الخميس ، ٠٨ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٣ مساءً
في اليمن الفقر مؤنث، بمعنى أن أكثر فئة فقيرة هي الإناث، ولا أعني هنا فقط الفقر بالمعنى المتعارف عليه، بل إن هناك فقر التعليم والثقافة، فقر المصادر، فقر الفرص، حتى الافتقار الى الراحة النفسية، فالمرأة أشد فقراً من الرجل في اليمن بالرغم من أنها أكثر عطاءً، وهذه هي الحقيقة. 
في كلمته لدى الجلسة الثامنة والستين لدى مجلس الأمن؛ تحدّث رئيس الوزراء الياباني شنزو آبي عن الوضع في سوريا، النظام البحري، الأمن الإنساني، الأسلحة النووية، القطاع الخاص وحتى الألعاب الأولمبية، وتعهّد أنه سيجعل من اليابان قوة عالمية من أجل السلام والاستقرار. 
 
لكن ما أعجبني كثيراً هو استخدامه لمصطلح “ومنومكس” «womenomics» والذي يعني أن الازدهار الاقتصادي مرتبط بتمكين المرأة، وإصراره على أن تمكين المرأة اقتصادياً وإدماجها بقوة في سوق العمل كعضو منتج في المجتمع هو مفتاح النمو الاقتصادي. 
من الطبيعي أن تزدهر البلدان عندما يقودها أشخاص لهم رؤية واضحة لما تحتاجه أوطانهم، وبالرغم من استخدامه هذا المصطلح الجديد؛ إلا أن العلاقة بين الاقتصاد وعمل المرأة ليس أمراً جديداً. 
 
فأنا أذكر محاضرة لخبيرة في النوع الاجتماعي في 2006م عندما عرضت علينا المؤشرات وقالت إن اليمن تخسر باستمرار حوالي 40 % من الدخل القومي بسبب غياب المرأة الواضح عن سوق العمل. 
فالثقافة اليمنية لا تعتبر المرأة مصدراً للدخل؛ بل من التقليدي أن تكون المرأة هي الابنة أو الزوجة والأم التي تعتني بالأطفال وتهتم بأمور المنزل؛ بينما يخرج الرجل إلى العمل، وهذا أمرٌ لا غبار عليه إذا أُخذ بمعزل عن المؤشرات الاقتصادية والصحية وغيرها، فالوضع الاقتصادي الحالي للأسرة اليمنية في حالة صعبة، وارتفاع الأسعار يجعل الأسرة تستغني حتى عن الاحتياجات الرئيسة، وفي نفس الوقت تَفرُّغ المرأة للحمل والولادة المتكرّرين يجعلها مصدراً للأفواه الجائعة الكثيرة التي تشكل عبئاً مادياً ونفسياً على الأسرة؛ بل يستهلكها كإنسان جسدياً وعاطفياً، فمثلاً تدلُّ مؤشرات البنك الدولي لعام 2013 على أن 40 % من النساء اليمنيات الحوامل يُعانين فقر الدم أو الأنيميا، وإذا كانت المرأة لا تعمل، فإما أنها تعتني بشؤون المنزل وخدمة أسرتها أو أنها تعتني بأطفالها وزوجها، بالطبع لا يوجد أي خلاف حول مسؤولية المرأة تجاه أسرتها، ولكن في مجتمعنا الذكوري تجد المرأة نفسها ضحية أسرتها بالذات الذكور منهم، وتضطر إلى المعاناة بصمت، والجميع يعرف الكثير من قصص المعاناة التي كان يمكن لتمكين المرأة اقتصادياً أن ينهيها بثوانٍ معدودة. 
 
لا أنكر أن هناك أيضاً حالات لنساء عاملات يعشن قصصاً حزينة في إطار أسرهن؛ ولكن هؤلاء لديهن فرصة أكبر لعيش حياة سعيدة من تلك اللواتي لا يستطعن الاعتماد على أنفسهن مادياً. 
ولذا نحن بحاجة في اليمن إلى إيجاد بيئة مساندة للمرأة العاملة من خلال سن القوانين التي تسهّل للمرأة العمل من خلال إجراءات عديدة منها أن تكون هناك رياض أطفال حكومية جيدة في مراكز العمل أو التجمعات السكنية، وأن تكون هناك فرص العمل بدوام جزئي أو حتى العمل مقابل أجر من البيت من خلال استخدام التكنولوجيا. 
يقول رئيس وزراء اليابان شنزو آبي: إن وجود البيئة التي تحس المرأة بالراحة فيها للعمل وتزداد فيها فرصها الاقتصادية في المجتمع لم تعد أمراً اختيارياً؛ فقد صار واقعاً ملموساً في اليابان، بل هو أمر طارئ لا يحتمل التأجيل، فإذا كان إدماج المرأة في سوق العمل أمراً طارئاً في اليابان؛ فلا أعرف ماذا يمكن أن نطلق عليه في اليمن..؟!. 
 
في نفس خطابه أمام الجلسة العامة بمجلس الأمن قال رئيس الوزراء: “أريد أن أخلق مجتمعاً تستطيع المرأة أن تسطع فيه” وبهذه الكلمات أصبح رئيس الوزراء الياباني بطلاً في عينيّ وعينيّ كل امرأة سمعت أو قرأت كلمته. 
وبعد هذا كله لدي فقط سؤال واحد للحكومة اليابانية: هل يمكن أن تعيرونا رئيس وزرائكم سنتين فقط لتستطيع المرأة اليمنية أن تسطع وتزدهر وتشع..؟!. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي