تلاعب النخب و جهالة الإذلال !!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الأحد ، ١٣ يوليو ٢٠١٤ الساعة ١٢:٥٦ صباحاً
في اليمن بوجه خاص نحن لا زلنا في طور الدولة البسيطة، و التي لم تعد قادرة على مواجهة استحقاقات العصر و لم تتخلص حتى من المشاريع الضيقة و الاسرية، و التي تتقمص غالباً اما ثوب الاصالة و العراقة او ثوب الدين و الفضيلة. لذلك يصبح الحديث عن مستقبل مشرق عبئا و ثوباً غير مناسب لنا، على الاقل مع وجود القبيلة و شيوخها و الطائفية و دعاتها و الفرق الدينية و مريديها . 
 
و الحل لن يكون إلا بدولة مدنية حديثة تؤدي إلى انصهار كل الشعب بفئاته و مكوناته و قبائله و تقسيماته الجغرافية و الإدارية في كيان يعبر عن تطلعته و يستوعب حاجاته و يكرس مصالحه جميعا من اقصى اليمن الى اقصاها. فعندما يشعر كل اليمنيين بكينونتهم فيه و انتمائهم إليه و يجدون فيه عزتهم و كرامتهم و حريتهم و ازدهارهم و تطلعاتهم نحو مستقبل أكثر أمنا و استقرارا، سوف تختفي المشاريع الطائفية الضيقة و الفوضى سوى في صعدة او عمران او ابين او شبوة . 
 
أما بقاء اليمن في وضع اللادولة "طور الدولة البسيطة" كما هو عليه الحال اليوم، و عدم وضوح الرؤيه، فإنه لن يحقق إلا المزيد من الفوضى و الخراب، و قبل ذلك مزيد من التوتر و النزاعات و الجرائم، و التي لن يستفيد منه إلا أولئك الذي اعتاشوا على غياب الدولة.
 
فاليمن الى اليوم لازال عليل ببعض ابنائه و على اتساعه يضيق بشبابه و رجاله، وعلى غناه فقير بسؤ ادارته، و على وحدة نسيجه لا يتعايش مع بعضه، كل ذلك يرجع في الدرجة الاولى الى المشكلة التنموية و الاقتصادية، و التي لم تحقق اليمن فيها اى تقدماً ملموساً طبقاً للمناهج الرأسمالية او الاشتراكية او حتى الاسلامية بمقاييس هذه المناهج ذاتها، و ليس بسبب المذاهب الدينية او الصراعات الطائفية، كما يبدو من السطح. 
 
لكن هذا لن يستمر و ستنتصر الحكمة اليمنية في نهاية المطاف برغم ان بعض الأحزاب السياسية و الجماعات المختلفة لا زالت الى اليوم تنفخ في الازمات غير آبهة بمستقبل الاجيال، تنفخ في أبواق الخلافات و الصراعات سواءً في عمران و همدان و صعدة و غيرها، و تعزف في نشاز على أوتار الحساسيات الطائفية، و الحل كما سبق و إن أوردنا هو المصحات نتعالج بها اولاً، حتى نعيد التفكير اولاً ان مشاكلنا ليست طائفية او دينية، و ثانياً حتى ندرك ان السلطة ليست غنيمة و ليست حقاً شرعياً لفئة معينة او استحقاق او فتونة.
 
فالشعب اليمني لايحتاج وسيط او وصي عليه فقد خرج و قرر ان يجد مكان لابنائه بين الشعوب و خطها واضحة ان تكون دولة مدنية للجميع. فهو يدرك انه من دون الدولة المدنية المبنية على الأسس العلمية كالمساوة و العدالة و الحرية المصانة التى تراعي خصائص المجتمع و وجود رأس المال المتدفق اى التنمية المستدامة سوف تحدث الفاجعة، و هو ظهور قوة أخرى تعمل على تغذية الصراعات و افتعال الازمات للسيطرة على مفاصل و مقدرات الدولة، و التى تعدنا مرة اخرى الى حيث بدأنا، و التي لن يرضى بها الشعب اليمني و لن يكن حطبها في المحصلة.
 
رسالتي الى الجميع انهم يجب ان يدرك ان الانسان اليمني بسيط في سلوكياته بعيد عن التعقيدات، يستطيع بسرعة ان ينسى خلافاته مع إخوانه، و بالذات في هذا الشهر، كل منهم يستشعر ما يستشعره الآخرون. 
و المطلوب من الجميع ليس اعتبار رمضان استراحة محارب او مرحلة نقاهة و انما القيام على الوجه المطلوب بمراجعة نفسها. رسالتي في هذا الوقت انه يجب ان يدرك الجميع بأن اليمن ان "طحست فسوف تطحس" على الجميع، مما يجعل ابنائنا و بناتنا جميعاَ تحت قسوة الاحتمالات، مهانين للحاجة، عبيد عند الجيران. فاذا خرجنا من هذا الشهر الكريم سالمين نحن و قادة أحزابنا و أتباع جماعتنا المتصارعة فإننا سوف ندرك، ان اليوم لا نحتمل الا تهدئة النفوس حتى تمخر سفينة الوطن بأمان في بحر لم ندرك محيطه بعد، بعيدا عن تلاعب النخب و جهالة الإذلال و التفكير في مغارة علي بابا.!!!!!
 
 
*رئيس قسم علم الحاسوب في جامعة مجدبورج في المانيا
الحجر الصحفي في زمن الحوثي