هل يلفظ أبناء مأرب سفهائهم ؟

منال القدسي
الثلاثاء ، ٢٥ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٤ مساءً
إنها تعز تنشد الحياة المدنية، وطبيعة أبناءها متمدنين يجنحون للسلم ويحتكمون للقانون.. ولكن تعز حين تغضب تُكشر عن أنيابها وحين لا تجد للقانون طريقاً فانها تلجأ اضطرارا لأساليب لا تحبذها وإنما تتناسب مع من يحاولون إقلاق سكينتها وتشويه مدنيتها أو ظلم أحد أبنائها من أي فئة كان.. تعز تقف مع المظلوم من أبناء أي محافظة لأن طبيعتها وطبيعة أبنائها لا يقبلون بالظلم الذي ذاقوا مرارته منذ 1918م وحتى ثورة 11 فبراير 2011م.
تعز صبرت ومازالت صابرة على الفقر والجوع والتهميش والإقصاء ولكنها لا تصبر على المهانة.. فأبناء تعز كرامتهم أهم من حياتهم، وهذا ماجسده العقيد البطل حسن سالم القباطي الذي رفض تسليم سلاحه لخاطفيه قائلاً لهم "أموت دونه" وبالرغم من إختطافه وسيارته وإحتجازه لم يتخلى عن سلاحه.
فمن هو العقيد حسن سالم القباطي؟
هو نائب قائد اللواء 101 مشاة المرابط في البقع، في الـ 6 من شهر يناير الماضي كان الرجل في طريقه الى بيته في إجازة، وتم التقطع له في الطريق من قبل بعض المسلحين من آل جدعان وآل شبوان ونهم عددهم يتراوح بين 12 – 15 مسلح نهبوا سيارة الرجل وباعوا المؤونة (مواد غذائية) كان قد أشتراها لأهل بيته وباعوها أمام عينه وقاموا بمصادرة سيارته، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل صبوا عليه وعلى مرافقيه سيل من الشتائم والإهانات بلهجة مناطقية "أنتم عصادين" و"غيرها" وقاموا بإحتجازه مع إثنين من مرافقيه، ورفض العقيد حسن القباطي تجريده من سلاحه وتم إحتجازهم لأيام ولم يُخلى سبيلهم إلا بعد وساطات وتحركات من زملاءه في اللواء.. وبعد الإفراج عنه، قام بمطالبة المختطفين بسيارته وذهب الى بعض مشائخهم ووجهاءهم طالباً منهم التوسط للإفراج عن سيارته ولكن دون جدوى، بل تعرض للمزيد من التهديد هو وزملاءه حيث قيل له "إخرج من مأرب حي قبل أن تخرج ميت"، بعد ذلك لجأ الى الجهات الحكومية وتقدم بشكاوى الى وزير الدفاع والعمليات والاركان، ولم ينصفه أحد.. حينها قرر العقيد القباطي أن يأخذ حقه بيده.. هو غير مقتنعا بتلك الأساليب ولكن أولئك الحثالة من قطاع الطرق عدمت كل وسائل التعامل معهم ومع بعض مشائخهم وعجزت الدولة عن ردعهم وباتت كل الخيارات مفتوحة لإسترجاع الحق والإعتبار.. ذهب الى منطقته وأحتجز قاطرة تابعة لأل جدعان وأل شبوان، وطالبهم بإعادة سيارته (هيلوكس 2002) والإعتذار ورد الإعتبار له ولمرافقيه..
وبالرغم من التهديدات التي تعرض لها العقيد حسن سالم القباطي للضغط عليه للإفراج عن القاطرة إلا أنه مازال صامداً في جبال القبيطة التي تحتضنه بصمود منذ أكثر من شهر.. ألتف حول العقيد حسن أبطال أبت أنفسهم الضيم وفزعوا لأخذ حقهم بالطريقة والأسلوب الذي يفهمه الطرف الأخر من حثالة البشر الذين لم يردعهم دين ولا دولة ولا أي وازع أخلاقي عن ممارسة أحط وأدنى الأعمال التي تتعارض مع كل القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية.. لانعلم من أي سليل ينحدرون.. أشكالهم بشر ولكنهم لا يحملون من صفات البشر شيء.
وفي ظل غياب الدولة وغياب القانون وفي ظل تسيد الطرف الأقوى على الطرف الأضعف فإن لسان حال تعز "العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم" فتعز الأمس ليست تعز اليوم، تعز ترتدي ثوب المدنية ولكن المدنية لاتعني ان يتقبل الأنسان المهانة من حثالة بشر لا يحملون ولا يعرفون عن القيم شيء.. كل قيمهم واخلاقيتهم وملتهم تنحصر بالماده..
هذه الحادثة وعلى رغم من مرور أكثر من شهر على بدايتها وتدخل وساطات قبلية من الطرفين ليس لإحقاق الحق وإنما لإرضاء اللصوص.. ونعلم كيف أولئك الفئة من البشر من يسمون أنفسهم وجهاء ومشائخ ويتدخلون بمختلف القضايا دون مراعاة لشرع الله ولا حراما او حلال.. كيف لا!! وهم يتوسطون بين اللصوص والمعتدى عليهم وغالبا ما تكون كفتهم مرجحة للصوص.. فلو كانوا وجهاء ومشائخ حقا لوقفوا الى جانب الحق ودافعوا عنه.. ومن المؤسف ان يكون الوسيط رجل أعمال من أهل القبيطه وسيطا ذليلا لفئة من اللصوص وقطاع الطرق.. كنا ننتظر ان يقف مع ابناء منطقته ويطالب برد إعتبار المعتدى عليه واعادة سيارته المنهوبة ولكن نرى العجائب في هولاء الوسطاء.
تحية لك ايها القائد الشجاع حسن القباطي وتحية لكل الشرفاء الذي التفوا حولك أو ساندوك بمواقفهم او بالكلمة وذلك اضعف الأيمان.. وكما تمنيت لو كنت رجلا لأنضممت الى صفوفكم نصرة للحق ورفضا للضيم.. وثق ان الله معك وقلوبنا معك والدولة معك بقلبها ولكن لاحول لها ولاقوة وكان الله بعونها.
إن أبناء تعز وأبناء لحج يوجهون رسالة للجميع بأنهم واقفون مع الحق وسيدافعون عنه ولن يقبلوا الضيم على احد منهم خصوصا وان كان ذلك الضيم من لصوص وقطاع طرق.. ونطالب الشرفاء من ابناء آل شبوان وآل جدعان بإستنكار مثل هذه التصرفات من قبل بعض أبنائهم فهي تسيء لهم جميعا.. فنحن لا نطالب ولا نطلب من أهل مأرب شيئ إلا أن نمر في مناطقهم بسلام كما يمرون هم في مناطقنا بسلام وآمان، وأن يلتزموا بذلك حتى تنتهي الفترة الإنتقالية وتستقر دولة الديمقراطية والمدنية ونكون جميعنا سواسية أمام القانون.
تتردد أنباء عن وساطات ومساعي من قبل احد رجال الأعمال المعروفين في تعز لأقناع أبناء القبيطة بالإفراج عن القواطر المحجوزة وليته قبل ان يباشر تدخله يقنع اللصوص بإعادة السيارة المنهوبة ويتذكر ماذا فعل هؤلاء اللصوص بأحد أبنائهم عندما اختطفوه ليساوموا عليه بمبالغ نقدية كبيرة.. والله العالم على ماذا أنتهت تلك الحادثة المؤلمة.. التي سبقتها حادثة أشد بشاعة وهي حادثة اغتيال الدكتور فيصل سعيد المخلافي.. لانريد أن نقول ان لبعض أبناء مأرب تاريخ حافل بالإجرام مع أبناء تعز لأننا على يقين بأن هناك الكثير من أبناء مأرب الشرفاء لايقبلون بمثل تلك السلوكيات المشينة ونناشدهم بلفظ تلك المجموعات الإجرامية من مناطقهم أو تسليمهم للعدالة فهم يسيئون لكل أبناء مأرب بل وأبناء اليمن.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي