(2) من يريد الحرب ..؟

علي أحمد العمراني
السبت ، ١١ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٢:٣٧ صباحاً
بعد ساعات ستحل الهدنة .. وكم نتمنى أن تتوقف الحرب بصفة نهائية في بلادنا الغالية ويحل فيها السلام وينعم أهلها بالأمن والحياة الكريمة .. الشعب اليمني لم يكن يرغب في الحرب ولم يكن مستعدا لها أبدا.. وحده الحوثي كان مهيئا ومستعدا ومندفعا وراغبا .. وكثير من اليمنيين المتضررين من ظلم الحوثي وحربه لم ينخرطوا بعد في الحرب ضده مباشرة لحد الان.. ربما لا يزال لسان حالهم يقول : لعل وعسى..
 
الحوثي هو الذي دفع الداخل والخارج إلى الحرب وهو سبب كل الحروب والخسائر البشرية والمادية والمعنوية التي تعرضت لها اليمن منذ الحرب الحوثية الأولى في 2004 .. أما المظلومية التي يقال إنه يستند إليها فهي حكاية زائفة ومضللة وباطلة، ولا يحركه سوى نزعة التسيد والطغيان والظالمية التاريخية .. وليس هناك من هو أكثر مظلومية وتهميش من مناطق مثل تهامة والجنوب والبيضاء والجوف، وأخرى غيرها ، وجاء الحوثيون اليوم ليوسعوا تلك المظالم التاريخية ويعمقوها ويرسخوها من جديد .. ومع ذلك لم يحمل أبناء تلك المناطق، التي تعاني الظلم والتهميش، السلاح في وجه الدولة.. ولم يسعوا في خراب اليمن مثلما يفعل الحوثيون...كانوا ينتظرون أن يأتي العدل بالسلمية..فهاهو الظلم يعود إليهم بقوة السلاح..
 
ولا يمكن الإدعاء بأن الرئيس والحكومة أو القوى السياسية المؤيدة للشرعية كانوا يريدون الحرب مع الحوثيين..
وهل يلزم التأكيد بأن دول التحالف كانت لا تريد الحرب أيضا ، بما في ذلك السعودية ..؟ وقد استغرب كثيرون داخل اليمن وخارجها صبر السعودية على وجه الخصوص بل لاموها ، وهي تبدو كالمتفرج غير المعني بسقوط عاصمة جارها الأهم والأقرب، في أيدي مليشيا تعمل بأسناد ودعم من جار إقليمي بطموح إمبراطوري يناصبها العداء وجند نفسه خصما للعرب.. وحين سقطت صنعاء تباهى نافذون إيرانيون وقالوا : هاهي العاصمة العربية الرابعة تضاف اليوم إلى مشروعنا...
 
بعد اجتياح صنعاء المشئوم أبرم الرئيس هادي والقوى السياسة مع الحوثيين اتفاق السلم والشراكة وكان ذلك محل استغراب بل استنكار كثير من الناس .. ومع ذلك بارك مجلس التعاون الخليجي من مقره في الرياض ذلك الإتفاق ...كان الجميع يبحث عن ملاذ من الحرب ويتشبث بالسلم.. وفي سبيل السلم قبلت جميع الأطراف المحلية بالحوثي شريكا ولو بقوة السلاح...! وشجعت كثير من الأطراف الخارجية ذلك .. وكان يمكن القبول بالحوثي شريكا قويا، أو حتى الشريك الأقوى، ولكن بشرط وفهم أن يكون الأرشد.. لكنه هل يستطيع الحوثي أن يكون أرشد وأكثر شعوراً بالمسؤولية تجاه البلد..؟ للأسف لا يستطيع ولم يستطع ..
 
وهل توقف الحوثي عند حد..؟ كلا .. فقد استمر يحارب ويتوسع ، ويستولي على مؤسسات الدولة والمحافظات ، واحدة إثر أخرى... ولم يكتف بذلك وإنما قام بانقلاب وضع فيه الرئيس ورئيس الحكومة قيد الإقامة الجبرية.
ولم يتوقف الحوثي عند الإنقلاب على الرئيس والحكومة والسيطرة على كل شيء داخل صنعاء وإنما اتجه جنوبا كي يلاحق الرئيس إلى عدن بعد أكثر من شهر في الإحجتاز .. ولم يفهم ما قد تعنيه عودة سفارات مهمة، معنية مباشرة بأمن اليمن، إلى عدن، مع وصول الرئيس إلى هناك... كان على الحوثيين أن يفهموا أن ذلك يعني دعم الشرعية والوقوف إلى جانبها بشكل حازم وقاطع .. وكان ذلك محاولة وفرصة أخيرة لتجنب الحرب.. كان عليهم أن يفهموا أن الشعب اليمني لن يقف وحده في النهاية في وجه آلة حرب غاشمة ومليشيا متنمرة استولت على الجيش اليمني وسلاحه، وتدعمها وتسندها أطماع دولة أقلمية في السيطرة على اليمن ...
 
الحوثي ليس جديدا على الحرب، فهو يحارب الدولة اليمنية منذ أكثر من أحدعشر عاما، ولا يجيد عملا سوى القتال وصناعة الموت والخراب .. واشتبك مع السعودية في الحرب السادسة في 2009 وصرح الرئيس السابق حينها بقوله : الان بدأت الحرب الحقيقية..! وكأنه يريد التصريح بأن هناك من حدد للحوثي مهمة إيذاء السعودية وأوكل إليه محاربتها .. ودشن الحوثي استيلاءه على الجيش اليمني بمناورة حربية على حدود السعودية...
 
لا أحد يرغب في الحرب في الداخل أو الخارج سوى الحوثي، وهو وحده يمتهنها .. وليس هناك اليوم من هو قادر على إيقافها سواه... وحده بيده مفتاح الحل مثلما كان بيده مفتاح الحرب .. وهو الذي بدأ القتال والتوسع والإحتلال .. عليه أن ينسحب من المناطق التي احتلها ويسلم السلاح للدولة ليبدأ السلام .. سيقول الحوثيون...أين الدولة التي نسلمها السلاح .. ؟ وفي سرهم سيقولون : لقد دمرناها وتخلصنا منها .. ! وهل هناك جريمة في حق اليمن واليمنيين أكبر من ذلك ..؟
كم نتمنى أن يكون الحوثيون جادين في إيقاف الحرب راغبين في إحلال السلام بحق..
 
لكنهم أثبتوا أنهم مجرد آلة حرب وقتال وخراب..
 
*وزير الاعلام السابق
الحجر الصحفي في زمن الحوثي