يسألوني عن تراجع إيلاف..!!

محمد الخامري
الثلاثاء ، ١٨ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٥٤ مساءً
كثير الحديث حول ان صحيفة ايلاف لم تعد كما كانت في السابق، وان اخبارها ليست لافتة، وان مقالاتي شخصيا لم تعد كما كانت منذ تأسيس ايلاف الى العام 2011م، وتساءل العديد من الزملاء والأصدقاء والمحبين الذين اتصلوا بي بطريقة او بأخرى عن سر هذا التقهقر، بل ان هناك من عرض عليّ التمويل لإصدار ايلاف يومية علّها تعود الى الواجهة كما كانت في السابق..
لكل هؤلاء، سواءً المتسائلين بصمت أو السائلين بجهر او المبادرين الى العروض التمويلية، اشكركم من اعماق قلبي فقد غمرتموني بسؤالكم والبحث عن مساعدتي، وبالتالي فأنا مدين لكم بالكشف عن الاسباب التي اوصلت إيلاف الى هذا المستوى، وأضنكم واثقون بأني لو أردتُ إعادتها الى الواجهة لاستطعت، ويشهد الله ثم كبار الزملاء الصحفيين بأني قادر على ذلك من خلال حرفيتي في الصحافة التي مارستها منذ سن مبكرة ولله الحمد، وهناك شواهد عدة تشهد لي بذلك سواءً موقع ايلاف الذي كان يقظُّ مضجع النظام السابق، او بداية صحيفة إيلاف التي كانت رغم الامكانيات البسيطة مقارنة بغيرها من الصحف التي كانت ممولة تمويلا كبيرا آنذاك، إلا انها استطاعت ان تحجز لها مكانا متقدما ضمن الصحف الورقية الى العام 2011م.
- اليوم، وبعد ثورةٍ قام بها الشباب عام 2011م اسقطت نصف (رأس) النظام السابق وأبقت على الجزء الاكبر من الرأس وبقية الجسد، فليس من المقبول ان نجعل من الثورة مغسلة لتبييض الصفحات السوداء لمن انضم اليها وتطهيره من كل افعاله وممارساته منذ اكثر من ثلاثة عقود، ليصبح فجأة الثائر النقي؛ نقاء قطر السماء..!!
لن اذكر أسماء.. اطمئنوا رغم ان البعض يُحب ذلك، ولايحق ليَ الاعتراض على أيٍ من القيادات السياسية والعسكرية التي انضمت الى الثورة، لكني أعترض على تقديسها وتأليهها، والدفاع عنها بحق وباطل، الامر الذي يزيد الطين بلة ويوسع الشق الموجود في النسيج المجتمعي، فالثائر الحقيقي من ينتهز الفرصة ويقوم بإصلاح ما أفسده خلال الفترة السابقة، بعدة ممارسات وإجراءات يقوم بها عمليا وليس إعلانا للاستهلاك الاعلامي فقط، منها إعادة الحقوق التي اغتصبها او نهبها، سواءً كانت مالية او عينية؛ لأصحابها، والاعتذار لمن عانوا من بطشه وظلمه، سواءً ظلما مباشراً منه شخصيا أو عبر احد مقربيه الذين كان يحميهم ويوفر لهم الغطاء للبطش والظلم والنهب المنظم لأملاك وحقوق الفُقراء والمستضعفين في الأرض..
- مع انتهاء الحراك الثوري الفاعل في الساحات، وتقاسم (الكدمة لأنها لم تعد كعكة) بين اطراف المبادرة الخليجية، أصبح حال ومنطق كل القوى السياسية والشخصيات العامة ومراكز النفوذ والقوى المختلفة: إذا لم تكن معي فأنت ضدي، ويتم التعامل معك وفق هذه القاعدة النازية، وأنا كنت ولازلت وسأظل ان شاء الله كالكثير من الشباب ورجالات اليمن؛ لا أؤمن بأن هناك من يُفكر أفضل مني ويجب ان أُسلم له بما يقول دون نقاش، لكني مستعد ان اناقشه ويقنعني او أقنعه، وهذا لايريدونه للأسف، فالمطلوب (بيادات) تنفذ ماتريده (القيادات) التي تجني الارباح المادية والمعنوية، كما اني أرفض ان يأتي شخص مهما علا في تفكيره او ماله او نفوذه او منصبه الرسمي او الحزبي او القبلي ان يتحكم بسلوكي او توجهاتي ويُملي عليّ مايريده لمصلحته الشخصية او لمصلحة حزبه او توجهه الفكري والايدولوجي، بل وأعتبر هذا منافيا لفطرة الله التي فطر الناس عليها، وتمييزه لهم بالعقل الذي يفكرون به وجعله مناط التكليف الذي يُفضي الى الجنة او النار، عكس المجنون غير المُكلف.
- بالمقابل، هناك العديد من الزملاء الصحفيين رأوا في هذه الفترة الحرجة من حياة اليمن واليمنيين؛ فرصة ذهبية لمشاغباتهم وإبراز مواهبهم في الاثارة وتوجيه الشارع الحائر تبعا لرؤاهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية، وحققوا نجاحات كبيرة في اثبات الوجود وفرض اسماءهم على الذاكرة، والبيع أكثر، لأنهم عملوا على اشباع رغبة شريحة واسعة من المواطنين الذين تستهويهم العناوين البراقة والإثارة الجريئة والصور المفبركة، ويرون انها متنفسا لما يجول في دواخلهم، وينظرون او يأملون بأنها أداة فاعلة للضغط باتجاه تحسين اوضاعهم والخروج من عنق الزجاجة.
باختصار؛ البلاد تمر بمرحلة استثنائية حرجة جدا، ويكفي تصعيد السياسيين ومناكفاتهم التي لاتنتهي، ولاتحتمل ان يتبنى الاعلام بكل وسائله قضايا تثير الرأي العام وتعجل بالانفجار الشعبي او السياسي بين الفرقاء، او المسلح الذي تسعى بعض الدول الاقليمية للتعجيل به لأهداف خفية يعملون عليها منذ تحقيق الوحدة عام 90م رغم يقينهم بصعوبة فرض الوصاية الكاملة على البلاد بسبب القبيلة والسلاح ورجال اليمن، وبالتالي فقد بدأ السيناريو بالأقاليم..!
ولاني لستُ محسوبا على حزب سياسي او تيار فكري محدد فسأظل هكذا؛ دون إثارة ولامشاغبة، تعبُداً لله وخدمة للوطن؛ الذي أرى انه في حاجة ماسّة هذه الايام الى الصّمت اكثر من الكلام، وبما انني لستُ محسوبا على أي جهة؛ سواءً كانت رسمية او شعبية، فليس لي موقفٌ واضح على طول الخط وفي كل مايُثار كقضايا رأي عام يتم الحديث حولها، وإنما لي رأي في كل قضية على حده، فتراني اوافق وادفع وادعم رأيا سياسيا اتخذه سياسي معين او حزب محدد مثلا، وفي اليوم الثاني انتقد رأيا اخر لنفس الشخص او الحزب، لا لشيء إلا لأنه اجتهاد سياسي وعمل بشري يمكن ان يكون صوابا ويمكن ان يكون خطأ، ثم لأنني لستُ من فريقه او احد اعضائه الذين يُروجون لأفكاره وآرائه ومشاريعه التي يعمل عليها وفق اجندة سياسية محددة..
- اعتقد شخصيا ان هناك مخططا نسير عليه وإليه في اليمن، مرسوم الملامح ومحدد الخطوات، وهناك من يدفع ومن يروج ومن يتوسط ومن يستلم الاموال الكثيرة لتنفيذه والدفع به، ولن أُفصِّل كثيرا في هذا المقال لاني ارى اني قد طولت، لكني سأشير الى بعض النقاط المخيفة والأسماء التي يمكن ان تُستغل من قبل الاخرين او تفتعل هي نفسها المشاكل والقلاقل التي بسببها سندخل في دوامة من الدماء والفوضى غير الخلاقة ولن تنتهي لأسباب كثيرة يمكن ايجازها بالنظر الى الصومال..
- اعتقد ان هناك دورا مرسوما للحوثيين يتم توجيههم للقيام به بطريقة غير مباشرة من خلال السكوت عما يقومون به، وإغراءهم بالمزيد من السيطرة والتوسع ونشر انصارهم ومسلحيهم، وهم يقومون بذلك تبعا لمشروعهم الخاص الذي يطمحون من خلاله الى اثبات وجودهم كجماعة قوية تنتصر لمظلوميتهم التي استمرت طويلا، ولايرون انهم ينزلقون في أي مخطط اخر او ينفذون اجندة غير مشروعهم..
- كما اعتقد ان السلفيين وتهجيرهم من دمّاج بأسلحتهم التي تم تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية، ومما لاشك فيه ان من بين الكاميرات التي كانت تصورهم؛ كاميرات خاصة ليست اعلامية ولاعلاقة لها بالإعلام، واعتقد ان خروجهم بتلك الطريقة يأتي ضمن مخطط لاستغلالهم مستقبلا، سواءً اكل الثوم بفمهم، كالتخلص من بعض الشخصيات ونسبها اليهم وسيتم اطلاق تسمية ارهابية عليهم وما أسهلها، او توجيههم بالإيحاء بطريقة غير مباشرة ايضا بزرع بعض العناصر الاستخباراتية في اوساطهم وبدء فرز المجتمع والشخصيات الى مسلمين وكافرين وعلمانين ومحادين لله وووو الخ، وبالتالي فان من يقتل محادا لله او كافر فانه سيخدم الاسلام والمسلمين ولو قتل فالى الجنة مباشرة..
- وهناك صنف ثالث ستستقبله اليمن قريبا باتفاق اقليمي وتوجيه غير مباشر بان اليمن هي افضل مكان لهم، وهم المجاهدون العائدون من سوريا، الذين سيكونون تحت دائرة الضوء وسيتم بهم خلط الأوراق المحلية والاقليمية..
* المخاوف كثيرة والأمور معقدة جدا، وأسأل الله جلّ في علاه ان يحفظ اليمن واليمنيين وان يأخذ بأيدينا الى كل خير، وان يضرب الظالمين بالظالمين وان يخرجنا وبلادنا من بينهم سالمين.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي