بفقد هذا الرجل فقدت تعز خاصة واليمن عامة كتلة من القيم والمروءة

محمد مقبل الحميري
الجمعة ، ٢١ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٧ مساءً
‏يحكى ان رجلا ثريا كان يصفه الناس بالبخل لعدم كرمه وعطائه للآخرين ، وكان يتقبل هذه الصفة بكل برود ، ولا يثيره هذا النعت من قبل الآخرين.
عندما مات هذا الثري البخيل انقطعت كفالة الف اسرة كان فاعل خير يكفلهم بشكل دائم وهم دون ان يعرفون من فاعل الخير هذا الذي يكفلهم ، وبوفاة هذا الرجل وانقطاع المدد عنهم هنا عرف الجميع ان هذا الثري البخيل خو الذي كان يكفلهم ، ويساهم في اعمال خيرة اخرى  ، ولم يأبه لكلام الناس عنه ووصفه بصفة البخل لانه كان يعمل ذلك لمرضات الله وليس لكسب شهرة او لان يمدحه الناس .. 
 هذه الخاطرة ذكرتني بأحد الاثرياء فقدناه قبل شهور بانتقاله الى جوار ربه ، كثير من الناس آخذين عنه فكرة على غير حقيقته لانه لم يكن ليعير الإعلاميين ومن لديهم وسائل الترويج للاشخاص ، ولكن على الواقع انقذ كثير من المعسرين المسجونين وكل مدراء السجون ورؤساء النيابات في اليمن يعلمون بدوره ، وانقذ الكثير من حبل المشنقة بدفع الديات عنهم وساعد كثيرا من المرضى والمصابين ، كثير من الناس لا يعلمون انه هو من تكفل بعلاج الاشخاص الذين اصيبوا بأول قنبلة ألقيت على المعتصمين بساحة الحرية بتعز ودفع خمسة ملايين ريال عبري شخصيا لتكريم اسر شهداء مسيرة الحياة وطلب مني عدم ذكر اسمه ، بعد وفاته التقيت بكثر من البسطاء يبكون عليه وأتى بعضهم من محافظات عدة لتقديم العزاء رغم قلة الإمكانات لديهم .
 حدثني احد الاخوة الأفاضل من ابناء منطقة الرمادة انه التقى بأحد ابناء مدينة عدن من عامة الناس الفقراء واخبره انه كان يعالج أبناءه من السرطان في القاهرة ، وكان قد نفدت كل مالديه من نقود واسودت الدنيا في وجهه وفجأة التقاه هذا الرجال الذي احدثكم عنه ، وعندما عرف بحالته وما يعانيه تكفل بعلاجه مع كافة أبناءه حتى شافاهم الله من مرضهم ، وأثناء لقاء في مقيل جمعني بالدكتور عبدالملك البعداني اخو النائب البرلماني صادق البعداني وبالفنان الكبير محمد عطروش وعندما ذكر احد الحاضرين فقيدنا هذا اذا بالفنان عطروش يحدثنا والحزن باديا على وحهه وعينيه تكادان تدعمان فقال لقد اصبت بمرض وكذلك زوجتي وطرقت كل الابواب الحكومية حتى وصلت رئاسة الجمهورية ولكن دون جدوى فاستسلمت لقدري الذي كتب ، فجمعني الله بهذا الرجل على غير ميعاد وسألني عن حالي وعندما علم بما أعانيه قال لي انا سأعالجك بإذن الله على حسابي لم اصدق الخبر حينها واذا به يكلف من يرتب إجراءات سفري مع أولادي فسافرت للعلاج وكان يطمئن علي بنفسه بين فترة وأخرى حتى شفاني الله بعد ان كان اليأس قد بلغ بي مداه ، وبقي يتعهدني بالمساعدة حتى توفاه الله ، اتصلت به قبل وفاته بشهر وسألني عن صحتي وقلت له انشاء الله التقي به في قادم الايام فرد علي بقوله لا اعتقد اننا سنلتقي مرة اخرى وكأنه كان يرى ان اجله قد ازف .. انتهى كلام الاستاذ عطروش ، وتناول الحديث بعده الدكتور عبدالملك البعداني فقال عندما كنت ملحقا طبيا في القاهرة التقيت بإلحاج الفقيد وكانت اول مرة التقي به أعطاني مبلغا محترما من المال وقال لي انفق هذا المبلغ على من تراه محتاجا من المرضى اليمنيين ومن ذمتي الى ذمتك.. ومن امثال ذلك الكثير .. وكان رحمه الله مجرد ما يسمع أذان الصلاة يقوم مباشرة ويلقي بالقات من فمه ويتوضأ ويودي الصلاة في وقتها ، وشهادة لله فقد التقيت به مرارا ولم اره مرة واحدة يتقاعس عن اداء صلاة المغرب جماعة..
ذكرت بعض اعماله الخيرة باعتباره قد انتقل الى جوار ربه ورسولنا الأعظم يقول " اذكروا محاسن موتاكم " ولان الكثير لديه معلومات مغلوطة عن هذا الرجل وكل من عرفه عن قرب يجده عكس ما يذكره به الذين لا يعرفونه وانا شخصيا كانت معلوماتي قبل معرفته مستقاه ممن يشوهون صور الآخرين لسبب او لآخر وصدق سيدنا عمر بن الخطاب عندما جاء احد الناس يشهد انه يعرف فلانا من الناس فرد عليه الفاروق بأسئلة محدده : هل سافرت معه ؟ قال لا ! هل تعاملت معه بالدرهم والدينار؟ قال لا ! فقال له الفاروق لعلك رأيته يطيل السجود! قال : نعم ! فقال له : اذن لا تعرفه!.
 
بفقد هذا الرجل فقدنا كتلة من القيم والمروءة!
 
هل علمتم من هو ؟
انه فقيد تعز خاصة واليمن عامة الحاج توفيق عبد الرحيم مطهر رحمة الله عليه .. ونسأله تعالى ان يجازيه خير الجزاء ويتجاوز عن سيأته ، ويجله ووالدينا في عليين. انه سميع مجيب.. اللهم آمين.
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي