حكومة الاختناق !!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ٠٩ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٣:١٣ مساءً
نحن ندرك ان مسألة الفقر لا تخضع للبعد الطبيعي او الجعرافي او الديني و الا لما استطاعت ان تنجح دول صغيرة المساحة مثل سويسرا و اليابان و سنغافورة في ان تكون من أغنى دول العالم و هما بلا موارد طبيعية تقريبا بينما تفشل دولة مثل اليمن برغم الامكانيات في إنقاذ شعبها من مهانة الفقر و الحاجة و الرحيل الدامي من سلطة الى اخرى. 
 
ففشل اليمن في العقود الاخيرة يرجع بالأساس الى ضعف مؤسساتها السياسية و شفافيتها و فشلها بالقيام بالوظائف المناطة بها حسب اهداف واضحة بعيدة عن شخصنة و خصخصة آلياتها التنفيذية و من ثم فإن المشكلة لم تكن أبداً مسألة موارد أو مناخ أو ثقافة، و إن كان لهذه العوامل قليل من التأثير بالفعل و لكن عامل القيادة أو الإدارة أكثر أهمية و أشد أثراً و اهم عامل في التغيير. 
 
لو أننا أخذنا اليمن إبان حكم صالح كحالة عملية لاختبار هذه المقاربة لوجدنا أن كافة مؤسسات الدولة كانت تتسم بالضعف والفساد مما أدى إلى فشلها في القيام بالمسئوليات المعهودة إليها، و هو ما مكن صالح و أسرته و نظامه من تحويل اليمن إلى ما يشبه القبيلة و هو ما يعني بالضرورة فشل منظومة الدولة البسيطة وغلبة روح العشوائية و الانتهازية و اللامبالاة في كافة أرجاء الدولة وقتها، و التى لا زالت الى يومنا هذا ثقافة سائدة . 
 
بالفعل فإن من يمعن النظر في أحوال كل السلطات السياسية أيام النظام السابق يلاحظ بشكل أساسي سلطة تنفيذية ضعيفة و مهترية يقودها عادة رئيس حكومة ضعيف لا يتمتع بأي ثقل سياسي و لم يكن يقوى حتى على تغيير وزير فاسد او حتى النظر في وجه قبيلة خارجة عن النظام او محاسبة مشائخ صادرو حقوق غيرهم بصفة عامة. 
 
أما الوزراء فيها فلم يكن لهم أي حضور ملموس و كلنا يتذكر العبارات الشهيرة التي كانوا يبدأون بها أي خطاب لهم ” بناءً على توجيهات السيد الرئيس ابن اليمن البار واحيانا فارس العرب او قائد التنمية و اليمن الحديث” ، و التي لم تختفي حتى من خطابات اللقاأت الاكاديمية و المؤتمرات الجامعية. 
 
أما مجلس النواب فقد كان أيضاَ في غاية الضعف و لم يمارس دوره الرقابي على الحكومة بحكم الاغلبية بشكل حقيقي، و كلنا يتذكر كيف كان الباقون يعتصمون امام مجلس النواب بسبب قلع العداد، او منع الموتورات، او استعطاف الرئيس. 
 
كان الانسان وقتها لا يدرك من في المعارضة و من في الحزب الحاكم، حتى انني الى الان لم افهم كيف قيادات المعارضة تنتخب صالح ممثل لها برغم وجود مرشح معها. 
 
حتى منافسة الرئيس من قبل قحطان وقتها، صوت قحطان كما ورد في دائرته للرئيس فلم يجدو صوت له في دائرة سكنه. فكان ماكان من تمرير القرارات التي كان يمليها الرئيس صالح و نظامه. وانتهى الحال بأعضاء مجلس النواب إلى احتراف استغلال النفوذ و الحصانة التي يتمتعون بها للتربح الشخصي وانشاء صفقات او البحث عن وظائف عليا و منح لا ابنائهم. 
 
والمهازل التي اشتهر بها مجلس النواب و الحكومة تملأ مجلدات اكثر من أمهات الكتب، و اليوم ارادو ان يغيرو تلك الصورة من ذاكرتي. أما القضاء و الشرطة و بالذات النيابة العامة و مكافحة الفساد و الجهاز المركزي و كافة الاجهزة الرقابية فقد تم اختراقها و تطويعها من قبل مفاصل النظام السابق بشكل يدعو للأسى و في جملة واحدة فلو ان مؤسسة القضاء او مكافحة الفساد التي يحلو للبعض تسميتها بمؤسسة الرقابة والقانون تتمتع حقيقة بالاستقلالية و النزاهة لما رأينا الفساد يتمدد افقيا و عموديا في جميع انحاء اليمن كسرطان بشكل تجاوز كل حدود الحياء و الحذر على مدى 33 عاما، حتى دخل الى الاسرة الصغيرة و المدرسة فصار سلوكاً و منهجاً. ففي العقود الاخيرة تعلمنا و ادركنا برغم وجود مؤسسة الرقابة و القانون انه لا يمكن تمرير صفقة فساد أياً كانت نوعها إلا باشتراك كافة الأطراف التنفيذية و الرقابية و المالية و التشريعية في مؤسسات الدولة بدون مغالااة, و بهذا تتوزع المسئوليات بين الأطراف و يضيع الحق العام و الخاص و لا تجدي بعدها الهئية العليا للفساد و لا الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة و لا حتى المظاهرات كمحصلة ضد انفسنا الأمارة بالسوء. 
 
لذا فكلمة فساد استوطنت في كل مفصل في وضع الا دولة و صارت في القياس مفهوم عام معمم إداريا و مشرع قانونيً ومحمي قضائياً ومنتشر ثقافياَ من دون ان نشعر. 
 
كنت اتمنى ان يحاسب وزير بدخول السجن لساعة او حتى نحاكم ظل وزير بحسب قوانين سكسونيا على فساده، بدلاً من مكافائته عن طريق تعينيه سفير او في مجلس الشورى. 
 
فاذا كانوا هولاء ليسو بفاسدين، من هم الفاسدون اذا اشباحهم مثلاَ !!. و اعرج بمختصر على ما يسمى بالسلطة الرابعة فقد تحولت على يد النظام السابق إلى أداة للنظام لتجميله و خداع الناس بدلاً من تنويرهم و إلقاء الضؤ على الفساد و اوكاره، و ما صفقة الغاز عنا ببعيد. 
 
ولو نظرنا إلى حال اليمن الآن في ظل حكومة الاختناق السياسي و المناغصة و تسالنا هل تغير شيء ؟ هذا سؤال لن أجيب عليه و لكنني فقط أسأل، هل رئيس الحكومة الحالي و وزرائه يختلفون في شيء عن الحكومات السابقة ؟ و هل تمكن القضاء من محاكمة فاسد واحد او مختطف او خارج عن القانون أو حتى إدانة أي من رموز الفساد الكبار او القادة او الشيوخ و الذين يرفضون التغيير مثلاً ؟ هل شعرنا بتغيير؟ 
 
وهل كنا اوفياء لمن استشهد او جرح او اعتقل من اجل غدا افضل؟. و أخيراً ؟ هل نجح الرئيس هادي و حكومة الوفاق في وضع اليمن على بداية طريق التقدم و النمو؟ ، أم اننا مازلنا ننازع الدول الفاشلة ال 26 على المؤخرة !!!!! 
 
*رئيس قسم علم الحاسوب في جامعة مجدبورج في المانيا
الحجر الصحفي في زمن الحوثي