على أعتاب الكارثة

عزوز السامعي
الجمعة ، ١٩ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٠ صباحاً
ليس هناك ما هو أهم لدينا من أن نمتلك وطناً يؤمن لنا المحروقات والرغيف، مشاريع الموت تضخ ابتهاجهاً بقدرتها على خنق الوطن وإدخاله في دوامة لا تنتهي من الأزمات، لدى انصار الدولة أحلام لا يدركها عرابو هذه المشاريع، ليس ذلك ما ينعش المأساة ويمنحها طابع سذاجة لا منتهية، بل تكمن الكارثة في التصور الخطير الذي يضع هؤلاء كمناضلين وحاملي مشاريع بناء ونماء. 
 
ثمة محاولات تجري الآن لنسف ما علق في الذهنية الجمعية من تراكمات تلخص جملة المساوئ اليومية لجماعات الموت؛ وإعادة تدويرها لتصبح في مستوى واحد مع نماذج النضالات التي شهدها الوطن على امتداد تاريخه السياسي. 
 
خلال انتفاضة 2011م وما تلاها من أحداث لوحظ وجود اختلال كبير في التصور الذهني لمنظومة القيم والثوابت الوطنية، ولعل هذا هو ما يفسر حالة الغموض وعدم الوضوح في التوصيفات السياسية لتحركات المشاريع المضادة لمشروع بناء الدولة؛ وأنتجنا - ضمن متوالية الأخطاء - جملة من المفاهيم والعناوين البراقة لهذه التحركات الخادشة للثوابت متذرعين تارة بالعجز عن مواجهتها وأخرى بالرغبة في إنتاج لون جديد من الصراع يقوم على قواعد الديمقراطية والتنافس السلمي. 
 
ليس ثمة إنتاجات جميلة لهذه السياسة، ولا يبدو أن ذلك قد يحصل على المدى المنظور؛ ذلك أن منظومة القيم والثوابت لم تنشأ وفقا لحالة مزاجية كما أنها لم تكن يوما العائق أمام نجاح أي تحول ومن ثم فإن تقديمها ككبش فداء لم يفعل شيئاً عدا تعزيز الحقيقة التاريخية التي تضعنا مجرد ماكينات آلية لإنتاج الأخطاء القاتلة. 
 
يقف الوطن اليوم على أعتاب كارثة كبرى؛ تتمثل في نشوء كيانات مسلحة تحمل فكرة القتل والصدام، امتداداً لحالة تاريخية قائمة على الصيغ الطبقية والسلالية، وهي تتحرك بناءً على غايات وأطماع سياسية وتحمل النقيض الجوهري لفكرة الجمهورية كثابت وطني مقدس، ولقد وجدت هذه الكيانات في التحول السياسي الذي شهده الوطن قبل ثلاثة أعوام فرصتها للعودة إلى الواجهة مثقلة بحمل تاريخي هو مزيج من الأطماع والأحقاد والانتقام. 
 
إن الوطن بكل قواه ومكوناته وثوابته وهويته الثقافية يدخل ضمن خارطة الاستهداف والانتقام القادم من كهوف ما قبل التاريخ، وإن المحاولات الرامية لتجزأة الخطر أو فرزه على أسس سياسية وايدلوجية هو ما سيمنح هذا الخطر المساحات اللازمة للتحرك وإنجاز غاياته بأقل كلفة وأكبر قدر ممكن من النجاح.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي