دماج.. بقايا الدمار

علي الجرادي
الاربعاء ، ٢٢ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٢٩ مساءً
وحدها المنازل مهجورة تشكوا الوحشة، جدران تتحدث عن شخابيط الأطفال وبرأتهم، وعن قساوة الغربة التي تعيشها الآن، في دماج، الصمت أكثر تعبيراً من الكلام .ربما لأن شلالات الدم ودوراته المتدفقة ،وأدوات القتل العبثية لا تبشر بالخير ولا تمنح التفاؤل بالغد ،بقدر ما تقطع كل خيوط الأمل بالمستقبل، رغم الانطباعات التي واتتنا من حوارنا الوطني المغلوب على أمره ومخرجاته التي نلمسها اليوم على بوابة "سعوان" ومازلنا تحت سقف قاعاته؛ هذه المخرجات التي لا يستوعبها المنطق ولا العقل (نتحاور هنا ونتحارب و نُهجر من هناك)حالة مقززة يصيبك فيها الشعور بالقرف من الواقع وبعدمية الخروج من هذه المعمعة والدوامة التي تسوقنا نحو نفقٍ مجهول الذي لا نتمناه..! سنة وشيعة وزيدية وشافعية وقاعدة، وأبواق تكفيرية، جميعها مشاريع هدم ومعاول تدمير شأنها أن تقف أمام العقل والتطور، تريد العودة بنا إلى الوراء نحو عصور التخلف والظلام ؛هذه المشاريع التافهة التي تتلوى كما القَملة فهي تزحف وتتلوى ولا تريد التوقف في مكان، إلى أن يذبل الجسم بكامله ويترهل بفعل حشرات القمل الصغيرة. 
 
فما يحدث اليوم من تهجير وقتل للأرواح أيً كانت هذه الأرواح حوثية أو سلفية فهي ذلك النسيج اليمني الممزق الذي أصبحنا نتحاور ليس من أجل أن يلتحم بل لينتهي؛ نعم كنا تواقين إلى رؤية هذا البلد محفوفاً بالورد بديلاً عن السلاح، مغموراً بروائح العطر والفرح لا بروائح الدم والبارود؛ صدقوني هذا السيل من الرصاص هو نتاج لتناقضاتنا العجيبة وتعصباتنا القذرة والعمياء ونظرتنا الضيقة للأمور ؛فأي إصلاح حقيقي يحتاج إلى جيل أو أكثر حتى يتم انتزاع ثقافة القمع والعنف والتمترس للآخر من العقول السليطة السائدة اليوم ،وتعليم الأجيال الجديدة ثقافة احترام حرية ممارسة الدين، وإدراك حقيقة وجودنا كبشر موكلين بصناعة الحياة لا بصناعة الموت. 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي