قراءة في قرار مجلس الأمن 2140 بشأن اليمن

نادية عبدالعزيز السقاف
الجمعة ، ٢٨ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٢ مساءً
قرار مجلس الأمن عن اليمن الذي صدر أمس الأول حمل العديد من الرسائل والتي يمكن أن تعطي مؤشرات عن المرحلة القادمة وفرصاً لإصلاح الوضع في اليمن، فمثلاً بالرغم من أن مجلس الأمن أعطى فرصة سنة قبل تجميد أموال الجهات أو الأشخاص المعرقلين؛ إلا أن هذا يعطي فرصة خلال السنة لحصر أموال وأصول للأشخاص المعنيين بالقرار بشكل مباشر أو أقربائهم؛ معناه نستطيع أن نرى كم تم نهب من أموال، وأين ذهبت وبالتالي مشوار استردادها قد بدأ حتى من دون لجنة تقصّي الحقائق، فهناك جهات تقوم بتتبع الأموال والتي يمكنها أن تكتشف الطرق المختلفة التي يقوم بها بعض المسؤولين بتهريب أموالهم أو حفظها تحت أسماء أقربائهم أو شركات وهمية، مثلاً استطاعت جهات متخصصة أن تتعقب آثار أموال الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالرغم من أنه استطاع تهريبها نقداً وعبر أصول وتحت أسماء مختلفة. وأيضاً على سبيل المثال صرّحت الحكومة الأمريكية أن مقدار ثروة القذافي المجمدة وصلت إلى 31.5 مليار دولار، ولذا بالرغم من أن هناك فجوة بـ10 أشهر من تقرير لجنة تقصي المعرقلين للانتقال السلمي للسلطة في اليمن وبين تنفيذ أية عقوبات؛ إلا أن هذا من ناحية قانونية لن يفيد المعرقلين، حيث إن الأموال التي سوف تجمد بانتظار ما تقرّره الدول المعنية بالشراكة مع مجلس الأمن ستكون تلك التي تم توثيقها عند إصدار القرار وليس عند تنفيذه، وفي نفس الإطار يسمح قرار مجلس الأمن 2140 للأشخاص الذين يتم تجميد أموالهم بإبقاء مبالغ يعيشون منها أو أية التزامات أخرى مثل أقساط أو الوفاء بعقود عليها تبعات مالية، كما حمل هذا القرار في طيه رسائل أخرى منها رسالة إلى المكونات السياسية التي إلى الآن لم تقتنع بالدولة الفيدرالية ولاتزال تطالب بالانفصال أو استعادة الدولة، بأن عليهم أن ينسوا هذا المطلب ويلتزموا بالمشاركة الفاعلة في إطار دولة يمنية واحدة بنظام فيدرالي. 
 القرار أيضاً تحدث عن الأعمال الإرهابية والتخريبية أو انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا في حد ذاته وسّع مجالاً ما يمكن اتخاذه في إطار هذا القرار ليشمل الجماعات المسلحة من مختلف القوى وليس فقط السياسيين، وبالتالي يمكن أن يمثل هذا القرار مرجعية لمحاسبة وردع حتى الجهات القبلية والدينية التي تستخدم السلاح وليس فقط الإرهابيين والخارجين عن القانون. من أهم مخرجات القرار أنه تحدّث عن انتهاكات 2011م ضد المتظاهرين السلميين، وأن الرئيس عليه أن يعيد تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث 2011م، وفي نفس الوقت الإسراع بإصدار قانون العدالة الانتقالية. 
 وبالرغم من أنه لم يذكر الرئيس السابق بالإسم؛ فإن القرار تحدّث أن عملية الانتقال السلمي للسلطة لم تتم بشكل كامل؛ وهذا يعطي حزب المؤتمر الشعبي العام فرصة لخلق منصب اعتباري فخري للرئيس السابق ليكون الزعيم المؤسس ويتم انتخاب رئيس ولجنة عامة جديدة للحزب؛ الأمر الذي كان يحاول الكثير من أعضاء الحزب عمله خلال الفترة الماضية ولم يستطيعوا إقناع الرئيس السابق التخلّي عن السياسة، وبالتالي سيصبح هذا القرار هو الدافع الذي سيساعد في الإسراع في إبعاد صالح عن السياسة وبالذات عن التحكم بالمؤتمر الشعبي العام. 
 رسالة أخرى يحملها القرار وهي تدل وإن ليس صراحة أننا لن نستطيع القيام بأي انتخابات أو حتى الاستفتاء على الدستور قبل إصلاح النظام الانتخابي بما فيه سجلات الناخبين؛ الأمر الذي سيتطلّب سنة كاملة على الأقل، وبالتالي هذا يعني أن الاستفتاء على الدستور سوف يتأخر إلى 2015م، وان الانتخابات يمكن أن تحدث في نفس العام أو حتى العام الذي يليه، وبالتالي يحدث تمديد تلقائي للرئيس هادي حتى يسلّم اليمن إلى الرئيس الجديد الذي يتم انتخابه لاحقاً. 
 هذا أيضاً يعني أن السنتين القادمتين لليمن هما اللتان سيتم فيهما تحديد وضع اليمن ومدى نجاح مؤتمر الحوار مثلاً وغيرها من المحطات السابقة، بالرغم من أن المؤشرات الأولية بعد مؤتمر الحوار مُحبِطة؛ أولها أن تشكيل لجنة صياغة الدستور استولى عليه السياسيون؛ في حين كان من المفترض أن يكون حصراً على القانونيين الدستوريين بطريقة المفاضلة المفتوحة وليس محاصصة بين الأحزاب كما يحدث الآن، والمؤشر الثاني هو أن تغيير الحكومة تأخر وهناك إشارات إلى أنه سيعتمد نفس أسلوب المحاصصة السياسية وليس الكفاءات كما كنا نأمل. 
 باختصار، قرار مجلس الأمن جاء ليذكّر اليمنيين أن يتوقفوا عن ألاعيبهم القديمة وأن يلتزموا بما اتفقوا عليه من خلال مؤتمر الحوار، ولا أدري كيف ستكون المرحلة القادمة؛ ولكن إذا تركت الأمور لنا نحن اليمنيين فسوف نهد كل ما بنيناه حتى الآن..!!. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي