ثور احسن من الدجاجة بصراحة !!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ٣١ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٤:١١ مساءً
 
تسلل سلطان السلاطين إلى جفوني من دون ان اشعر و أنا أتخيل اليمن بعد قراءة جرعة ذلك اليوم من أخبار الرئاسه والتحكيم ب 20 ثور. و في ما يرى النائم, و جدت الناس في يمننا يتعلمون و يعملون بدلا من النقاشات و الحوارات و التبريرات و قضاء الوقت في الحديث عن السياسة و الدين والقبيلة، و اصبحوا يمنيين منتجين، يكسبون الحكمة ليس من التاريخ و التنظيير و انما من الكد و العرق.
فبعد ان كان الدين و الاعراف يشغل اليمنيين بمسائل الغيبيات و احداث 37 و 61 للهجرة ، صار دين الشعب العقل و الذي يفصل بين الخطأ و الصواب، و هما يقرران الحق في المناقشة و الرأي الأخر.لقد ترجم الرئيس هادي القرآن الى عمل و سلوكيات و علم الرئيس هادي اليمنيين لاول مرة حقيقة دينهم و شريعتهم الغراء بعد ان كانوا يجهلون ترجمته الى سلوكيات و عمل. و الغى الرئيس هادي شوؤن القبائل و انصار الله و الجماعات الجهادية التي لم يعد لها بقاء بعد ان انتشرت المدارس في كل منطقة و لم يعد في اليمن امام الدولة قبيلي او بدوي او قنديل او انفصالي او دحباشي لان الجميع يمنيين فقط. و ترجم الرئيس هادي قوانين سويسرا المدنية و الجنائية و قوانين اسكتلندا في الحكم المحلي الى اللغة العربية و جعلها الاساس للقضاء و الادارة في المحاكم بحيث لا تخرج على الاطر الدستورية من شريعتنا الغراء.
و الغى هادي طقوس الفيد على مؤسسات الدولة و الطقوس القبلية و الطائفية السخيفة المنشرة في اقليم ازال. و احال بيوت الوزراء و الشيوخ الى متاحف و فنادق تجذب السواح وتدر على الدولة بالارباح. و الغى جميع الامتيازات حقهم و اولادهم بلا مفاوضة . لكن عندما استبدل البندقية بالقلم بعد ثورة التغيير، ثار عليه المشايخ و القبائل و اصحاب المشاريع الطائفية، فشنقهم جميعا. كانت سياسة هادي مع رجال الحوثي و الفيد مروراً من رجال القبيلة و العسكر الى الدين تتسم بقسوة متناهية، يتعذر تصورها. فالذين احتجوا و عارضوا برنامجه الإصلاحي و التغيرات السياسية التي قام بها من اجل الدولة المدنية بعد التغيير، من خطباء الغرف الجانبية و المساجد و الكتاب و الشيوخ و المعممين من رجال الدين و العسكر و الانفصاليين و السادة و المرتزقة، الذين وقفوا في وجه الدولة المدنية، و كان عددهم يقدر بعشرات الالاف وقتها، اركبهم سفن غير صالحة للإبحار، ليستقروا في اعماق البحرين الاحمر و العربي من اجل مستقبل الاجيال.
اما في جانب اعماله الاصلاحية فإنه عمم المساواة بين الجنسين في الانتخابات لأول برلمان عصري و عمم التعليم الالزامي الى بعد الثانوية و عمم القلم بدل البندقية، كما عمم المساواة في المواريث بين الرجل و المرأة. و امم الكثير من شركات النظام السابق. و ابطل الرتب على اولاد المسئوليين و المنح و الوظائف العليا. وقال في احدى مقولته الشهيرة ( ان حاكم البلاد ليس رئيس الجمهورية، انما الانسان اليمني البسيط يقصد بها الزنبيل على حد علمي) و ليس في تاريخ العالم العربي كله ثورة استوعبت كل هذا التغيير في النظام الحكومي و الشعبي كما حدث في اليمن بقيادة الرئيس هادي. هكذا اصبحت اليمن دولة عصرية مستقلة ذات سيادة. كما اصبح اليمنيين في مدنهم و مزارعهم و مصانعهم و بيوتم، حتى في اخلاقهم أمّة عصرية حرة مسالمة لاتعرف الرصاصة ولا البندقية الا من التلفاز ،و لا تسكر بعقائدها و لا تبالي بغيبياتها و تقاليدها الماضية، انما تعيش بالعقل و الرأي السديد المتشبع بالعلم و حكمة العمل.
و لأمانة التاريخ عندما تركت مدينة صنعاء قبل ثورة التغيير الى المانيا، كانت معالمها لا تزال مدينة بدائية شرقية متأخرة، حتى ان معظم ارجاء المدينة كانت تذكرني بالأحياء الشعبية الفقيرة في الف ليلة و ليلة التي قرأتها في طفولتي. و لكن ما اشد دهشتي كانت عندما زرت صنعاء ثانية عام 2016م اي بعد خمس سنوات على التغيير و انا قادم من اوربا، شاهدتها و كأنها امتداد لمدن اوربا في تطورها و عمرانها و نظافتها و نظامها، شاهدتها تزهو بالحضارة الحديثة، و مظاهر التقدم و الازدهار و الامان تجلي الأبصار. 
بعدها رن تلفوني فطلع معي على الخط الدكتور ياسين القباطي من تعز و الذي اعادني الى كابوس واقعي من جديد فاستحيت ان اورد له حلمي و بالذات بعد سلخ الرئاسة بالامس الاثوار و اشتهار سوق نقم للمواشي و الغريب انه لايبعد كثير عن مقر الحوار الوطني.  فعلمت بعدها بصراحة ان ثور احسن من دجاجة كشعار للدولة  لاسيما بعد ان تقبيلت الدولة بدلاَ من تمدين القبيلة بعد التغيير . !!!!!
 
*رئيس قسم علم الحاسوب في جامعة مجدبورج في المانيا
الحجر الصحفي في زمن الحوثي