لحد كذا و يكفي!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاربعاء ، ١٣ مايو ٢٠١٥ الساعة ١١:١٤ صباحاً
الحرب ليست التدمير و القتل فقط و انما الخوف الجماعي, يكون محصلتها تمزق المجتمع إلى مناطق و مذاهب و طوائف و ذئاب متقاتلة ممتلئة بالكراهية لبعضها و روح الانتقام. ففي بداية الربيع العربي كان هناك إمام جامع يظل يشحن في الناس من اجل بلده و الدفاع عنها في كل مقام و خطبة, يريد يجاهد لكن دون أن يترك أهله أو مدينته أو الراحة و الامان, الذي يعيش فيها, لدرجة أن الكثير كان يصيبهم الملل و السآمة من ذلك و لعدة اسباب ,أولا انفصال الخطاب عن توصيف الواقع, و انعدم المثالية و الالية التنفيذية, و ثالثا ابتعاد ارض المعركة اي ان الجميع يبعد عن ارض الحدث أكثر من ٤٠٠٠ كيلو متر. يعني شحن و تضيع وقت من دون فائدة, او باليمني ما أسهل الحرب عند المتفرجين.
 
كان هناك شخص يخرج من الصلاة و يجد الشباب و الأخوة و هم من كثرة الشحن من الخطبة متأثرين و يناقشون, كيف فعلت المقاومة و كيف فعل الجيش المرتزق لكنهم ينسون ان الحرب هي إحتدام الكراهية و التحريض من الكل ضد الكل. كانوا يحاولون إقناعه أن الانتصار في الحرب لن يطول شهرين او ثلاثة, برغم إن معلومات الجميع من الفيس بوك, و الذي هو ٨٠ % كلام افتراضي غير صحيح. و كلما كان يحاول هذا الشخص يوضح لهم الواقع و المعوقات, كانوا يشكون إنه يدافع عن النظام الفاسد برغم انه لا يعرف بلدهم و لم يزورها اصلا, و كانوا يؤكدون له أن بلدهم فيها رجال مستعدون لتقديم دمائها و كل شيء تملكه, و هو لا يختلف معهم حول هذه النقطة. 
 
نقطة خلافه انه يرفض الشحن و خطاب الكراهية و التحريض و الحرب من حيث المبدأ. حاول هذا الشخص يفهم الشباب أن الحروب تفرض على من يشارك بها لكن لا يوجد إنسان عاقل يذهب إليها و هو عنده مكان امن و اهله جنبه فرفضوا كلامه, مما جعله يدخل معهم رهان, و الذي طرحه لهم كما يلي" انتم هنا مجموعة كبيرة تعيشون بآمان, هل عندكم استعداد للتضحية" قالوا بصوت واحد نعم. قال انحلت المشكلة من دون ان نحتاج نقاش, أنا امسك شواربي و التزم أمامكم أني سوف أوصلكم إلى بلدكم و ادفع لكم من مالي الخاص مصاريف الطريق و السلاح و أتحمل ذلك و انتم تعرفوني لا ارجع في كلامي. و أضاف و أنتم ما شاء الله رجال أصحاء و قادرون على حمل البندقية, فالمال من عندي, و كذا نجعلكم تعجلون بسقوط النظام كما تحلمون. كان على قناعة و إطلاع أن الكلام سهل و الفلسفة سهل و النقاش سهل, أما فهم معاناة الناس فلن يفهمها احد لاسيما و هم على بعد ٣٨٠٠ او ٥٠٠٠ كيلو متر من الحدث.
 
فالناس بسبب الشحن من الداخل و الخارج يقاتلون و يقتلون و غيرهم ينظر و يرسل رسالة او مواساة و كأنه خاض هو المعركة. طبعا الجماعة حاولوا يخرجون من الموقف من أمامه, و قالوا اتفقنا و لكن عندما يبدأ الجهاد المسلح. فقال لهم الشخص و أنا معكم منتظر, و بعدها بكم أسبوع بدأ الجهاد و النفير و الأمور صارت جد مزعجة و ناس تقتل بشكل جنوني. التقى بهم و قال لهم أن وقتكم قد جاء و لا زلت ممسكاً بشواربي و سوف أوصلكم إلى داخل بلدكم. من يومها بطلوا الشباب يناقشون أمور بلدهم أمامه و حتى صاروا مشغولين في امورهم و يتجنبوا الحديث معه, و الحمد لله فهموا الدرس و هم بخير يعيشون في آمان و على اغلب الظن لأزلوا يمارسون المقاومة في العالم الافتراضي و احتمال و هم يشربون القهوة و لكن ليس بنفس وتيرة الأيام الاولى.
 
كذلك الحال معنا فالمتعلمين منا اهل اليمن الذين نسكن الآلاف الأميال بعيد عن اليمن يجب أن نخجل من شحن جبهات القتال و تأجيج الصراع و التباكي و الشيطنة. فالحرب سوف تحول المجتمع إلى غابة توقف حياة الناس و تجعلهم يعيشون معركة يومية امام لقمة العيش و الازمات، التي لن تنتهي للبحث عن البترول و الديزل و الدقيق و الدواء و الغاز و الكهرباء. فمن غابت الرحمة و الإحساس بمعاناة أهله و ناسه في اليمن بمفهومها الشامل و يريد أن يتخندق في جبهة معينة فليذهب إليها بدل من الحرب في الفيس بوك و هو يحتسي القهوة، و أنا على ثقة أنكم قادرين على تحمل تكاليف السفر.
 
فمن يموت في صنعاء هم أهلنا و من يموت في تعز و في عدن و صعدة و مأرب هم أهلنا ايضا. ومن تضرب بيوتهم في عدن و تعز و صعدة و صنعاء هم أهلنا, و من نزح من صنعاء أو تعز أو عدن أو غيرها هم أهلنا. و حتى الحصار الظالم لا يستثني احد من أهلنا. و العالقون في الخارج من صنعاء و تعز و عدن و عمران و غيرها هم أهلنا ايضا. و من لم يستطيع ان يترك مناطق الغارات و القصف بسبب قلة المال او عدم وجود مسكن او اهل له في غير ذاك المكان هم اهلنا ايضا. و من تركوا المدارس و الجامعات منذ ٥٠ يوماً هم ابنائنا. و مختصر الامر الجميع جرب كل مافي حوزته و لم يبقى الا ان نموت مثل الاغبياء على اوهام لن تتحقق, لذا الهدنة هي المخرج للجميع فادفعوا في اتجاه انجاحها, و يكفي لحد كذا, و حفظ الله لنا اليمن و اهلها!!!!!
الحجر الصحفي في زمن الحوثي