة يرسلها "أوغلو" ل "أمريكا"  بأنه إن كان هناك صراع فإننا كأتراك لن ندخل فيه وحدنا وستكونون معنا .. أما الرسالة التي وجهت من خلال التصريح ل"روسيا" فهي : أننا لسنا وحدنا ولسنا أداة يبتزنا الآخرون كما يشاؤوا ، ومحاولة إيذاءنا من قبلكم سيجلب حلف الناتو رغماً عنه لتأييدنا ولن نكون ضعفاء .. 

 

هذه الرسائل كانت مفهومة جداً وهي ما جعلت ولي ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" يلتقي بالرئيس الروسي "بوتين" وباعتقادي بأن الزيارة ستشمل نصائح ل "الدب الروسي" بأن لا يدخل في صراع مع "الذئب التركي" الذي يعمل حالياً ضد الخصم الأزلي ل "موسكو" حسب وصف الأمر الواقع ..

 

باختصار شديد "الولايات المتحدة" تريد إشعال الحرب بين "تركيا" وحلفائها من العرب وبين "روسيا" من خلال إثارة التدخل الروسي في "سوريا" وقد قامت "أمريكا" بسحب معداتها القتالية الأسبوع الماضي من "تركيا" و "الخليج"ً وكأنها لا تريد أن تتدخل في حين أن "الدب الروسي" يتعامل مع الأمور بحماقة وكأنه القوة التي لم تقهر أيام الاتحاد السوفيتي ، أما "أنقرة" فقد كانت أكثر تعقلا ولم تقدم على أي خطوة بل نبهت إلى أن أي حماقة تقدم عليها "موسكو" سيرد عليها حلف الناتو فقط ..

 

أما الانفجار الانتحاري الأخير الذي أودى بحياة العشرات في "أنقرة" فيكشفه إعلان الحكومة التركية عن إلقاء القبض على جاسوسين إيرانيين في اليوم التالي بعيداً عن تصريح "أوغلو" الأخير الذي اعتقد بأن داعش قد يكون له علاقة بما حدث ..

 

الخلاصة : من وجهة نظري فأرى بأنه ومن خلال المحادثات التي تجري بين "السعودية" و "روسيا" والتي صرح الأمير "محمد بن سلمان" بأنها ستكون من أجل إيجاد حلول سلمية في "دمشق" فإن "روسيا" ستخفف من موقفها تجاه نظام "بشار الأسد" وهذا ما أثار حفيظة "الولايات المتحدة" التي لا تريد الحسم بل تريد أن يستمر الصراع ويتصعد بين "تركيا" و "روسيا" كي تنتقم من الأتراك والسعوديين كذلك وتضع قانوناً بأنه هذا مصير من يحاول ركل "البيت الأبيض" ولا يمكن ﻷي قوة أن تنتصر إلا إذا كانت "أمريكا" راضية عنها وما يثبت ذلك هو التصريحات المتتابعة ل "الناتو" الذي يتوعد "روسيا" بالتدخل العسكري ..

 

أما احتمالية حدوث حرب عالمية ثالثة فليعلم الجميع بأنها لن تكون بين "تركيا" و "روسيا" خصوصاً في هذا الوضع ، بل إن تطورت الأمور وخرجت عن نصابها فمن المحتمل أن تكون هناك حرب بين "روسيا" ودول أوروبية من أجل المصالح فقط ولا أرى بأنها ستكون حرب شاملة إلا في حالة واحدة فقط إذا لم يتم التنازل من جميع الأطراف ولن تكون "تركيا" طرفاً في أي حرب إلا في حالة الدفاع عن أراضيها أو الدفاع عن ما له علاقة بالمسلمين ..

 

ملحوظة : البعض يقول بأن هذه المقالات التحليلية لا تهم اليمنيين وليس لهم شأن بها ، لكنني أقول بأن هذه الأحداث والتغيرات لها تأثيرات مباشرة على "اليمن الحريح" فضعف "تركيا" يعني ضعف "السعودية" ، وضعف "السعودية" يعني التخلي عن الدور السعودي في "اليمن" ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي