صدمة وشد أطراف وحدود بلون الدم !!

عبدالواسع الفاتكي
الاربعاء ، ٠٢ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١٢:٥٥ مساءً
الحروب والصراعات الداخلية الدائرة في العالم العربي، تشير إلى أننا أمام نوع فريد منها غيرت من طبيعة الصراع ، ومفهوم الحرب والأمن ، وتجاوزت حاجز الحرب النظامية؛ لتتمدد رقعتها الجغرافية لتشمل دول عدة انهارت جيوشها الرسمية بتلاحمها مع مليشيات مسلحة ومرتزقة ، وجزئت قدراتها العسكرية في حروب مجزأة؛ لترسي سلطة تنظيمات مسلحة ؛ ولتسحق السيادة الوطنية تحت أقدام أمراء الحرب بمتخلف ألوانهم .
 
وفي إطار سياسة إشعال الحرائق ، تحركت بوصلة الحرب من مكان لآخر بطوأفة القوة ولامركزية القيادة ، وبمسرح عملياتي يتصف بطابع مركب يعتمد على تطويع القوة العسكرية النظامية ؛ للعمل مع قوة غير متماثلة معها ذات تسميات مختلفة باختلاف بيئة الحرب هي في العراق مثلا الحشد الشعبي ، وفي اليمن اللجان الشعبية ؛ بهدف إعادة تقسيم بلدان الشرق الأوسط لدويلات متناحرة ، ترسم حدودها السياسية بلون الدم كما تحدث عن ذلك العميد الأمريكي المتقاعد رالف بيترز في مقال نشر على صفحات مجلة آرمد فورسيس جورنال الأمريكية عام 2006م بعنوان حدود الدم يقترح فيه خريطة شرق أوسط جديد ، تتضمن تغييرات جذرية هائلة للحدود المتعارف عليها منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م أهما فقدان العراق وسوريا وتركيا أراض لصالح دولة كردستان الحرة، وقيام دولة إسلامية مقدسة على غرار الفاتيكان، تتولى إدارة المدن الإسلامية المقدسة في المملكة العربية السعودية التي يعدها رالف بيترز من أبرز الدول الخاسرة إذا حدثت تلك التغييرات .
 
 
تقودنا مؤشرات الصراع إلى حقيقة مفادها أننا أمام إعصار، يرام منه صياغة جديدة للجغرافيا العربية، يمثل التخادم الأمريكي الإيراني في المنطقة العربية محركها الأول ولتحقيق ذلك كان من اللازم استخدام استراتيجيات غير تقليدية ، ملائمة لتبرير الوجود الأمريكي، وتعزيز النفوذ الإيراني تأتي في مقدمتها الهندسة الاجتماعية المعكوسة من خلال جرثومة الاحتراب الطائفي بأساليب دموية أكثر إيلاما ضمن فلسفة الصدمة والترويع ، تلحقها فلسفة شد الأطراف التي تقضي بربط كل طرف من الطوائف المتحاربة بدول إقليمية ؛ لتزال صمامات الأمان الأخلاقية والاجتماعية ، ويتعاظم الأرهاب السياسي ، ويصبح الكل ضد الكل في منطقة أصبحت جاهزة للعرقنة ومناسبة للتقطيع الديموغرافي ، لاسيما وأن النظام الرسمي العربي جرف مقومات الأمن القومي العربي ، ومارس سياسة الهروب للأمام متخطيا التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية بالتزامن مع إعلام سياسي موجه ، يشيع مصطلحات الاحتراب كالأكثرية والأقلية والسنة والشيعة والأصولية ؛ لتحل محل مصطلحات الوطن والدولة والدين والأمة ، ويرسخ ثقافة التكفير والإقصاء لنسف مقومات الدولة وبنى التلاحم المجتمعي .
 
يمكن القول أن غالبية الدول العربية تعصف بها أزمات داخلية معقدة، قوضت الأسس الدينية والفكرية للمجتمعات، وفتحت الباب على مصراعية لتجارة الموت والدم بشعارات غيبت العقل، واستنفرت عاطفة عمياء ، استأصلت ما تبقى من أواصر الأمر الذي جعل تلك الدول في جوهر التهديدات المصيرية التي ستلزمها لا محالة بإصلاح علاقتها المشوهة مع الداخل ، وإعادة التأهيل الفكري والسياسي لجيل الشباب الواعد ؛ ليتحمل مسؤولية قيادة الدفاع عن حاضر ومستقبل هذه الأمة.
#‏عبدالواسع_الفاتكي
الحجر الصحفي في زمن الحوثي