القاعدة في اليمن هي الأخطر تحولها الى ارض “جهاد”

جاسم محمد
الثلاثاء ، ٠٦ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٧:١٥ مساءً

 

 
شن الجيش مطلع شهر مايس 2014 هجوما من ثلاث جهات في محافظتي أبين وشبوة ضمن حملة عسكرية واسعة يدعمها سلاح الجو الحربي واللجان الشعبية للسيطرة على مناطق جبلية عدة يتخذ منها القاعدة منطلقاً لشن هجماته.
 
وأفادت مصادر عسكرية، أن قوات الجيش استطاعت دحر القاعدة في مدينة عزان في شبوة. العمليات كانت باشراف مباشر من قبل وزير الدفاع اليمني محمد ناصر أحمد ورئيس جهاز الأمن القومي على حسن الأحمدي.
 
وأكدت ذات المصادر نشوب مواجهات عنيفة في منطقة المعجلة التابعة لمديرية المحفد في أبين. وبدئت وحدات عسكرية قتالية من القوات المسلحة في المنطقتين الثالثة والرابعة تنفيذ عملية واسعة ضد القاعدة من اتجاهات رئيسية ثلاثة، بدءاً من منطقة أحور في اتجاه المحفد ومودية المحفد في أبين.
 
وشاركت وحدات في تنفيذ حملة عسكرية في بلحاف باتجاه رضوم ميفعة في شبوة، فيوقت شنت وحدات عسكرية وأمنية عملية عسكرية أمنية باتجاه عقبة النقبة ـ حبان في شبوة. وتزامن عمليات الجيش الواسعة مع انعقاد مؤتمر اصدقاء اليمن، جلسات الاجتماع السابع، الذي عقد يوم 29 ابريل 2014 في مقر وزارة الخارجية البريطانية في لندن بمشاركة 39 دولة ومنظمة إقليمية ودولية.
 
القاعدة في اليمن بديلا للتنظيم المركزي
 
القاعدة في اليمن هي الأخطر وهي تختلف تماما عن بقية فروع التنظيم، فأن لم تكن اقواها فهي الأكثر تجذر في تعاليم القاعدة المركزي وهي الإكثر قربا ايدلوجيا وروحيا من زعاماتها ابرزها اسامة بن لادن وألظواهري. فألحديث عن القاعدة في اليمن يعني الحديث عن تنظيم يعتبر إمتدادا للتنظيم المركزي وممكن أن يكون بديلا لمعقله في افغانستان. وتأتي اهمية فرع اليمن من خلال قياداته ابرزها زعيمه ناصر الوحيشي والذي كان مقرب جدا من اسامة بن لادن.
 
التقارير الأستخبارية اوضحت بانه تم اختياره من قبل مجلس الشورى نائبا للظواهري . هذه التقارير جائت  في اعقاب قرار إدارة اوباما بغلق سفاراتها في المنطقة شهر أوكست 2013 وأعتراض وكالة ناسا ـ وكالة الإستخبارات الأميركية إلى مكالمة مابين الظواهري وألوحيشي .
 
أن تنظيم ألقاعدة في اليمن وشبه الجزيرة العربية يعتبر من اخطر التنظيمات الفرعية او المحلية للقاعدة وربما يمكن اعتباره بانه البدييل الى التنظيم المركزي في افغانستان ،بعد ان تعرضت قيادات التنظيم المركزي هناك الى التراجع.
 
إن أغلب قيادات القاعدة في اليمن هم من الذين قاتلوا في افغانستان او كانوا الى جنب بن لادن والتنظيم المركزي اكثر من بقية فروع التنظيمات.  واختلفت موازين العلاقة مابين الحكومة وألقاعدة خلال الفترة الأنتقالية وأستغلت القاعدة وفرعها المحلي ـ انصار الشريعة في اليمن فراغ السلطة في الاشهر الاولى من الحكومة الانتقالية لتعلن إماراتها الإسلامية  في زنجبار ـ محافظة إبين وجعار ـ  وقار وكذلك شبوة في مارس 2012.
 
كانت وما تزال مأربتشهد الكثير من نشاط القاعدة ، بسبب مساحتها وجغرافيتها الصحراوية ومتدادها مع اراضي المملكة العربية السعودية، بعد ان عزز من قوة التنظيم خصوصاً في الجنوب وأستغلت الجغرافية الصعبة ما بين إبين وحضرموت وشبوة وألبيضاء ومأرب بسبب غياب السلطة وأستطاع من إقامة معسكرات في مواقع اخرى منها معسكر تدريبي في منطقة زندان بمديرية أرحب.استغل تنظيم القاعدة استغل ضعف السلطة المركزية عام 2011 بسبب حركة الاحتجاج الشعبي ضد الرئيس اليمني السابق  صالح لتعزيز نفوذه وخصوصا في جنوب وشرق البلاد.
 
القاعدة تستهدف الموانيء والبحر
 
 شبكة القاعدة كانت حاضرة في ثورة التغيير 2011 واستيلاء التنظيم على مدينة زنجبار ـ ابين جنوب اليمن ولم تاتي عمليات القاعدة هذه من فراغ بل تعود الى مطلع التسعينيات بعد عودة المقاتلين الاسلامين من حرب افغانستان ضد السوفيت وانسحابه 1989 وفي حربه ضد الجنوب عام 1993 والتي كانت بداية لدخول القاعدة القصور الرئاسية. إن تنظيم القاعدة  في اليمن يعتبر قريب من خطوط الملاحة في البحر العربي ويهدد دائما بضرب السفن الاميركية.
 
وقد كشفت مصادر حكومية في اليمن عن مخطط قاعدة “اليمن وشبه الجزيرة العربية” في السابع من أوكست 2013 عن محاولة خطرة لتنظيم القاعدة يهدف للسيطرة على بعض مدن الجنوب اليمني وكذلك تنفيذ هجمات مسلحة على عدد من الموانئ المهمة التي يعمل فيها خبراء أجانب. وكان تنظيم القاعدة قد أعد مخططاً للسيطرة على مينائى الضبة والمنشآت النفطية في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، كبرى المحافظات الجنوبية اليمنية، عبر إنزال عدد من عناصره بالتظاهر وهم يرتدون الزي العسكري أمام المينائين ،هذه العمليات تأتي ضمن إستراتيجية ألقاعدة في ألقرن الافريقي والممتدة مع اليمن بامساك البحر والتعرض للسفن التجارية .
 
أما خلال الاشهر الاخيرة وفي وسط تحديات الحوار الوطني في اليمن 2013 ـ 2014 وتهديدات القاعدة فقد صعدت الولايات المتحدة العمليات خاصة عند محافظة مأرب. هذه العمليات رغم أنها تستهدف اقتناص قيادات القاعدة لكنها، لا تخلو من أعداد الضحايا الابرياء من السكان المحليين، يذهبون ضحية أستهداف القاعدة.
 
إن تنظيم أليمن يحتل الاهمية عن باقي التنظيمات المحلية للقاعدة، فالتنظيم ممكن أعتباره بديلا للتنظيم المركزي الذي بات غائبا عن الساحة واختصر دوره بالرمزية ورسائل الظواهري يعني تحوله الى ظاهرة اعلامية.
 
كان تنظيم اليمن وشبه جزيرة العرب وراء استهداف اهدافا خارج حدود اليمن بالاضافة الى التدريب والتسليح وهذا ما يجعله يحتل الصدارة في تنظيمات القاعدة. إن الموقع التي تتمتع به اليمن وقربها من الممرات البحرية الدولية والقرن الافريقي التي تعتبر ممرا رئيسيا للملاحة البحرية والتجارة الدولية يجعلها موضع اهتمام، هذا مايزيد من مخاوف الغرب والولايات المتحدة وحليفاتها في الخليج ازاء احتمالات سيطرة القاعدة على تلك الممرات البحرية. القاعدة في اليمن تبعث برسائل الى اميركا والى الدول الخليجية بانها ليست ببعيدة عنها لاسيما ان اليمن تمتلك حدود طويلة مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان.
 
إستهداف مجمع وزارة الدفاع
 
هاجمت مجموعة مسلحة من أثني عشرمسلحا، منتنظيم القاعدة،مجمع وزارة الدفاع في صنعاء ـ باب اليمنيوم 5 ديسمبر 2013، مما أسفر عن سقوط 56 قتيلا وعشرات الجرحى. ونفذ التنظيم خلال شهرمايس 2012 عملية انتحارية ربما كانت الاعنف، عندما فجر إنتحاري نفسه وسط سرية من الجنود خلال تمارين لعرض عسكري فيميدان السبعين بوسط صنعاء ما أسفر عن مقتل 96 عسكريا واصابة حوالي 300آخرين.
 
وقد صعدت القاعدة في اليمن من نشاطها خلال المرحلة الإنتقالية في اليمن مع إنعقاد جلسات الحوار الوطني في صنعاء اكتوبر2013. فألقاعدة تستثمرالخلافات السياسية في اليمن وهي تترقب مايجري من تطورات سياسية ابرزها الحوارالوطني. وكلما تقترب الحكومة من الأتفاق تصعد القاعدة عملياتها
 
القاعدة تعتمد الأغتيالات

لقد غيرت القاعدة من إستراتيجيتها مابعد مجيء هادي عبد ربه، فبراير 2012 فأتبعت إسلوب الإغتيالات لأفراد القوات المسلحة وعمليات تصفية، كانت تهدف من ورائها تصفية حسابات وإثارة الرعب عند اجهزة الأمن وألدفاع.
 
المشكل ان القاعدة في اليمن كانت في القصور الرئاسية وكانت على اطلاع بتفاصيل الحكومة وقريبة من العديد من الشخصيات المؤثرة في القرار. شهد التنظيم ترويضا من قبل علي صالح سابقا، من خلال توازن سياسة الحكومة وألتزاماتها مع الدول المانحة في مكافحة الأرهاب وألتعاون مع المملكة العربية السعودية من خلال توقيع الإتفاقات الثنائية وتبادل المعلومات.
 
وكان أسلوب الحوار الفكري مع بعض مقاتلي القاعدة والحوار معهم احد ميزات نظام صالح إبان حكمه. كان ترويض القاعدة  يتضمن أن لا تنشط القاعدة في الداخل ولا تستهدف النظام ولا المواطن اليمني، لكن شهدت ساحات القتال القاعدية ابرزها في العراق وفي الوقت الحاضر سوريا، حضور للمقاتليين اليمنيين .
 
تحول اليمن الى ارض “جهاد”
 
اليمن كانت ارض” مدد”وتدريب للمقاتليين، وتتمتع اليمن برمزية إستثنائية وهي إنها مسقط رأس بن لادن ـ حضرموت، لكن خلال السنتين الاخيرة من حكم صالح ماقبل 2010 ـ 2011 تحولت اليمن الى ارض جهاد في المنظور العقائدي التنظيمي.
 
القاعدة سبق ان اتجهت الى الملاذات الجبلية منتصف عام 2012، بعد العمليات الواسعة للجيش اليمني انذاك، اي ان التنظيم غير إستراتيجيته من إعلان محميات إسلامية خاصة في الجنوب بالتنسيق مع انصار الشريعة الى اتباع الكر والفر، اي بضرب المقرات العسكرية وغزوات الدوريات ونقاط التفتيش والانسحاب الى معاقله بدل من مسك الارض، هذه السياسة هي السياسة والتكتيك التي تتبعه القاعدة في مواجهاتها مع خصومها، التي تقوم على هدف إستنزاف الخصم ومطاولة المواجهة.
 
مايقوم به الجيش اليمني الان، هي خطوة بالأتجاه الصحيح، لكن من يفهم إن هذه العمليات تقضي على تنظيم القاعدة وخصوصا تنظيم بحجم تنظيم اليمن يكون خاطأ. لقد اجمعت الدراسات والمراقبون لشأن تنظيم القاعدة و”الجهاديون” انه لايمكن حسم المواجهة مع القاعدة عسكريا او من خلال معركة. القاعدة تختفي خلال العمليات الواسعة لتعود تظهر من جديد في تكتيك بات معروفا في السوح القتالية هو الكر والفر.
 
القاعدة في اليمن صعدت من عملياتها مع وصول الحوار اليمني الى اتفاق ومخارج ابرزها ان يكون في اليمن نظاما فدراليا، اعلان هذا المخرج، وقرب اليمن من الوصول الى نهاية الفترة الانتقالية، يدفع القاعدة عادة مثل ماهو موجود في مصر على سبيل المثال بتصعيد عملياتها محاولة منها لتعطيل العملية السياسية .
 
إن توقيت العمليات الواسعة من قبل الجيش في هذا الوقت، ومع انعقاد مؤتمر اصدقاء اليمن في لندن، يثير الكثير من التسائولات، حول جدية إستمرار هذه العمليات وامكانيات الجيش اليميني واللجان الوطنية من إعادة مسك الارض، خاصة في المناطق الجبلية. الرئيس اليمني كان يخاطب في كلمته الى مؤتمر اصدقاء اليمن بلغة ارقام المقاتلين الاجانب الموجودين في اليمن خاصة من اوربا.
 
بعض التحليلات اوعزت بأن هذه العمليات الواسعة ممكن ان تصنف بأنها عمليات ثأر ورد إعتبار وهيبة الحكومة والدولة في اليمن في اعقاب استعراض القاعدة خلال شهر ابريل 2014 واحتفائها بمقاتليها الفارين من سجن صنعاء.
 
أما سياسيا ومايتعلق في مدى تأثير اجتماعات اصدقاء اليمن، فللأسف خلال السنوات السابقة، لم تأتي ثمارها، وربما يعود السبب الاول فقدان الثقة مابين الدول المانحة والحكومة اليمنية بسبب الفساد، وهذا احد ابرز الاسباب الذي جعل من اليمن دولة فاشلة.
 
اليمن يتجه الآن في المسار الصحيح وضمن خارطة طريق سليمة ابرز ماتضمنتها هو الوصول الى حل توافقي حول مشكلة  الجنوب وصعدة ، الحوثيين، ونجاحه في إعادة هيكلة الأمن والدفاع ليكون قادرا في تنفيذ الخطط والأستراتيجيات لمواجهة التحديات  على المدى القريب والبعيد ابرزها تنظيم القاعدة في اليمن.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي