21 فبراير لنتجاوز معضلة رحيل صالح

كتب
الأحد ، ٠٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠١:٥٢ صباحاً
فتحي أبو النصر [email protected] من الحماقة والاعتباط تجريم المشترك ، بينما علي عبد الله صالح لم يكن يلوّح إلا بإبداء الشر أكثر.. والمشترك كتحالف سياسي من نوع خاص له قاعدته المتينة في عموم اليمن ، كما له مستوى كبير من الثقة بين المواطنين.على أنه يمثل قوة هامة ضد التعبيرات المذهبية أو المناطقية، ولذلك نال مركز الثقل شعبياً ودولياً في تحمل مسؤولية المرحلة القادمة وبما يحقق أهداف الثورة والمشروع الوطني . لذلك تتجه اليمن إلى مرحلة سياسية جديدة ، كما يبدو ملموساً بصورة واضحة الآن : استعادة ثقة اليمنيين بتضحياتهم . ثم إن الحوافز التي تشجعهم على ذلك عديدة أهمها تجنبهم الحرب بما هي شهوة علي عبد الله صالح التي يتقنها جيداً. كان علي عبد الله صالح قد عمل بدأب على جرف الثورة السلمية باتجاه الحرب، لكنه عجز كثيراً عن تحقيق هذا المآل الخبيث نظراً لوجود السياسة .. السياسة التي لم تضمحل بعد في اليمن كما كنا نتوقع ولو أنها هشة وغير متينة ، بل لعل الخطر الحقيقي الذي كان سيذهب بأحلام اليمنيين تماماً، كان سيتمثل في اضمحلال السياسة هنا لصالح مشاريع صغيرة تبحث لأوهامها عن مستقر ، أو لصالح الحرب الشاملة بين الثوار ومناصريهم وزبانية نظام علي عبد الله صالح، خصوصاً ونحن في كنف الثورة وتعقيداتها كان يجب أن نستمر في البحث عن حل موضوعي يجنب البلد الانزلاق نحو الكارثة التي قد لا ينجو منها سوى علي عبد الله صالح فقط . والشاهد أيضاً أن اليمن كانت تأمل في أن يكون مستقبلها هو اليمن ، فيما كانت بأمس الحاجة إلى ممر أكثر أماناً في الوقت الحالي تمثل في المبادرة بحيث كان يجب صيانة أعمال الثورة حتى لا تتداخل مع أعمال الإرهاب أو الحرب ، كما كنا لا نعرف نهاية واضحة للثورة بعد مضي شهور عجاف استدعت قلقاً دولياً جدياً ولو متأخراً بفعل تمادي شر علي عبد الله صالح ، وليس انتهاءً بدخول الدولة ذروة الضعف حتى صارت على مسافة قريبة جداً من مرحلة التفكك، وبالتالي صرنا جميعاً كيمنيين بانتظار مستقبل لا يتوقعه أحد. بالطبع هناك لعنة يمنية عميقة اسمها التخلف، والمعروف أن عنف اليمنيين يأتي من مخرجات هذه اللعنة المترسخة، لذلك بدت الثورة السلمية كحالة رومانسية فارقة لا يمكنها الاستمرار طويلاً بلا عنف ، فلقد تجلى هذا العنف سريعاً في صدام جيش علي عبد الله صالح بالجيش المنظم للثورة وسلاح القبائل ، ليتسع ببروز سلاح القاعديين والحوثيين إلى السطح كخطر أكبر على سلمية الثورة ومستقبل البلد برمته. وبالمقابل كان على حكمة اليمنيين أن تتعرض لأسوأ امتحان بالحصانة لعلي عبد الله صالح، وهو الذي لم يكن يصدق أنه قد غادر وضعه المريح نهائياً بعد توقيعه على المبادرة ، كما لم يتوقع لحظة أنه سيغادر عقيدته العائلية إلى الأبد. على ان اليمن ليست الساحات فقط .. ولذلك تحول الطابع العام نحو مزاج تحقيق الأولويات أملاً في تجاوز المرحلة الأكثر وطأة وصعوبة بفعل احتقانات الثورة على كافة الصُعُد في حياة اليمنيين والعقاب الجماعي الذي نفذه علي عبد الله صالح عليهم ، فيما تدريجياً صار هذا المزاج الطاغي يأمل بمخرج أول وحيوي للطوارئ جاءه على هيئة تاريخ 21 فبراير القادم موعد تصعيد رئيس جديد. وبالتأكيد هناك قوى ترفض كل ما جرى ، وهي قوى للاعتراضات الأكثر رواجاً ودعائية ولا موضوعية ولغطاً، كما أن تحالفاتها اليوم تمثل انعكاسات دقيقة لصور الثأر السياسي لا أقل ولا أكثر، حتى ليبدو الصراع القادم بسببها متمركزاً حسب شعورنا بين أنصار الدولة الوطنية، وهم الغالبية العظمى، وأنصار المشروع الطائفي الضئيل الأشد غطرسة وحمقاً.. لكنها الاعتراضات التي لا تجدي الآن لأنها لا تجلب أي تقدم فعلي منتظر لأحوال العباد والبلاد، خصوصاً وأن التصورات الثورية أو السياسية لتلك القوى لا تقود إلى الحسم السلس البسيط الذي تتوقعه، وقد ضجتنا به مراراً ، لتبدو وكأنها لا تريد لليمنيين أن يكونوا محكومين بالسياسة وإنما بقوة السلاح فقط . المهم الآن أن نعزز الأمل بالغد متجاوزين معضلة رحيل علي عبد الله صالح في 21 فبراير القادم، ما يتطلب من جميع الوطنيين اليمنيين الانحياز إلى تلك اللحظة لأنها آخر فرصة فما دونها الحرب أو الانفصالات التي لا تمت بصلة لروح الثورة ، كما يجب أن لا نجعلها لحظة ضائعة، ثم ندخل في حالة الندم الوطني الذي لن يجبر أبداً كما قد يتصور البعض من المزايدين للأسف.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي