ثورة السيِّد لإسقاط ثورة الشعب

تيسير السامعي
الثلاثاء ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٣:٢٣ مساءً
كلما قلنا سنطوي صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة عنوانها يمن جديد قائم على الحرية والعدالة والمساواة والتعايش.. جاء من يريد أن يعيدنا إلى الوراء خمس صفحات. 
 
الثورة الشعبية السلمية التي فجّرها اليمنيون في 2011من خلال نزولهم السلمي إلى ميادين الحرية وساحات التغيير لم تكن ثورة أشخاص ولا أحزاب ولا جماعات، إنما كانت ثورة شعب وكان لها هدف واحد واضح وضوح الشمس هو إقامة دولة مدينة ديمقراطية حديثة عنوانها العدل والمساواة والتعايش, السيادية فيها للنظام والقانون. 
 
ولقد تمخّض عن هذه الثورة التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي بموجبها تم انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني الذى خرج بوثيقة تاريخية فيها علاج لكل المشاكل التي يعانى منها اليمن.. لكن للأسف ظهر اليوم من يريد أن يغيّر مسار هذه الثورة ويعيقها عن تحقيق أهدافها ويحولها من ثورة شعبية إلى ثورة طائفية سلالية، ومن ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة، ومن ثورة شعب إلى ثورة سيد, تحت شعارات ولافتات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.. 
 
يزعمون أنهم خرجوا من أجل الشعب لكنهم لم يحترموا إرادة الشعب، يزعمون أنهم خرجوا من أجل العدل والمساواة وهم يدعون إلى نظرية الاصطفاء ويقسمون الناس إلى عبيد وسادة, يزعمون أنهم خرجوا ضد الفساد وهم من يمارس الفساد ويتحالف مع زعيم الفساد, يزعمون أنهم خرجوا للمطالبة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وهم أكبر عائق أمام تنفيذ هذه المخرجات من خلال إصرارهم على عدم تسليم أسلحتهم للدولة وعدم السماح لها ببسط نفودها. 
 
إن هؤلاء يريدون أن يعيدونا إلى دولة الفرد العائلية من جديد إلى دولة الاستبداد، دولة لا صوت يعلو على صوت السيد، لقد أعطتهم الثورة خدمة تاريخية استطاعوا من خلالها التحول من جماعة مطاردة في الكهوف والأدغال إلى جماعة شعبية منتشرة بين الناس، لكن للأسف لم يكونوا كرماء مع هذه الثورة أبوا إلا أن يحولوا مسارها من أجل تحقيق رغبات ونزوات السيد الطامح باستعادة الحق الإلهي المزعوم. 
 
 لقد تعاملت معهم قيادة الدولة والمكونات السياسية بحكمة وتعقل على اعتبارهم مكوناً من مكونات هذا الشعب وجزءاً لا يتجزأ من النسيج المجتمعي، وقامت بتشكيل لجنة رئاسية ذهبت إلى صعدة للقاء سيدهم وعادت اللجنة وقدمت مبادرة رئاسية أهم بنودها إقالة حكومة الوفاق وتشكيل حكومة وحدة وطنية قائمة على الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية، لكن هذه المبادرة التي حققت الجزء الكبير من مطالبهم لم يتعاملوا معها بإيجابية ورفضوها وأصرّوا على تعنتهم واستمرارهم لمحاصرة العاصمة تحت لافتات الثورة التي يزعمون أنها ثورة شعب وهي في الحقيقة ثورة السيّد التي تهدف إلى إسقاط ثورة الشعب
الحجر الصحفي في زمن الحوثي