ياسر العواضي والجنة !!

كتب
السبت ، ٠٥ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٨:١٨ مساءً
علي الفقيه تجسد الأفلام والروايات العالمية إلى أي مدى يكون الانسان متشبثاً بأمل الحياة وهو في أقرب اللحظات الى الموت، وتبذل الشخصية المستهدفة – عادة يكون بطل الفيلم- ما لا يخطر ببال أحد من الحيل لينجو من الهلاك. وحتى يكون أكثر قوة وتماسكا فان ذاكرته تستحضر بأسرع ما يمكن صور أقرب الناس الى قلبه وأجمل اللحظات التي عاشها مع من يحبهم. رواية ياسر العواضي للحظات عاشها أثناء تفجير جامع الرئاسة كانت مختلفة وبدلا من ان يخطر ببال الرجل كيف ينجو من الموت سارع للسجود لكي يموت وهو ساجد يقول ياسر واصفاً ما دار في ذهنه عقب سماعه الانفجار ويستطرد «.... لكن سعادتي كانت تلك اللحظة من أني سوف أموت وأنا أصلي لله، وعندها كنت مؤمناً بأن ساعة الموت قد حانت فأسرعت للسجود لكي أموت وأنا ساجد، ولحظتها لم يكن في مخيلتي سوى صور تتزاحم للجنة ومروجها الخضراء والأبتسامة ولوالدتي وأخواني وإبني رامي وبقية أولادي الصغار، وكانت تمر تلك الصور بسرعة، ولكني كنت متأكداً بأن الإبتسامة لم تفارق محياي في تلك اللحظات.....». يمكن المجازفة بأن ياسر العواضي يختلف عن الصورة النمطية للأبطال الذين تقدمهم الروايات والافلام العالمية خاصة وان هؤلاء الأبطال في العادة لا يحملون من الإيمان ما يحمله ياسر حين خر ساجدا كي يلقى الله وهو على تلك الحالة. على افتراض دقة وصفه لتلك اللحظة وان ذاكرته الحديدية كانت اقوى من هول الموقف وظل وعيه حاضراً ليسجل المشهد دون ان يفوته حتى السؤال عن صحة «فخامة الرئيس»، على افتراض صحة ذلك يمكن لأي متابع بسيط ان يتساءل ما الذي جعل ياسر يتخيل الجنة وسط جحيم الانفجار والشظايا والنيران الرهيبة التي تشبه الى حد كبير وصف جهنم الحمراء الذي ورد في الكتب السماوية. هل كان ياسر حينها وهو يساند عائلة نهبت ودمرت مقدرات البلد يغمره الرضا عن عمله ويشعر يقينا ان كل ما يقوم به لا يبتغي به سوى مرضاة ربه؟!. هل تراءت الجنة لياسر لأنه كان حينها يشعر ان القتلة والمسلحين الذين جلبهم ليترصدوا شباب الثورة السلمية كانوا مرابطين في سبيل الله وان له مثل أجرهم جميعاً .. كيف له أن يتحدث عن مشاهد الجنة ومسلحوه الأشاوس ساهموا وبفاعلية عالية في مجازر غاية في البشاعة بحق شباب خرجوا في تظاهرات سلمية لا يحملون سوى حبهم لليمن ورغبة في تخليص البلد من عصابة حرمتهم حتى الشعور بانسانيتهم. سيد ياسر كيف غاب عن ذهنك في تلك اللحظة ان مجاميع المسلحين الذين استقدمتهم الى العاصمة مدفوعين بنزعة الفيد وحماس زوامل الموت والدمار التي تكتبها بيدك كانوا يترصدون المسيرات السلمية في عصر والزبيري وجولة كنتاكي وتلطخت أياديهم بدماء أطهر شباب اليمن الذين كانوا يرددون أغاني الحب والسلام. معسكرات قبائل قيفه وآل عواض التي كنت انت المدبر والموجه لها لا تزال آثارها قائمة في عطان ومعسكر الحرس بالزبيري ومؤسسة الطرق والجسور، كما أن إعاقات جرحى الثورة ومقابر الشهداء الأبرار لا تزال تشهد على فاعلية ومهارة قناصتك الذين «بيضوا وجهك أمام الفندم» في مجزرة عصر وشارع بغداد وكنتاكي وغيرها وستظل ترويها للأجيال القادمة. يتمتع المسؤولون عن جرائم قتل شباب الثورة بحصانة تمكنهم من مواصلة العمل السياسي واطلاق التصريحات الصحفية، ويتمكنون من تغطية الحقائق عبر علاقاتهم بالصحفيين ورحابة صدورهم ومقايلهم في علاقاتهم الشخصية حتى مع من يختلف معهم، لكن الغريب ان يتمادى هؤلاء لدرجة الشعور بأنه يمكن أيضا تضليل عدالة السماء التي لا تقيم وزناً لكل المعايير الأرضية، ولا تأبه بكون احد المسؤولين عن دمار الوطن وقتل أبنائه يحظى بعلاقات طيبة مع صحفيين وسياسيين، ولا ينجو المرء من الحساب لأن لديه من الحنكة والوجاهة ما جعله يتقدم في العمل السياسي ويصبح قريباً من صانع القرار رغم حداثة سنه وضآلة رصيده الوطني. لا يسع المرء الا ان يتعاطف مع كل ضحايا حادث الرئاسة ويدين هذا العمل اياً كان مصدره، لكن ليس من المنطق ان يبدي الشيخ ياسر وأمثاله من شركاء العائلة في نهب البلاد وتدمير مقدراتها - حتى ولو كانوا بدرجة «اولاد الشغالة»- أن يبدي كل هذا التعاطف مع «الرئيس المغدور» والمسؤولين الذين أصيبوا في تفجير جامع الرئاسة بينما شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في قتل الشباب المطالبين بالتغيير وأغرقوا البلد في هذه الدوامة لا لشيء الا ليكملوا مسلسل التوريث وما يقتضيه من التصرف بحاضر اليمن ومستقبلها مقابل بناء فلل فارهة وجمع المليارات بينما يتجرع الملايين من أبناء الوطن الفقر والمهانة ويعيشون في بلدهم غرباء. عزيزي ياسر تبرر عادة وقوفك مع عائلة صالح بسوء الطرف الآخر سواءا كان هذا الطرف الكتلة القبلية التي يتزعمها اولاد الأحمر، او تكتل المشترك التي يتقدمها الإصلاح .. لكننا وبعد أن وصل بك الأمر الى الإسهام في قتل شباب الثورة لا تعنينا خصوماتك مع عيال الشيخ ولا كراهيتك للإصلاح لنظل نساندك في تقديم نفسك كحمامة سلام أو الشيخ الحداثي، أو بأنك تقود عملية إصلاح من داخل النظام. نكره نحن ايضا ممارسات سيئة يقترفها آل الأحمر ونختلف مع المشترك ومع الإصلاح لكن ذلك لا يبرر لأي منا ان يضع يده في يد القتلة. لو أن الشيخ صغير عزيز كان حاضرا أثناء حادثة جامع الرئاسة وتحدث عن رؤيته للجنة لبدا الأمر الى حد ما قابلاً للتداول لأن المسلحين الذي حشدهم كانوا يقاتلون مسلحي الأحمر في الحصبة ولم يصل نشاطهم لقتل شباب عزل. ولو أن خيالات مثل هذه خطرت ببال الشيخ محمد بن ناجي الشايف – فيما لو انه يومها التحق بالفندم للصلاة في مسجده - لقلنا انها هلوسات ظريفة لأنه على الأقل ظل يبيض وجهه عند الفندم بتصريحات صحفيه أسرف فيها في الشتم لكنه ولأسباب تتعلق بموقف ابيه الأقرب للحياد لم يتورط في حشد مسلحين لاصطياد شباب التغيير. لكن ان يتحدث زعماء مليشيات مسلحة مارست القتل بكثافة عن خواطر لها علاقة بالجنة فتلك تهويمات شياطين يجيدون أداء مهمتهم في تزيين سوء الأعمال لأصحابها حتى لا يتركوا لهم فرصة لمراجعة أدائهم والتكفير عن جرائم بلغوا ذروتها بالمشاركة في إراقة الدماء وإن غطوا أفعالهم بتسمية «الدفاع عن الشرعية الدستورية». الجنة بيد خالقها يمنحها لمن يشاء لكن ما نؤمن به ان الله حكم عدل ينصف الضحية من الجلاد، والفهلوة التي يمكن بها مغالطة الخلق لا تمنح صاحبها الفرصة ذاتها للتحايل على الخالق يوم تعرض عليكم الدماء التي سفكها «غرامتكم». كلمة قاسية كان علينا ان نقولها لكم حتى لا تغالطوا التاريخ وتقدموا أنفسكم كضحايا رأوا الجنة رأي العين ونالوا الشهادة مع وقف التنفيذ. [email protected]
الحجر الصحفي في زمن الحوثي